لم يفاجئ كوفي أنان المعارضة السورية في الخارج بالخطوة التي أقدم عليها، إذ أكدت استقالته تحذيراتها من فشلها لمعرفتها المسبقة باستراتيجيات نظام بلدها، الذي كان يعي جيدًا أن الالتزام بها سيدفع به إلى النهاية. منذر ماخوس، المتحدث باسم المجلس الوطني السوري أوروبيًا، يتحدث اليوم عن ضرورة المرور إلى خلق منطقة عازلة في الشمال، تنطلق منه ما يعتبره معركة quot;تحرير وطنيةquot; بدءًا من حلب، quot;النقطة المفصليةquot; فيها، والتي يشدد على كسبها.


منذر ماخوس

بوعلام غبشي من باريس: لا يعتقد منذر ماخوس المسؤول عن العلاقات الخارجية في أوروبا في المجلس الوطني السوري أن تكون لاستقالة أنان من مهمته انعكاس على الأرض في الداخل السوري، ويقول ماخوس في حوار خاص لإيلاف إن quot;مهمة كوفي أنان ولدت ميتة. واستقالته لم تفاجئ المعارضة السورية في الخارج إطلاقًاquot;.

يتابع في إطار المعارضة السورية في الخارج أن quot;الخطة لم تحقق أي شيء يذكر، لأن البنود الستة التي جاءت بها لم يلتزم بها النظام السوري. لقد أعلن الجيش السوري الحر عن التزامه بها، وأنه سيبقى ملتزمًا بها طالما التزم بها الجيش النظامي. والذي حدث أن القوات النظامية كانت تخرقها باستمرارquot;.

ويوضح المتحدث باسم المجلس الوطني السوري في أوروبا أنه quot;على الرغم من أنه كان معروفًا أن هذه الخطة لن تؤدي إلى الأغراض التي وضعت من أجلها، لأنها كانت في البداية بمحتوى جيد، إلا أن التعديلات الروسية أفرغتها من محتواها، وجعلتها تتكيف بشكل يسمح للنظام السوري الالتفاف حولها، بل وحتى إجهاضها. وكنا متحفظين عليها. على الرغم من ذلك لم نضع العصا في الدواليب، وأعطيناها فرصة التحقيق، لأنه إذا التزم بها، وعلى وجه التحديد بالنقطة الأولى منها، أي سحب قوات الأمن والجيش من الشوارع، هذا سيعني بكل بساطة أن هناك ملايين من الشعب السوري ستنزل إلى الشوارع، ولن تعود إلى بيوتها حتى يسقط النظامquot;.

في السياق نفسه يواصل ماخوس quot;أن هذا الأمر كان يعرفه النظام السوري، وكانت تعرفه روسيا، لذلك كان يلتف عليها النظام باستمرار. شاهدنا عمليات قتل بحضور المراقبين الدوليين. والتقارير التي أتت بخصوص هذه الخطة أفادت أن النظام لم يلتزم ببنودها، فجمدت بعد ذلك، وأخيرًا أعلن أنان استقالته من مهمتهquot;.

يعتبر ماخوس هذه الاستقالة أنها quot;كانت توقيع شهادة وفاة لهذه المهمة من قبل السيد أنان نفسه. وهناك إقرار كامل اليوم بعد دفن هذه المهمة بأن هناك شبه استحالة لأي حل سياسي يتم الكلام حوله. البديل هو أن تتحمل المجموعة الدولية مسؤوليتها تجاه المجتمع السوري، وأن تبحث عن حلول خارج مجلس الأمن، وهو ما تكلمت عنه كلينتون وفرنسا وبريطانيا، حيث انتقدوا المهمة، على الرغم من أنهم لم يكونوا ضد استمراريتها، لأنهم كانوا بحاجة إلى فترة زمنية لملء فراغ زمني من الآن حتى الانتخابات الأميركيةquot;.

حلب... المعركة المفصلية
ينظر ماخوس إلى معركة حلب بكونها quot;معركة مفصليةquot;، معتبرًا إياها quot;حرب تحرير وطنيةquot;، كما شخصها بقوله quot;هناك كرّ وفر. هناك خلل مروع في موازين القوى. الجيش النظامي تعداده نصف مليون شخص. الجيش السوري الحر ما هو إلا بضع عشرات من الآلاف من المقاتلين. هم ليسوا إرهابيين، كما يدعي الروس والنظام وغيرهم، هم جنود منشقون عن الجيش السوري، رفضوا أن يطلقوا النار على المواطنين، يحاولون السيطرة على التراب السوري، وكما نعلم فإن الجيش الحر استطاع السيطرة على خمسين حتى ستين بالمئة من الحدودquot;.

