مجلس محافظة كركوك خلال جلسة انعقاد

في إجراء يشكل تحديًا أمنيًا وسياسيًا فقد رفض مجلس محافظة كركوك الشمالية المتنازع عليها قرار مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بربط تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية في المحافظة بقيادة quot;عمليات دجلةquot; التي شكلها المكتب مؤخرًا للإشراف على الاوضاع الأمنية في محافظتي كركوك وديالى المضطربتين.. فيما أعلن في بغداد عن استعداد المالكي للقاء بارزاني بضيافة الرئيس طالباني في محافظة السليمانية لدى عودته اليها الأسبوع المقبل من رحلة علاج في المانيا استمرت لحوالى الشهرين.


في اجتماع لمجلس محافظة كركوك (255 كم شمال بغداد) قاطعته الكتلة العربية فقد رفض المجلس الأمر الصادرعن مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بربط تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية في المحافظة بقيادة عمليات دجلة التي شكلها المكتب مؤخرا لتضم القيادات الأمنية في كركوك وديالى. وقد اقترحت الكتلة التركمانية في المجلس تشكيل قيادة خاصة بمحافظة كركوك تحت اسم قيادة عمليات كركوك لا ترتبط بمحافظة أخرى وتكون قيادتها من الضباط الأكفاء من أبناء المحافظة الذين يمثلون جميع قومياتها من التركمان والعرب والاكراد والمسيحيين وترتبط مباشرة بوزارة الداخلية إلا أنه تم رفض المقترح.

وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت في الثالث من تموز (يوليو) الماضي عن تشكيل quot;قيادة عمليات دجلةquot; برئاسة قائد عمليات ديالى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في محافظتي ديالى وكركوك لكن اللجنة الأمنية في مجلس كركوك رفضت القرار quot;لأن المحافظة آمنة ومن المناطق المتنازع عليهاquot; مؤكدة أن القرار سيفشل من دون تنسيق مسبق بين حكومات بغداد وأربيل وكركوك.

ومن جهة اخرى، رفض المجلس أيضا في جلسته أمس التعيينات التي تفرض من قبل الوزارات الاتحادية على محافظة كركوك دون مراعاة خصوصية التنوع القومي والمناطقي للمحافظة. وانتقد أعضاء المجلس السياسة المنتهجة من قبل الوزارات تجاه المحافظة والتي لا تراعي التوازن القومي في تعييناتها المركزية التي تفرض دون التنسيق مع الإدارة والمجلس والتي كان آخرها تعيينات وزارة التربية التي أثارت انتقادات ورفضت من قبل قوميات ومكونات المحافظة نتيجة الغبن الحاصل بحقها دون قومية اخرى. وشدد المجلس على ضرورة إشراك ممثل عن لجنة تعيينات المحافظة في لجان التعيين لمتابعة جميع التعيينات في الإدارات والوزارات مع اتخاذ الخطوات القانونية ضد كل دائرة ووزارة لا تلتزم بقرار مجلس المحافظة.

وطالب المجلس السياسي العربي في كركوك المالكي الاسبوع الماضي والبرلمان العراقي بالتدخل لمنع العمل بإحصاء 1957 في التعيينات الخاصة بالمحافظة مؤكدا أن هذا القرار قد حرم 120 ألف شخص غالبيتهم من العرب من التعيين في المؤسسات الحكومية.

وكان قرار مكتب المالكي بتشكيل قيادة عمليات دجلة قد جوبه بمواقف متباينة حيث اعتبر النائب عن التحالف الكردستاني محمد خليل القرار quot;استهدافا سياسيا بامتيازquot;محذراً ضباط الجيش العراقي quot;الذين يحملون ارث وثقافة النظام السابقquot; من التجاوز على الدستور والاستحقاقات مطالبا الحكومة بعدم الانسياق وراء هؤلاء الضباط الذين يحاولون خلق تصادم بين بغداد وإقليم كردستان على حد قوله.

اما اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى فقد وصفت القرار بـquot;السياسيquot; بينما اعتبرت النائبة عن المحافظة في القائمة العراقية ناهدة الدايني القرار quot;صائباquot; لمعالجة الخروقات الأمنية. والاربعاء الماضي أكد الامين العام لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان اللواء جبار ياور السعي عن طريق الحوار وبكل قوة لإفشال خطة تشكيل قيادة عمليات دجلة معتبرا أنها تهدف للسيطرة على quot;المناطق المستقطعةquot; من الإقليم والتي يطلق عليها المناطق المتنازع عليها.

