رغم أن توني بلير جمع في السنوات القليلة منذ تنحيه عن السلطة أموالا تصيب الناظر بالدوار، فهو متمسك بالحصول على كل جنيه يحق له لدى دافع الضرائب، مثل راتب تقاعده وتكاليف حمايته الأمنية. لكن هذا الأمر يقع تحت ضوء سلبي باعتبار زمن الشدة الماحقة في البلاد.


جانب من العقارات التي يملكها رئيس الوزراء السابق

اجتذبت الأموال التي تمكن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير من جمعها منذ مغادرته 10 داونينغ ستريت في 2007 اهتمام الإعلام البريطاني بشكل غير مسبوق. والسبب في هذا هو السرعة الصاروخية التي تعاظمت بها هذه الأموال في فترة وجيزة بحيث يُقال إنها وصلت الآن إلى ما لا يقل عن 30 مليون جنيه (48 مليون دولار).

والآن يعود هذا الموضوع مجددًا إلى دائرة الضوء بعدما رفع النقاب عن أن بلير لا يكتفي على ما يبدو بثروته التي لم يتح مثلها لأي رئيس وزراء بريطاني سابق (وخاصة السرعة في جمعها). فهو يحصل في الإجمال على 435 ألف جنيه (696 ألف دولار) سنويا مخصصات من أموال دافع الضرائب الذي يعاني الأمرين في هذا الزمن الاقتصادي الصعب الذي تعاني فيه بريطانيا الكساد المزدوج.

والتفاصيل المتعلقة بهذا الرقم هي: 70 ألف جنيه (112 ألف دولار) عبارة عن راتب تقاعده كرئيس سابق للوزراء، و115 ألف جنيه (184 ألف دولار) مخصصاته مقابل ما يسمى laquo;الأعباء العامةraquo; (مثل ظهوره الذي يستدعيه الإتيكيت في مختلف مناسبات الدولة ومراسمها). ويأتي هذا إضافة إلى 250 ألف جنيه (400 ألف دولار) عبارة عن تكاليف حمايته الأمنية على يد فريق من القوات الخاصة يرافقه في حله وترحاله بما في ذلك عطلاته وأسرته في أفخم منتجعات العالم. وبالطبع، فإن بلير يحصل على كل هذا سنة بعد أخرى طوال بقائه على قيد الحياة.

يستمتع بإحدى عطلاته العديدة

وأشارت الصحف البريطانية التي تناولت النبأ إلى أن مبلغ الـ30 مليون جنيه، الذي يقال إن بلير (59 عاما) جمعه من تنحيه عن رئاسة الوزراء، إنما هو تقدير متحفظ للغاية. وتشير التقارير إلى أنه حصل خلال العام الماضي وحده على نحو 20 مليون جنيه (32 مليون دولار) بفضل نشاطه في مجالات تقديم المشورة لعدد من الحكومات وكبريات المؤسسات وإلقائه الخطابات العامة، بالإضافة إلى ما تدرّه عليه شركته laquo;توني بلير أسوشييتسraquo;.

ومع ذلك، فإن بلير يحصل على laquo;حقوقهraquo; كاملة من دافع الضرائب. وبموجب طلبات صحافية تحت قانون حرية المعلومات، أكدت وزارة الخزانة البريطانية أن laquo;قانون المعاشات البرلمانية لعام 1972raquo; ينص على منح رؤساء الوزراء السابقين معاشات شهرية تعادل أنصاف رواتبهم وقت مغادرتهم السلطة (بغض النظر عن فترات خدمتهم). وقال ناطق باسم الوزارة إن بلير يتلقى معاشه على هذا الأساس القانوني.

وكان راتب بلير يبلغ 128 ألف جنيه وقت أُجبر على الاستقالة ليفسح المجال لخصمه وخلفه في زعامة العمال ورئاسة الوزراء غوردون براون. وهذا يعني أن راتب تقاعده (بالحساب البسيط) 64 ألف جنيه. لكن الزيادات التي تفرضها معدلات التضخم ترفع هذا المبلغ ليصل إلى نحو 75 ألف جنيه بسهولة. ويذكر أن الحصول على راتب تقاعد كهذا في القطاع الخاص، يستلزم أن يكون الشخص قد استثمر نحو مليوني جنيه في صندوق معاشه.

وكان كل من غوردون براون وديفيد كامرون (رئيس الوزراء المحافظ) قد تنازل عن مخصصاته العامة، قائلا إنها laquo;عبء كبير على دافع الضرائبraquo;. ويذكر لغوردون براون أنه أعلن، حال توليه رئاسة الوزراء، تنازله عن راتب تقاعده. ولم يكتف بهذا بل خفّض أيضا راتبه في 10 داونينغ ستريت من 197 ألف جنيه إلى 150 ألفا.

ولدى توليه الحكم، أعلن ديفيد كامرون من جهته سيره على خطى براون فخفض راتبه إلى 142 ألفا و500 جنيه. وحذا حذوه وزراؤه كافة في حكومته الائتلافية فأعلنوا تخفيض رواتبهم بنسبة 5 في المائة laquo;تقديرا لمتطلبات الشدة الاقتصادية التي تعيشها البلادraquo;.

توني بلير

وكما هو متوقع فإن بلير يرفض الكشف عن حجم ثروته الطائلة. لكنه يصر على أنه يدفع 50 في المائة من سائر عائداته لمصلحة الضرائب، وأنه بالإضافة إلى هذا يضخ كميات كبيرة منها في الأعمال الخيرية. كما قال في حوار أجري معه العام الماضي إن بوسعه جمع مزيد من الأموال في حال وظّف ما يحب عمله فعلا لهذا الغرضraquo;.

لكن جوناثان إيزابي، من جماعة laquo;تحالف دافعي الضرائبraquo; قال في تصريحات تناقلها الإعلام الجمعة: laquo;لا شك في أن من ينظر إلى وتيرة التعاظم التي تتمتع بها ثروة بلير منذ تنحيه عن السلطة قبل خمس سنوات فقط سيصاب بدهشة عظيمة. وعندما يتخلى شخص عن منصب كهذا وهو في سن مبكرة نسبيا بحيث يستطيع جمع الملايين كما فعل بلير على الساحة الدولية، فإن المرء يتوقع منه أن يتنازل عن حقوقه (منصرفاته) لدى دافع الضرائب المفلس في هذا الزمن الاقتصادي. فالحقيقة هي أنها لا تشكل مبلغا كبيرا لشخص مثل بلير لكن كل بنس منها يعني شيئا لدافع الضرائبraquo;.