داخل أحياء الشعار وهنانو والسكري وساخور في مدينة حلب السورية والتي قال المسلحون إنهم احرزوا فيها انتصارات عسكرية، لا يزال الناس منقسمين بين منحاز للمعارضة ووفي لنظام بشار الأسد.


حلب: راقب ثلاثة مواطنين سوريين بدت على ملامحهم الجدية، رقص المتمردين وهم يحتفلون بـ quot;تحريرquot; حي الشعار في حلب. كانوا قليلي الكلام وبالكاد يجيبون عن الاسئلة وكان رد فعلهم عند التطرق الى الرئيس بشار الاسد أن نهضوا وانصرفوا.

وتسيطر القوات النظامية على غرب المدينة ووسطها التاريخي في حين يسيطر المسلحون المعارضون على شرقها.

لكن حتى داخل احياء الشعار وهنانو والسكري وساخور التي قال المسلحون إنهم احرزوا فيها انتصارات عسكرية، لا يزال الناس منقسمين بين منحاز للمعارضة ووفي للنظام.

ويكفي تأمل الرجال وهم يمرون بباب الحديد الموصل الى متاهة شوارع المدينة القديمة. فالبعض تعلو محياه نظرة مستقيمة الى الامام أو نظرة خائفة ويتهرب من الاجابة عن الاسئلة، في حين يناقش البعض الآخر بصوت مرتفع الوضع واحياناً يشكرون الله أو يبصقون على صور الرئيس ويمشون عليها.

وفي شوارع حلب quot;المحررةquot;، كما يقول المسلحون، ليست الحرية أو الديمقراطية أو بشار من يشغل الناس بل مشاكل الماء والكهرباء والغذاء والقصف.

الولاءات في حلب منقسمة بين النظام المترنّح والثورة

وتقدمت ايمان (27 عاماً) التي ترتدي معطفاً سميكاً بنفسجياً، وهي تحمل كيساً ثقيلاً وضعته بلطف على الارض قبل التحدث. وقالت: quot;لم تعد هناك كهرباء ولا أحد يمكنه المساعدة أو التبضع والمتاجر مغلقة والبلد مدمرquot;.

واضافت وقد خنقتها العبرة: quot;ابنتي تبلغ من العمر ست سنوات وهي مريضة، تلفت اعصابها بسبب القصف، السكان فروا. كل هذا لأجل من؟ والآن يهاجمنا الجيش بالطائراتquot;.

وتابعت: quot;اريد أن تعود سوريا الى ما كانت عليه، الى الأمن حين كان بامكاننا أن نخرج في اي وقت دون أي ازعاجquot;.

وهل تعني سوريا بوجود بشار الاسد أم من دونه؟ تجيب quot;هذا ليس مهمًاquot;.

وتمضي سيدة عجوز بجانبها في الاتجاه ذاته. وتقول quot;إنها النهاية، يكاد ينفد الخبز. لا كهرباء واسعار سيارات الأجرة ارتفعت بشكل كبيرquot;. وعن سؤال هذا بسبب من؟ تقول quot;لا اعرف وكل ما اعرفه الآن أنه علي دفع 400 ليرة (ستة دولارات) للقدوم الى هناquot;.

وبدا انصار بشار الاسد متكتمين في حين يحتل الانصار المتحمسون quot;للثورةquot; الشارع في هذه الاحياء. لكن الاغلبية تستمر في القيام بما اعتادت القيام به وهو الحذر. فمحمد مثلاً العاطل عن العمل (27 عاماً) يدعم المعارضة quot;لكن ليس كل يومquot;.

وسيطرة المسلحين المعارضين حقيقية في بعض احياء المدينة، لكن القصف المستمر للمروحيات يذكر الجميع بأن الجيش النظامي هو سيد الاجواء.

ويستمر تدفق المقاتلين ليلاً في سيارات مطفأة الانوار تشق طريقها عبر منعرجات شوارع محيطة بالمدينة حيث تشبه كل نجمة في السماء مروحية.

ويراقب المسلحون وقد حبسوا انفاسهم حركة النجمة، وهل تتحرك ام لا وهل تقترب. ويعبر هؤلاء القرى التي تحولت لتأييد المعارضة وسط التهليل ثم الصمت والخوف من المروحيات قبل الوصول الى حلب حيث القصف الليلي.

ورسمت quot;كتيبة التوحيدquot; التي تقول إنها تضم ستة آلاف مقاتل، اسمها بأحرف غليظة سوداء على شوارع المدينة. وتم تحطيم صور آل الاسد والعبث برسومهم في المدارس وكتابة شتائم عليها.

وفي مستشفى الشعب يبدأ الاعداد منذ الصباح لاستقبال الجرحى. ويقول عبد الرحمن وهو بيطري في الاصل quot;نستقبل خمسين جريحاً كل يوم من مدنيين وثوارquot; مضيفاً quot;الكثير من الاطباء رحلوا بسبب القصف ولأنهم كانوا مستهدفين من النظامquot;.

ويتم نقل الجرحى الذين اصابتهم حرجة مباشرة الى تركيا. واوضح اسامة (جرّاح-40 عاماً) الذي قدم للمساعدة quot;90 في المئة من العمليات تجرى لاصابات حرب بالرصاص أو الشظاياquot;.

لكن منذ ايام قليلة ظهر مصدر خوف جديد يتمثل في كمائن القناصة. وفي المدينة القديمة ينتشر المسلحون المعارضون على بعد مئات الامتار من القلعة التي تشرف منذ قرون على المدينة.

ويقول ابو محمد (مقاتل-39 عاماً) quot;إنهم هناك يختبئون عند اسوار القلعة بعلو 150 متراً. وهم نشطون جدًاquot;.

وبعد اسبوعين من بدء هجوم المسلحين المعارضين على المدينة، لا احد يعرف متى سيستخدم الجيش النظامي وسائله الكبيرة.

وردًا على سؤال عن التطورات المتوقعة في المستقبل، يقول محمد بعد تفكير quot;نحن نسيطر على 50 في المئة والجيش ايضاً. ستكون معركة طويلةquot;.