وقال ياور خلال اجتماعه ورئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الإقليم فلاح مصطفى مع الدبلوماسيين وممثلي الدول الأجنبية ووكالات الأمم المتحدة لدى الإقليم إنه سيتم بذل جميع الجهود لحل هذه القضية عن طريق الحوار والعمل على عدم إفساح المجال امام حدوث أي معارك بين القوات العراقية وقوات البيشمركة الكردية وإفشال قرار بغداد في تشكيل القوةquot; مطالبا اياهم بالعمل على quot;لعب دورهم في إيجاد حل سلمي لهذه المشكلةquot;.

ويبلغ عدد سكان محافظة كركوك حوالى مليون نسمة وتضم مكونات متنوعة من الاكراد والتركمان والعرب والمسيحيين وهي في مقدمة المناطق المتنازع عليها.. ففي حين يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 يرفض تركمان وعرب المحافظة ذلك ويدعون لبقائها محافظة مستقلة ترتبط بالعاصمة او تحويلها الى إقليم مستقل بذاته.

المالكي مستعد للقاء بارزاني برعاية طالباني

إلى ذلك، اعلن في بغداد ان رئيس الوزراء نوري المالكي مستعد وغير معترض على لقاء يجمعه مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني عندما يكون اللقاء في ضيافة رئيس الجمهورية جلال طالباني في محافظة السليمانية في اقليم كردستان.

وقال علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء ان المالكي سيزور الرئيس طالباني بعد عودته من رحلة العلاج من المانيا سواء كان رئيس الجمهورية في بغداد او في محافظة اخرى مضيفاً ان المالكي سيزور طالباني حتى وان لم تكن هناك دعوة لزيارته لان رئيس الوزراء يعلم بأن رئيس الجمهورية كان في العلاج ويريد الاطمئنان إليه.

واوضح مستشار رئيس الوزراء ان المالكي لا يعترض على اللقاء الذي قد يجمعه مع بارزاني خلال زيارتهما للرئيس طالباني مشيراً في تصريح لموقع quot;خندانquot; الكردي الى ان المالكي لم يعترض يوما على إجراء الحوار وانه دعا الى عقد اجتماع وطني يضم الاطراف السياسية وطرح المواضيع المختلف عليها.

وسيعود طالباني الى مدينة السليمانية الشمالية مقر حزبه وسكن عائلته منتصف الاسبوع المقبل من رحلة علاج في المانيا استمرت لحوالى الشهرين. ومن المنتظر ان يزور كل من بارزاني والمالكي الرئيس طالباني الاسبوع المقبل قبل عقد لقاء ثلاثي بينهم.

وتشهد العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كردستان توتراً منذ عدة اشهر تتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة ابرزها التعاقدات النفطية للإقليم وإدارة الثروة النفطية والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها بينها محافظة كركوك وفي ادارة المنافذ الحدودية والمطارات وغيرها من الصلاحيات الإدارية والقانونية.

وقد هدد بارزاني في تصريحات تلفزيونية مؤخرا بانفصال الاقليم في حال استمرار الازمة السياسية والخلافات بين حكومتي أربيل وبغداد. وقال إن quot;الوضع الحالي لا يمكن السكوت عليه، ولا يُسمح لنا الاستمرار، فشعبنا لن يتحمل، كما أني متأكد أن الشعب العراقي لن يقبل بذلك، بالتأكيد في بعض الامور سأضطر إلى العودة إلى الشعب، ولكن ينبغي علي أولا استشارة الاحزاب والقوى في المنطقة يجب أن استشير البرلمان فهذا ليس قرارا خاصا بي لأتخذه لوحدي لكن بالتأكيد في اللحظة التي نشعر فيها باليأس وفقدان الامل في حل هذه المشاكل فسأعود إلى شعبي ولكن قبل ذلك يجب علي استشارة الكتل السياسية و البرلمان في الاقليم.

وعقب ذلك اثار عدد من نواب ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي ضرورة استجواب بارزاني امام مجلس النواب حول ما سمّوها خروقا دستورية وتهريب النفط من كردستان وتدريب أكراد سوريين في الاقليم ومنع القوات الاتحادية من أداء مهامها في حماية الحدود.

لكن بارزاني حسم الجدل الدائر بين السياسيين مؤكدا مطلع الشهر الماضي استعداده للمثول امام البرلمان العراقي في بغداد لتوضيح حقائق الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل. وقال quot;إن بعض وسائل الاعلام العراقيية تتحدث بشأن انشغال عدد من أعضاء مجلس النواب بتوجيه مطالبة الى رئاسة مجلس النواب لاستضافتيquot;. وأضاف quot; أكنّ احتراماً كبيراً لهذا المجلس الذي يمثل الشعب العراقي بكل مكوناته وأفخر بأننا شاركنا قدر الامكان في خلق ظروف ليكون العراق صاحب هذا المجلسquot;.