كشف عدنان منصر، الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية ومستشار الرئيس المنصف المرزوقي، في حوار خصّ به (إيلاف)، عن اقتراح سيتقدّم به الرئيس التونسي إلى الأمم المتحدة ويتعلق بانشاء محكمة دستورية دولية يكون الهدف منها مراقبة اختراقات حقوق الإنسان، وتكون مشابهة لمحكمة العدل لكن على المستوى الدستوري. منصر تحدّث كذلك عن الوضع السياسي في تونس، وعن الصعوبات التي تعيق عمل الحكومة والرئاسة.


تونس: اعتبر عدنان منصر، الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية ومستشار الرئيس المنصف المرزوقي، أن الحكومة لا تحتاج إلى تعبئة الشارع للقيام بالإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد.

ويرى منصر أن الحكومة، التي يرأسها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة، أضاعت كثيرًا من الوقت ولم تفهم أن التفويض الذي قدمته لها نتائج الانتخابات هو سلطة شبه مطلقة للقيام بالإصلاحات.

وعبّر منصر عن دعم رئاسة الجمهورية المبدئيّ لإصدار القائمة السوداء للإعلاميين الموالين للرئيس المخلوع بن علي، إلا أنه يرى أن عامل التوقيت مهم جدًا حتى تجتنب الحكومة شبهة القيام بمقايضة أو حملة انتخابية أو محاولة اخضاع الصحافيين.

وحول ملفات الفساد الموجودة في قصر قرطاج، قال منصر إن رئاسة الجمهورية تبحث عن طريقة تضمن عدم افلات المذنبين من العقاب مع الحرص على أن تتم العملية عبر القضاء.

عدنان منصر الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية ومستشار الرئيس المنصف المرزوقي

وكشف عن قيام عناصر من quot;أمن الدولةquot;، في الأيام الموالية لهروب الرئيس المخلوع بن علي، بإخفاء جزء هام من أرشيف مؤسسة الرئاسة وملفات أخرى هامة وحساسة مما يعرقل عمل المؤسسة التي تسعى إلى أن تكون quot;شفافة ومفتوحةquot;.

وانتقد منصر الدعوات الصادرة عن أحزاب المعارضة القائلة بأن الشرعية الانتخابية ستسقط بحلول موعد 23 أكتوبر القادم، معتبرًا ذلك quot;كلاماً فارغًا على جميع الأصعدةquot;. واتهم حركة quot;نداء تونسquot;، التي يتزعمها رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي، بالوقوف وراء ذلك.

كما نفى حصول خلافات بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية حول ملف التعيينات الديبلوماسية. وأرجع تأخير الاعلان عن حركة السلك الدبلوماسي إلى تعقيد الملف والبحث عن الأشخاص المناسبين لهذه المناصب.

في ما يلي نصّ الحوار كاملاً:

بخصوص مشاركة الرئيس المرزوقي في الندوة التي تعقدها قطر حول استرجاع الأموال المنهوبة والخاصة بدول الربيع العربي. هل هناك تطورات في هذا الملف؟

أود الاشارة إلى أن هذا الملتقى الذي ستنظمه دولة قطر لا يخصّ تونس فقط، وإنما كل دول الربيع العربي، وهذا أمر هام بما أن هذه الدول لديها نفس المطالب، ونحن نعتقد أنه ينبغي أن تقوم هذه الدول بعمل مشترك وقويّ لاسترداد الأموال وتتبعها، وهذه عملية معقدة ومكلفة والأساليب العادية من الصعب أن تؤتي أكلها.

الحوار مع الأشقاء في قطر حول الأموال المهرّبة والهاربين المطلوبين الى القضاء التونسي لم يتوقف. نحن نأمل أن تكون هذه الزيارة فرصة لتلبية هذه المطالب، لكن ليست لدينا معطيات واضحة الى حد الآن.

وهذا الملف عمومًا لن يطرح لأول مرة، بل سبق وأن أثرنا المسألة خلال زيارة الرئيس الأخيرة إلى المملكة السعودية للمشاركة في قمة مكة، وتم طرحها بقوة في تصريحات رسمية لرئيس الدولة في الصحافة السعودية رغم أن الوفد التونسي لم يلتقِ مباشرة بمسؤولين سعوديين آنذاك.

نحن نأمل أن يقوم الأشقاء القطريون بحركة في هذا الاتجاه، ولا يوجد إلى حد الآن رفض لذلك لكننا لا ندري عمّا ستسفر هذه المشاركة.

آخر هذا الشهر سيشارك الرئيس المرزوقي أيضاً في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وعلمنا أنه سيقدم مشروعًا حول محكمة دستورية دولية. هل من تفاصيل حول الموضوع؟

نعم سيشارك في هذه الجلسة قبل المشاركة في القمة الاميركية اللاتينية العربية في دولة البيرو.

