تحيي ألمانيا اعتبارًا من اليوم الأربعاء ذكرى أخطر أعمال شغب عنصرية ما بعد الحرب وقعت منذ 20 عامًا في مدينة روستوك، وذلك بينما ما زال للتيار النازي الجديد وجود قوي في ألمانيا الديموقراطية السابقة، حيث يعتبر جزءًا من المشهد السياسي الإقليمي.


برلين تحيي ذكرى أخطر أعمال شغب عنصرية

برلين: من المقرر أن يتوجه الرئيس الفيدرالي يواكيم غوك الأحد إلى روستوك، التي تشكل منذ عقدين رمزًا لكراهية الأجانب في ألمانيا. وقال الرئيس quot;أينما كان النازيون الجدد فإننا أكثر عددًا منهم بعشر مراتquot;، داعيًا الشعب إلى مواجهة المتطرفين.

في هذه المدينة الواقعة على بحر البلطيق، صبّ عدد من النازيين الجدد، بدعم من بعض السكان الذين كانوا في حالة هيسترية، كل حقدهم وكراهيتهم، من 22 إلى 26 آب/أغسطس 1992، على مركز لطالبي الهجرة ومسكن لعمال فيتناميين.

وفي حي ليشتنهاغن هتف آلاف الأشخاص لمدة أربعة أيام quot;ألمانيا للألمان، أطردوا الأجانبquot; في مشهد غير مسبوق منذ الحقبة النازية. وأخذ هؤلاء الشباب حليقو الرؤوس، وهم يمسكون في أيديهم زجاجات البيرة، في إلقاء الزجاجات الحارقة على مسكن للمهاجرين الأجانب، بينما وقفت قوات الشرطة سيئة التجهيز وغير المنظمة على الإطلاق عاجزة أمامهم، فيما لزم مسؤولون سياسيون الصمت التام.

حدث ذلك بعد عامين فقط من إعادة توحيد ألمانيا، quot;التي أحيّت أسوأ ذكريات التجاوزات النازيةquot; وفقًا لقناة ان.دي.ار الإقليمية، التي أعدّت شريطًا وثائقيًا عن هذه الأحداث. وأسفت مجلة دي تسايت لأن quot;الجماهير التي شجّعت المجرمين وزودتهم بالبنزين.. هذه الجماهير بقيت بلا وجه وبلا عقابquot;.

وأوضح ديرك بورستيل خبير اليمين المتطرف في جامعة بيليفيلد quot;كانت حقبة شديدة الخصوصية عقب سقوط جدار برلين مباشرة. كان المجتمع في حالة تحول تامquot;. وقد عصفت الأزمة الاقتصادية، التي أعقبت إعادة التوحيد بمدينة روستوك، الميناء الرئيس لألمانيا الديموقراطية السابقة، حيث كان العاطلون عن العمل يصطفون يوميًا في طوابير طويلة أمام مراكز الخدمة الاجتماعية.

آنذاك لم تكن لألمانيا الشرقية تقريبًا أية خبرة مع الهجرة. فقد كانت القلة القليلة من العاملين الأجانب القادمين من دول اشتراكية صديقة يعيشون في عزلة عن المجتمع. وبعد عام تقريبًا وقعت بالفعل أعمال عنف عنصرية في مدينة هويرشفيردا في ألمانيا الشرقية أيضًا.

في هذا السياق أقيم مركز استقبال لطالبي اللجوء في روستوك. ويشير بورستيل إلى أن ألمانيا شهدت أيضًا نقاشًا حاميًا حول حق اللجوء مع ارتفاع عدد طالبي الهجرة إلى رقم قياسي عام 1992 بسبب الحرب في يوغوسلافيا السابقة.

النازيون الجدد في ألمانيا يعتدون على مسجد

سرعان ما ازدحم مركز روستوك باللاجئين، وبينهم الكثير من غجر رومانيا، الذين بعدما فاض بهم المبنى، افترشت عشرات الأسر منهم الحديقة المقابلة، التي امتلأت بالفضلات والبراز بسبب عدم وجود مراحيض.

ولم يتم إجلاء المهاجرين من المركز إلا بعد الليلة الثالثة من أعمال الشغب، في حين بقي 120 فيتناميًا داخل المبنى، الذي شبّ فيه حريق بسبب قنابل المولوتوف، التي ألقيت عليه لينجو هؤلاء من الموت في آخر لحظة.

في اليوم التالي جابت العالم صورة لرجل يرتدي زي المنتخب الوطني لكرة القدم، وهو يركض رافعًا يده بالتحية الهتلرية، وإلى جانبه آخر يرفع يده بالتحية نفسها.

ويؤكد بورستيل اليوم أن هذه quot;القصة لن تتكرر أبدًاquot;، لكن quot;الأمر المؤكد هو استمرار حدوث أعمال عنف يومية من قبل اليمين المتطرفquot;. ومنذ إعادة توحيد ألمانيا، سقط 58 شخصًا ضحية الجرائم العنصرية وفقًا لوزارة الداخلية. في المقابل تتحدث وسائل الإعلام عامة عن 149 قتيلاً.

ويعدّ الحزب النازي الجديد، الذي تفكر برلين في حظره، جزءًا من المشهد السياسي في ألمانيا الديموقراطية السابقة. ولديه نواب في البرلمانين الإقليميين.

ويشتبه في قيام مجموعة من ثلاثة نازيين جدد بقتل تسعة أجانب من 2000 إلى 2006، إضافة إلى شرطية عام 2007. وقد أثارت هذه القضية ضجة كبيرة، لأن المحققين لم يأخذوا بجدية لسنوات احتمال وجود دوافع عنصرية لهذه الجرائم.