الولايات المتحدة تحدّ من وصول الأسلحة الى المعارضين السوريين

يتسم موقف الولايات المتحدة الأميركية بالتناقض الواضح، ففي وقت تدعم إدارة أوباما إسقاط الرئيس بشار الأسد وتقدم الدعم المادي للمعارضة تبقى بعيدة عن التدخل العسكري الفعلي، وسط أحاديث من جانب المعارضة عن جهود أميركية للحد من وصول السلاح الى الثوار عبر الحدود.


لندن: رغم الدعوات المتزايدة في واشنطن إلى قيام الولايات المتحدة بدور عسكري أشد فاعلية في سوريا، فإن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تعمل بهدوء على حدود سوريا الشمالية مع تركيا، للحد من إمدادات السلاح والعتاد إلى المقاتلين ضد نظام الرئيس بشار الأسد، كما أكد مسؤولون في المعارضة.

ونقلت صحيفة ذي اوستريليان الأسترالية عن مسؤول في المعارضة قوله quot;إن طلقة واحدة لا تدخل سوريا من دون موافقة الولايات المتحدةquot;. وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة quot;تريد استمرار الثورة، ولكنهم لا يسمحون بمرور إمدادات كافية لإسقاط نظام دمشقquot;.

ويقول محللون إن تفاصيل الدور الذي تقوم به وكالة المخابرات المركزية في مراقبة هذه الأنشطة، يلقي ضوءا نادرا على الصراع المعقد الذي يدور على هوامش الحرب الأهلية السورية من أجل تحقيق أفضليات ومكاسب اقليمية.

ويشير المحللون إلى انخراط عملاء سريين من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول خليجية واسرائيل وايران في صراع أحال أقاليم تركيا الحدودية بؤرة لتجار السلاح والجواسيس، فضلا عن المعارضين الذين ينتقلون إلى هذه المناطق للإنضمام إلى كتائب المقاتلين.

وقال مسؤول في المعارضة السورية لصحيفة صندي تايمز، إن وكالة المخابرات المركزية الأميركية منعت خلال الأشهر العشرة الماضية وصول شحنات من الأسلحة الثقيلة المضادة للدبابات والطائرات التي دأبت وحدات الجيش السوري الحر منذ زمن طويل على القول إنها ضرورية في معركتها لإسقاط نظام الأسد. ولكن الأميركيين وافقوا في الوقت نفسه على إمدادات من الكلاشنكوف وقبل ما يربو على شهر أعطوا الضوء الأخضر لشحن 10 آلاف قذيفة آر بي جي روسية الصنع.

وقال المسؤول في المعارضة السورية quot;إن الأسلحة تُنقل عبر الحدود على حميرquot;.

ومنذ سيطرة مقاتلي المعارضة على بلدة عزاز قرب الحدود التركية، بدأت الأسلحة الخفيفة تصل بشاحنات بعد شرائها في السوق السوداء في اسطنبول أو وصولها من حلفاء المعارضة مثل تركيا ودول خليجية، بحسب صحيفة ذي اوستريليان ناقلة عن المسؤول في المعارضة السورية قوله quot;قطر ترسل المال وتقول عادة quot;اذهبوا واشتروا ما تريدونquot;quot;.

وأضاف المسؤول quot;ان الأتراك يعطون السلاح مجانا، وخاصة الأسلحة الخفيفة المضادة للدباباتquot;.

ولكن شعور المقاتلين بالإحباط، يتزايد إزاء رفض وكالة المخابرات المركزية الأميركية السماح بوصول أسلحة ثقيلة عبر الحدود خشية استخدامها ضد حلفاء أميركا في نهاية المطاف.

وقال المسؤول في المعارضة quot;إن قذائف آر بي جي ليست كافية ويتعين أن تكون قريبا من الدبابة لإحداث أي تأثير، وكثيرا ما يلقى المقاتل الذي يحمل آر بي جي مصرعهquot;.

ويؤكد نشاط وكالة المخابرات المركزية التناقض الذي يتسم به موقف واشنطن من الأزمة السورية. وفي حين أن إدارة الرئيس باراك اوباما تدعم الإنتفاضة وتدعو الأسد إلى التنحي وتقدم ملايين الدولارات من المساعدات غير الفتاكة إلى المعارضة فانها لم تذهب إلى حد التدخل الفاعل عسكريا. وقال ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية إن الآراء القائلة بأن واشنطن تتعمد إطالة أمد النزاع فيما تواصل البحث عن بديل صديق يخلف الأسد ينطوي على quot;تفكير ماكيافلليquot;.

وقال بوب غرينر، المدير السابق لمركز مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية، إن الأنشطة الرقابية التي تمارسها الوكالة على الحدود، تهدف إلى حماية الإدارة من أي إحراج في المستقبل إذا اتضح ان فصائل المعارضة المسلحة التي دعمتها معادية لاسرائيل أو الولايات المتحدة في حال تسلمها مقاليد السلطة. ونقلت صحيفة ذي اوستريليان عن غرينر انه لن يكون من مصلحة الإدارة quot;إذا تأكد لاحقا أن الأسلحة وصلت إلى عناصر يرتبطون بتنظيم القاعدة وكان بمقدورنا ان نفعل شيئا إزاء ذلكquot;. واعتبر غرينر ان سياسة الإدارة الحالية quot;تختفي وراء وكالة المخابرات المركزيةquot;.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون أشارت في تركيا يوم السبت الماضي إلى اتخاذ إجراءات جديدة لدعم المعارضة المسلحة بينها إمكانية فرض منطقة حظر جوي. ولكنها أضافت ان ذلك quot;يتطلب تحليلا مكثفا وتخطيطا عملياتياquot;.

وينشط عملاء وكالة المخابرات المركزية على الحدود محاولين منع انخراط جهاديين في النزاع السوري. وقال مسؤول في المعارضة السورية quot;ان وكالة المخابرات المركزية تعترض على تنظيم القاعدة وهي ليست متحمسة لجماعة الاخوان المسلمينquot;.

وأكد عضو المجلس الوطني السوري خالد خوجة إن مخاوف الولايات المتحدة من سيطرة الاسلاميين مخاوف لا أساس لها. ونقلت صحيفة ذي اوستريليان عن خوجة quot;ان الاسلاميين في سوريا أقلية صغيرة جدا، لا تتعدى 2000 مقاتل بالمقارنة مع أكثر من 100 الف في صفوف الجيش السوري الحرquot;.

وأضاف أن بالإمكان السيطرة على الاسلاميين وان سوريا quot;لن تكون العراقquot;.

ولاحظ مراقبون أن جنوب تركيا أصبح النسخة الشرقية من برلين في فترة الحرب الباردة، يعج بالجواسيس المشتبكين في حرب سرية، حيث تحاول وكالة المخابرات المركزية واسرائيل تحديد مواقع خزن الأسلحة الكيمياوية السورية ويراقب العملاء الايرانيون التحركات الغربية عن كثب.