يزيد موضحًا في السياق عينه، quot;إذا قلنا إن معركة حلب هي مفصلية، فللأسباب الآتية: لأنها ستكسب تحديًا على أن تكون المنطقة الممتدة من حلب حتى الحدود التركية محررة، وستكون نقطة بداية للتحرير التام للتراب السوري، وهو ما أشارت إليه كلينتون، لكن لا ندري ما كان قصدها. هل إن تحررت هذه المنطقة يمكن لواشنطن والغرب أن تقوم بعمل ما. لا يمكن أن نجيب عن ذلك.. اليومquot;.

وحول القرار الأخير لجمعية الأمم المتحدة بشأن الوضع السوري، يقول المتحدث باسم المجلس الوطني السوري إنه quot;قرار لتغطية بكل المقاييس المجموعة الدولية للتحرك بشكل جاد بعد دفن خطة مهمة أنان، والحل الوحيد اليوم هو خلق منطقة عازلة في الشمال، وربما في تجمعات في الوسط يمنع فيها الطيران على الجيش السوريquot;.

ويرى محدثنا أن تحرير هذا الشريط الحدودي يمكن أن يشجّع العديد من الدول على دعم المعارضة السورية، quot;وبإمكان أنقرة أن تلعب فيه رأس الحربة نظرًا إلى ما صدر من النظام السوري بحقها، عندما قام بتسليم مناطق حدودية بكاملها إلى جيش حزب العمال الكردستاني، الذي يعرف بعدائه لتركيا، وهو ما لن تتسامح بشأنه أنقرة. فالنظام يحفر قبره بيديه، وسوف يشجّع الأتراك من أجل أن يأخذوا موقفًا متطورًا بخصوص إقامة مناطق عازلةquot;.

العمل المشترك المستحيل مع النظام السوري
لاتزال دول الممانعة، من قبيل روسيا وإيران، تسعى إلى نفخ الروح في هذه خطة أنان، حيث quot;تدعو هذه الدول إلى من ينوب عنه، لكن بقية الدول الغربية غير متحمسة لذلك، وإن تم هذا سوف تعود المعادلة كما كانت من قبل، المسألة لا تكمن في كوفي عنان هو أو غيره. المسألة هي وجود قضايا غير قابلة للحلquot;، يقول منذر ماخوس.

بالنسبة إليه، quot;أي مهمة جديدة يجب أن تأتي في السياق نفسه، أي يجب أن تمنح المراقبين حق الدفاع عن النفس، وأن يكون عددهم على الأقل ثلاثة آلاف شخص، كما إن النقاط الست يجب أن تكون العمود الفقري لأي مهمة جديدة ولأي شخص يقوم مقام كوفي أنانquot;.

يصل في الأخير إلى القول في حالة نفخ الروح من جديد في هذه الخطة، quot;فلن يقوم النظام مرة أخرى بسحب قواته، ولن يفرج عن المعتقلين. لقد أفرج عن بعض الأشخاص، وهم في الحقيقة قد لا يكونون معتقلين سياسيين. في بعض الأحيان كان يقوم النظام بجمع الناس من الشارع، ويحتفظ بهم، لكي يفرج عنهم بعد أيام عدة، ليقول إنه أفرج عن عدد من المعتقلين السياسيين في ما بعدquot;.

خلاصة المتحدث باسم المجلس الوطني السوري أنه quot;اليوم لا أحد يجرؤ على القيام بعمل مشترك مع النظام ولا حتى رموزهquot;، متسائلاً quot;من يستطيع أن يخون دماء ضحايا مجازره؟quot;، قبل أن يضيف، quot;نحن نتكلم عن 15 إلى 20 ألف قتيل، الأرقام حقيقة تتجاوز المئة ألف وسبعين ألف مفقود، أين هم؟، ليسوا في السجون، هم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية، ولدينا معلومات تقول إن المئات من القتلى ألقي بهم في البحر. هذا نظام قاتل، ولا يمكن المشاركة معه في حكومة وحدة وطنية كما كان يريد البعضquot;.