القاهرة: زوبعة جديدة من المتوقع أن تثار وتتفاقم تداعياتها في ألمانيا خلال الفترة المقبلة، بعدما بدأت تتحدث تقارير صحافية عن إقدام جماعة من المسلمين السلفيين هناك على توزيع نسخ مجانية من المصحف الشريف على المارة في كافة أنحاء البلاد، وما تلا ذلك من مخاوف ومشاعر قلق لدى كثير من الساسة خشية تشدد تلك الجماعة.
ومع أن المشروع يبدو من الوهلة الأولى غير ضار نسبياً، من منطلق أن هدف تلك الجماعة يقتصر على توزيع ملايين النسخ من القرآن الكريم، ليتواجد في كل منزل بألمانيا والنمسا وسويسرا، ونجاح أتباع الإمام السلفي إبراهيم أبو ناجي في توزيع ما يقرب من 300 ألف نسخة في كافة أنحاء ألمانيا، إلا أن مشاعر الشك بشأن المشروع بدأت تتزايد بين أبرز الساسة في ألمانيا، لأسباب ليس أقلها تفسير ناجي المتشدد للإسلام.
فضلاً عن الاتهامات التي وجهت لناجي خلال الخريف الماضي بشأن تحريضه العلني على ارتكاب جرائم جنائية وتعكير السلم الديني. ولفتت في الإطار عينه صحيفة دي فيلت الألمانية اليومية لذلك الفيديو الذي ظهر لفترة وجيزة على موقع اليوتيوب قبل أيام قليلة وبدا أنه يتوعد الصحافيين الذين ينتقدون مشروع توزيع نسخ القرآن.
وورد بذلك الفيديو، وفقاً لما ذكرت الصحيفة :quot; بات لدينا الآن معلومات مفصلة بشأن القردة والخنازير الذين نشروا تقارير كاذبة بشأن جماعة فرانكفورت السلفية وغيرهم كثيرين من الإخوة والأخوات. فنحن نعلم الكثير على سبيل المثال عن الأماكن التي تعيشون بها وأندية كرة القدم الذي تشجعوها ولدينا أرقام هواتفكم المحمولةquot;.
وأشارت مجلة دير شبيغل الألمانية إلى أن دار النشر quot;ابنر آند شبيغلquot; ( التي ليس لها أي صلة بالمجلة) والتي تقوم بطباعة نسخ القرآن التي توزع في كافة أنحاء البلاد، قد أوقفت تسليم النسخ الجديدة وتدرس الآن احتمالية فسخ التعاقد المبرم في هذا الشأن.
وأضافت المجلة في نفس السياق أن تلك الخطوة جاءت كرد فعل على النقاش السياسي المتزايد في ألمانيا بخصوص عمليات توزيع نسخ القرآن. فيما نوهت تقديرات خاصة بالمكتب الألماني الفيدرالي لحماية الدستور، وهو وكالة الاستخبارات الداخلية في البلاد، إلى أن هناك ما يتراوح بين 3000 إلى 5000 سلفي في ألمانيا.
وحذر مكتب الوكالة في برلين من أن أيديولوجية السلفيين تكاد تكون متطابقة مع أيديولوجية القاعدة. كما تبين أن ذلك الشخص الذي يدعى أريد يو، والذي حُكِم عليه بالسجن مدى الحياة في شباط/ فبراير الماضي لتسببه في وفاة عاملين أميركيين اثنين بمطار فرانكفورت عام 2011، بعدما أصابهما بطلقات نارية، أنه على علاقة بالتيار السلفي.
وفي تصريحات أدلى بها في هذا الخصوص لصحيفة راينيشه بوست الألمانية، قال غونتر كرينغز، العضو البارز بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تترأسه المستشارة أنجيلا ميركل: quot;حيثما كان ذلك ممكناً، فإنه ينبغي وقف هذا العمل العدواني. وبينما يعتبر توزيع كتابات دينية أمراً مرفوضاً من الأساس .. فإن الأعمال العدوانية للسلفيين المتشددين قد تسببت في التشويش على السلام الديني في بلادناquot;.
كما كان الزعيم المشارك بحزب الخضر، جيم أوزدمير، واضحاً في إدانته للسلفيين، حيث قال :quot; لديّ مشكلة مع كل الجماعات الدينية التي تضع وجهة نظرها فوق الدستور وفوق حقوق الإنسان. وهو ما ينطبق أيضاً على هؤلاء السلفيين الذين يثيرون العنف وتتسبب أيديولوجيتهم في إشعال الإرهاب الإسلاميquot;. وقد عبَّر في غضون ذلك متحدثون باسم أحزاب سياسية أخرى عن قلقهم بشأن ذلك المشروع. كما وجهت بعض من أبرز الجماعات الإسلامية الألمانية انتقاداتها للسلفيين بدافع القلق من سعي الجماعة لتصوير نفسها باعتبارها الممثل الحقيقي الوحيد للإسلام في البلاد.
التعليقات