سوريون يحاولون الاختباء من بطش مروحيات الأسد في حلب

أدرك المسؤولون في موسكو، أن عليهم التفكير بالابتعاد عن شريكهم الذي تعاون معهم لفترة طويلة، بعد عدة دلائل على أن الحالة في دمشق لا يمكن أن تعود الى ما كانت عليه ما قبل الانتفاضة.


القاهرة: بدا من الواضح لكثير من المسؤولين في موسكو أن نظام الأسد لن يتمكن من العودة للوضع الذي كانت عليه سوريا في مرحلة ما قبل الانتفاضة، وهو ما سيجبرهم على التفكير في الإنصراف عن شريك ظل يتعاون معهم لفترة زمنية طويلة.

وهو ما علقت عليه مجلة التايم الأميركية، بلفتها في مستهلّ حديثها إلى حقيقة تغيّر الواقع في سوريا بصورة كبيرة، وصعوبة عودة الأمور لما كانت عليه، خاصة في ظل احتدام أعمال القتال بين الثوار المسلحين وقوات نظام الرئيس بشار الأسد.

ثم نوهت بالزيارات التي يقوم بها العشرات من الدبلوماسيين والمسؤولين والخبراء الاستراتيجيين العسكريين الروس من وإلى دمشق بأغراض مختلفة، إما كمراقبي انتخابات أو وسطاء سلام أو داعمين للنظام. وقالت إن أحدهم ويدعى أندريه كليموف، يزور البلاد لأغراض شخصية، لكنه تواجد هناك قبل بضعة أيام لحساب الخيارات المتاحة أمام سوريا، وكذلك روسيا، في ذلك الصراع الذي تشهده البلاد.

وأعقبت المجلة بتأكيدها أن أي آمال بأن تمكن قوات الأسد من القضاء على الثورة بدأت تبدو مخادعة ووهمية، وأن روسيا، التي تعتبر واحدة من أقدم وأقوى حلفاء الأسد، باتت راضخة لاحتمالية سقوطه. وأوردت في هذا الجانب عن كليموف قوله: quot;لا أعتقد أن أي أحد في العالم، بمن فيهم الأسد نفسه، يؤمن تماماً بأنه سيكون قادراً على فرض سيطرته على البلاد لسنوات قادمة. وأنا أرى أن الوضع المثالي سيحدث إذا سلم الأسد السلطة لشخص آخر، يمكنه أن يحافظ على الطبيعة العلمانية للنظام والتأكد من أن سوريا لن تصبح جهة تتسبب بإثارة المتاعب في المنطقةquot;.

ومضت المجلة تقول إنه حتى إن وافق الكرملين على ذلك التقييم، فإنه لم يعلن بعد عن تلك النتيجة. وما زال يتمسك الرئيس فلاديمير بوتين بوجهة النظر التي ترى أن جانبي الصراع بحاجة للتفاوض من أجل التوصل إلى قرار خاص بهم، وقد أشار يوم الـ 23 من شهر تموز (يوليو) الجاري إلى أن إجبار الأسد على الرحيل سيزيد الأمور سوءًا.

وهو المعنى نفسه الذي سبق أن عبّر عنه فيتالي شيركين، سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، في شباط (فبراير) الماضي، حين تحدث عن صعوبة تخلي بلاده عن دولة حليفة لها بين عشية وضحاها. ومع هذا، لم تغفل المجلة الإشارة إلى حقيقة مشاعر الإرباك التي سببتها سوريا بالفعل لروسيا، وهو ما يبدو واضحاً الآن من خلال رفض كبار المسؤولين الروس الظهور بشكل علني هذه الأيام، خاصة في الغرب، لأسباب مختلفة.

وبالفعل بدأت تغير موسكو موقفها تجاه الأحداث في سوريا، على نحو تدريجي، حيث أبعدت نفسها يوم الثلاثاء الماضي عن مسلسل الأخطاء السورية، خاصة بعد إشارة المتحدث باسم الخارجية السورية إلى أن النظام قد يستخدم الأسلحة الكيميائية، المحظورة بموجب القوانين الإنسانية الدولية، في حالة تعرض البلاد لهجوم خارجي.

ولفتت المجلة كذلك إلى مشاعر الضيق التي تهيمن على بعض المسؤولين العسكريين في روسيا، على خلفية ما ينظرون إليه باعتباره ترددا من جانب نظام الأسد في مقاتلة الثوار.

ومضت التايم تقول إن موسكو وجدت نفسها في موقف حرج، حيث تعين عليها دعوة الثوار لإجراء محادثات، ما أعطى ربما الإشارة الأوضح على أن روسيا تتطلع إلى مرحلة ما بعد الأسد. وفي تصريحات سبق أن أدلت بها للتايم، قالت بسمة قضماني، مسؤولة ملف الشؤون الخارجية في المجلس الوطني السوري: quot;يبحث الروس عن شركاء في المعارضةquot;. فيما قال عضو المجلس الوطني السوري، منذر ماخوس، الذي شارك في محادثات مع الجانب الروسي، إن أحد كبار الدبلوماسيين الروس حاول كذلك أن يعبر عن تعاطفه مع قضية الثوار، وأضاف:quot;خلال إحدى الاستراحات، مال عليّ هذا الدبلوماسي وقال ( نعلم أن الأسد مثل ستالين )quot;.

وختاماً، أكدت المجلة أن روسيا بدأت تملّ من أن ينظر إليها باعتبارها الجهة التي توفر الحماية لنظام الأسد. وبخصوص إمكانية منح الأسد حق اللجوء السياسي، عاودت التايم لتنقل عن كليموف قوله: quot;ولم لا تستقبله استراليا ؟ فلم لا تدلي بدلوها في قضية السلام الدولي ؟ وأنا أرى أن منح حق اللجوء لعائلة الأسد سيزيد من عدد الخطايا التي يفترض أن روسيا اقترفتها. وإلى جانب ذلك، سوف يحتقر أي شخص يخلف الأسد روسيا 100 مرة أكثر، في حال منحناه ملاذاً آمناً في نهاية المطافquot;. وأشارت المجلة كذلك إلى أن روسيا، شأنها شأن باقي دول العالم الآن، تعيش على أمل أن يتخذ الأسد قراره في اللحظة الأخيرة بأن يتنحى ويرحل عن السلطة.