القاهرة: بعد الاستحسان الذي حظيت به الانتخابات الليبية قبل أسابيع، ها هي البلاد تتحضر لوضع أول دستور ديمقراطي بعد أكثر من 40 عاماً تحت استبداد الزعيم الراحل معمر القذافي.
وستقوم لجنة مكونة من 60 شخص بوضع الدستور وفي حسبانهم قضايا اجتماعية بارزة تواجه ليبيا الحرة منها الهوية الوطنية وحقوق الإنسان والدولة والدين وتوزيع السلطة السياسية والاقتصادية. وأشارت في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن تلك اللجنة ستكون منوطة بوضع إطار الدولة في بلاد كان تتسم من قبل بضعف مؤسساتها ومنظماتها على الصعيدين الاجتماعي والسياسي.
ومع هذا، أعقبت المجلة بقولها إن الغموض يلف العملية التي سيتم من خلالها كتابة الدستور، منوهةً إلى أن المجلس الوطني الانتقالي قام بنشر إعلان دستوري لحكم المرحلة الانتقالية. ودعا الإعلان المؤتمر لتعيين 60 خبيراً باللجنة الخاصة بوضع الدستور، 20 من كل منطقة من مناطق ليبيا التاريخية الثلاثة في الغرب والشرق والجنوب.
ومضت المجلة تتحدث عن أن التساؤلات لا تزال عالقة فيما يخص مسألة التعيين مقابل الانتخابات. ولأن الانتخابات ستنزع السلطة من أعضاء الكونغرس المتوقع ان يكون لهم سلطة التعيين، فمن الوارد أن يسقطوا قرار الوطني الانتقالي خلال الأسابيع المقبلة.
وأضافت المجلة أن المؤتمر سينظر في أمور أخرى بخصوص عملية وضع الدستور. ومن المعروف أن إعلان المجلس الوطني الانتقالي دعا اللجنة لوضع دستور جديد في خلال 60 يوماً من أول اجتماع لها ولإجراء استفتاء وطني في خلال 30 يوماً بعد ذلك. لكن المجلة رأت أن ذلك الجدول الزمني يفتقد في الحقيقة للواقعية.
وتابعت المجلة بقولها إن بعض الساسة والمحامين الليبيين يفضلون جدولاً زمنياً قصيراً، لعدة أسباب من بينها أنهم يرون أن دستور ليبيا الذي تم وضعه عام 1951- والذي تم وضعه بمساعدة من الأمم المتحدة ndash; يعتبر أساساً قوياً للوثيقة الجديدة. ورغم إنشاء ذلك الدستور لنظام ملكي، إلا انه مازال ينظر إليه باعتباره وثيقة جيدة تحتوي على تحصينات مميزة لحقوق الإنسان ومؤسسات وطنية قوية.
فيما أوضح آخرون أن ذلك الدستور قد يكون نقطة بداية ضعيفة للوثيقة الجديدة. وأعقبت فورين بوليسي بتأكيدها أن توزيع السلطات السياسية والاقتصادية سيكون واحداً من أهم القضايا التي ستواجه اللجنة المنوطة بوضع الدستور الجديد اليوم. وذلك في الوقت الذي ستشكل فيه قضية حماية حقوق الإنسان أولوية أخرى سيتعين عليهم مراعاتها.
وبينما يتوقع الليبيون أن يوفر لهم دستورهم الجديد الحماية لبعض الحقوق، فقد أكدت المجلة ان النقاش سيكون محتدماً بخصوص أولوية توفير الحماية لحقوق بعينها، في ظل تنوعها، كحقوق المرأة، وحقوق الأقليات العرقية واللغوية وحق العودة للمشردين داخلياً.
ثم شددت المجلة في سياق حديثها على أهمية الآليات التي ستتم من خلالها حماية الحقوق، وكذلك مدى النطاق الذي ستتمكن من خلاله الحكومة من الحد من الحقوق بصورة مشروعة من اجل السلامة العامة على سبيل المثال. بالإضافة إلى الآلية التي سيتعين عليها أن تعالج بها النقاش الدائر بشأن العلاقة بين الدولة والدين. وختمت المجلة بقولها إن خبراء اللجنة الدستورية لن يتعثروا، لحسن حظهم، بأمور تشريعية.
التعليقات