أحد أنصار الشاعر غراس

تتعالى أصوات الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل في ألمانيا في أعقاب القصيدة التي نشرها الشاعر الألماني غونتر غراس والتي وجه فيها نقدا لاذعا لإسرائيل ورفض أن تقوم تل أبيب بمهاجمة إيران.


قد يبدو من الوهلة الأولى من خلال تعليقات الساسة والكُتَّاب والمقالات التي تُنشَر في الصحف والمجلات رداً على القصيدة التي انتقد من خلالها الكاتب الألماني الحاصل على جائزة نوبل، غونتر غراس، الموقف العدواني الذي تتخذه إسرائيل تجاه إيران، أن الجمهور رافض تماماً لتلك القصيدة، لكن الاستغراق بشكل سريع في معنى التعليقات التي تركها القرّاء على العديد من المواقع يكشف عن أن ثمة حقيقة أخرى.

وقد مسّ غراس وتراً حساساً مع الجمهور الأوسع في النطاق، بتعبيره عن مشاعر إحباطه تجاه إسرائيل في ألمانيا، وهي المشاعر التي غالباً ما يتم التعبير عنها في السر ونادراً ما يتم التعبير عنها بشكل علني، حيث يُفحَص الخطاب بالتواجد العالق للماضي.

ولفتت في هذا السياق صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن ما كان يتم إخفاؤه في الماضي بات معروفاً اليوم، ليس فقط في قصيدة غراس، بل على المنتديات الإلكترونية وفي المجموعات التي يتم تكوينها على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.

ثم أشارت الصحيفة إلى بدء ظهور إحدى الكلمات، بصورة مستمرة، في مثل هذه النقاشات، ألا وهي quot;هراوةquot;. وأضافت أنه يُنظَر على نطاق واسع إلى تهمة معاداة السامية التي تستهدف منتقدي إسرائيل ndash; وفي حالة غراس، من خلال استحضار ماضيه من منطلق أنه كان عضواً في منظمة quot;فافن إس إسquot; العسكرية ndash; باعتبارها أداة فظة لإخماد المناقشة، ومنع غراس من الحديث عن المخاطر التي قد تنجم عن أول هجوم تشنه إسرائيل على إيران بخصوص برنامجها النووي المثير للجدل.

وقال موريتز ايغرت، ملحن مقيم في ميونخ :quot; في كل مرة تتحدث فيها وتقول ثمة شيء غير صحيح من الناحية السياسية، تكون هناك نسبة قدرها 99 % بأن يتم النظر إليك على أنك من المنتمين إلى جناح اليمينquot;.

وقام ايغرت بنشر التفسير الموسيقي الخاص به لقصيدة غراس بكلمات بسيطة على موقع اليوتيوب الشهير، وقال فيه :quot; أحبك يا إسرائيل، لكن لا تهاجمي إيرانquot;. وأضاف ايغرت أنه حاول أن ينتقد بشدة كلا الجانبين في هذا النقاش. وبينما أشار إلى أنه لم يحب قصيدة غراس، إلا أنه أكد أنه من المحرج أن يحاول المفكرون تصويره في أسوأ صورة ممكنة.

وقال كلاوس ستيفان سكلانغين، أحد الأشخاص الذين يقفون وراء المجموعة التي تم إنشاؤها على موقع فايسبوك لدعم وتأييد قصيدة غراس :quot; كل هذه الآراء المنشورة تخص المشتبه بهم المألوفين. ولم يعد يصدق الناس ما تعرضه وسائل الإعلامquot;.

كما يساعد سكلانغين في إدارة صفحة على فايسبوك عنوانها quot;ساندوا غونتر غراس ndash; ما ينبغي أن يقالquot;. وورد على تلك الصفحة، التي أشاد بها أكثر من 3500 معجب حتى مساء يوم أمس، مقولة مفادها quot; نقول لا للحرب العدوانية على إيرانquot;.

وتابع سكلانغين حديثه بالقول إنه يفهم أن إدانة غراس مرتبطة بالحساسيات والتاريخ الألماني، وأكمل قائلاً :quot; مهمتنا هي ألا ندعم إسرائيل مهما تفعل، لكنها تتركز بدلاً من ذلك على محاربة الظلم أينما ظهر، وقد يظهر ذلك الظلم أيضاً في إسرائيلquot;.

وقد وبَّخ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه غراس على تلك القصيدة، كما أعلن وزير الداخلية أن غراس غير مرحب به في إسرائيل وأنه ممنوع من دخول البلاد. ثم نوهت الصحيفة بأن انتقاد إسرائيل بصورة حادة، وبخاصة من جانب اليسار، لطالما كان من الأمور الشائعة بين المفكرين الأوروبيين، ولم تتسبب قصيدة غراس في إثارة ضجة كبرى في القارة خارج ألمانيا. لكن النخب السياسية والعلمية في ألمانيا غالباً ما كانت تتصدى لهذا الاتجاه، بميلها إلى رؤية الدعم الأساسي لإسرائيل على أنه مسؤولية ألمانية، إن لم يكن ضرورة، في أعقاب المحرقة. وختمت الصحيفة بتأكيدها حقيقة تغير استجابة الجمهور للضجة التي أثيرت حول قصيدة غراس، وهو ما يشير إلى تغير الموقف تماماً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.