رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان

لا يتوقف رئيس الوزاء التركي رجب طيب أردوغان عن توجيه النقد اللاذع للرئيس السوري بشار الأسد، آملًا أن يعزى إليه دور البطولة في مهمة إسقاط نظامه.


في ظل تصاعد الأحداث المأساوية التي تشهدها سوريا، مع تواصل القتال بين الثوار والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد، لم يعد لدى تركيا ما تخاف عليه أن تخسره من مصالح في سابق تعاملاتها مع نظام الأسد، حيث وجه قبل بضعة أيام رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، انتقادات لاذعة إلى الرئيس السوري، خلال اجتماع أجراه مع أعضاء من حزبه الحاكم، العدالة والتنمية، بعد أن قال فيه: quot;إن المجازر التي تحدث في سوريا ويزداد زخمها نتيجة تعامل المجتمع الدولي معها باللامبالاة، آخذة في الازدياد. وقد تحول النظام في سوريا الآن إلى دولة إرهابية. ونحن لا نمتلك الترف لنكون غير مباليين بما يدور هناك من تصعيد في الأحداثquot;.

واعتبرت مجلة فورين بوليسي الأميركية أن ذلك الموقف جاء ليشكل تتويجاً للغة القوية على نحو متزايد من جانب قائد محافظ للغاية يبدو أنه بحاجة لتحقيق الاستقرار السياسي في سوريا، وكذلك للعب دور البطل الرئيسي في إسقاط نظام الأسد.

وعبَّر أردوغان عن أسفه لتلقيه دعماً محدوداً من جانب حلفاء تركيا. وفي تصريحات أدلى بها لمحطة سي إن إن في الخامس من الشهر الجاري، قال أردوغان إن الولايات المتحدة quot;تفتقر للمبادرةquot; في التعامل مع الأزمة التي تشهدها سوريا حالياً.

وتابع قائلاً: quot;كانت هناك عدة أمور متوقعة من الولايات المتحدة. ولم ترقَ واشنطن حتى الآن لمستوى تلك الطموحات. وهو ما قد يعود إلى وضعية ما قبل الانتخاباتquot;.

وأشارت المجلة في السياق ذاته إلى الانتقادات المتزايدة التي يواجهها أردوغان من جانب النخب السياسية الليبرالية، ومضت تنقل عن سولي أوزيل، المعلق السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر حاس في اسطنبول، قوله: quot;لا يوجد في البلاد من يضغط عليه لكي يشارك بالعمليات في سورياquot;. لكن مع قدوم موجة الربيع العربي، فقد دعم بقوة الثوار الذين يعملون من اجل الإطاحة بالنظام القائم.

وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط لدى مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، إن رئيس الوزراء التركي يهدف اليوم لأن يكون شخصية دبلوماسية بارزة تربطها علاقات جيدة بالغرب والشرق الأوسط،ويكون بمقدوره التخلص من المشكلات التي تعج بها حدوده.

وتابع ألترمان حديثه بالقول: quot;وهناك طرق بالتأكيد يمكن لسوريا أن تساعد من خلالها أردوغان على الخروج منتصراً من كل ذلك، لكنّ هناك طرقاً أخرى من الممكن أن تخلق له كثيراً من الفوضىquot;.

وأعقبت فورين بوليسي بقولها إنه ومنذ نشوب الأزمة السورية في آذار (مارس) العام الماضي، وأردوغان يسير على حبل مماثل لحبل البهلوان بين التدخل والعزلة. وقد تعهد مؤخراً بأنه في حال اقتراب أي وحدة عسكرية سورية من الحدود، فإنه سيتم التعامل معها كتهديد وكهدف عسكري. ومع هذا، فإنه أوضح كذلك أن مروحيات سورية قامت باختراق الأجواء التركية خمس مرات من دون أي رد من جانب بلاده.

وأضاف سلمان الشيخ مدير مكتب معهد بروكينغز في الدوحة quot;لا يريد الأتراك تدخلاً سريعاً في سوريا. ويخشى معظمهم أن يتورطوا هناك. ومع هذا، فقد يرد الأسد بتصدير التهديدات الأمنية لتركيا للرد على دعم أنقرة لمقاتلي المعارضة السوريةquot;.

وعاود أوزيل ليقول quot;أخفق رئيس الوزراء وحزبه في إقناع شعبه بأن السياسات التي يتبعها صحيحة. وينطوي ذلك على الناس الذين يعتبرون أنصاره في واقع الأمرquot;. فيما عاود الشيخ ليقول: quot;مازال يفتقر أردوغان إلى الدعم الذي يتيح له إمكانية التدخل في سوريا. لكن هذا الأمر يتعارض كذلك مع مصلحة الأمن القومي الحيويةquot;.

وختمت المجلة بلفتها إلى أنه من المعروف عن الرئيس السوري إثارته للمشكلات مع الأكراد باعتبارها طريقة للفت انتباه تركيا. وهنا عاود ألترمان ليقول عن الإستراتيجية التي ينتهجها الأسد بهذا الخصوص: quot;شاهدنا العام الماضي نشاطاً متزايداً من جانب حزب العمال الكردستاني بهدف معاقبة تركيا. وتعتبر القضية التركية نقطة احتكاك في هذا كله، وهي أداة يستخدمها الناس للرد على بعضهم البعضquot;.