هذا المشروع يعمل عليه الرئيس المرزوقي منذ سنوات، وهو يتعلق باقتراح انشاء محكمة دستورية دولية يكون الهدف منها مراقبة اختراقات حقوق الإنسان، وتكون مشابهة لمحكمة العدل لكن على المستوى الدستوري.

وقد تم الاتصال منذ أشهر بعديد الدول والجهات للحصول على مساندتها لهذا المشروع الذي أعدته لجنة من الخبراء من بينهم الاستاذ عياض بن عاشور.

الحركة الدبلوماسية تأخرت ولم يتم الاعلان عنها إلى حد الآن. ما أسباب ذلك، وهل فعلاً هناك خلافات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حول بعض التسميات؟

أريد التأكيد أن التأخير الحاصل في اجراء هذه الحركة لا يعود إلى خلافات، وإنما في بعض الأحيان عندما يتم اقتراح أسماء أحد الأطراف المتشاورة حول الموضوع يتفطن إلى أنه قد لا يكون المرشح هو الشخص المناسب لوجود شبهات حول التورط في ملفات فساد أو عدم توفر عامل الأقدمية الكافية أو الخبرة.

ما يجب أن نفهمه هو أن العملية تتعلق باختيار سياسي في معظم الحالات مع الالتزام بالضوابط المهنية التي تم تحديدها في وزارة الخارجية. ومن تتوفر فيه الشروط المهنية ليس بالضرورة أن تتوفر فيه الشروط السياسية بسبب وجود شبهات، كما أن هناك معيارًا هامًا للاختيار وهو ما سيقدمه المرشح من اضافة إلى هذا المنصب، وبالتالي المسألة فيها عديد التعقيدات.

عمومًا التواصل بين رئاسة الجمهورية والحكومة يتم بصفة يومية حول الموضوع وقد تم الاتفاق حول أغلب المواقع ما عدا بعض السفارات مثل واشنطن.

كان من المفترض أن يتم الاعلان عن هذه الحركة خلال الأسبوع الحالي، ولكن يبدو أنه سيتم تأخير ذلك إلى الأسبوع بعد القادم بسبب التزامات رئيس الجمهورية.

نعود إلى خطاب رئيس الدولة خلال افتتاح المؤتمر الوطني لحزبه، وانتقاده بشدة لحركة النهضة حليفته في الحكم. ما الرسالة السياسية التي أراد المرزوقي إبلاغها لقيادات النهضة التي كانت حاضرة؟

في البداية أريد التوضيح أن هذا الخطاب لم يكن يعلم بمحتواه أحد ما عدا الرئيس، والخطاب لم يكن بصفته رئيسًا للجمهورية وإنما كمؤسس لحزب المؤتمر.

أولا، عندما يتم انتقاد حركة النهضة أو الحكومة، الهدف هو تحسين الأداء لأننا جميعا نركب نفس السفينة. وأودّ التأكيد على أننا في نفس السفينة، إذا قام أحد بإحداث ثغرة فيها سيغرق الجميع، وبالتالي لم يكن انتقادًا لعدوّ أو خصم وإنما هو انتقاد موجه إلى الحليف والصديق.

ثانيًا، مضمون الخطاب والنقد ليس بالجديد وموجود بخطابات أخرى سابقة كانت أثارت بعض التململ لكن لم تثر ردود فعل مشابهة لما حصل بعد الخطاب الأخير، وشخصياً تعجبت لذلك، وهذا يدل على أمرين اثنين، فإما السبب هو وجود حساسية نفسية بما أن الأمر يتعلق بافتتاح مؤتمر حزب، وإما ليست هناك متابعة دقيقة لمضامين الخطابات الأخرى بما فيها خطاب الرئيس في المجلس الوطني التأسيسي الذي حذر خلاله من قيام ثورة ثانية في صورة عدم القيام بإصلاحات حقيقية.

نحن نعتقد أن كل هذا أمر ثانوي، وان كنت أعتقد شخصيًا أن ردود الفعل النهضوية كانت مبالغًا فيها والدليل على ذلك التصريحات الخارجة عن السياق مطلقًا... فلما يقول الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الرئيس يريد وضع ساق في الحكم وساق في المعارضة، هو بنفسه يضع ساقًا في الحكم وأخرى في المعارضة بما أنه ينتقد رئيس الجمهورية.

المشكل ليس هنا، هذه مسائل تقنية وثانوية. المهم هو أن تكون لديك أهداف يُفترض أن تبلغها وإن لم تتمكن من بلوغها فتكون قد سعيت إلى ذلك.

ما تقييمكم لأداء الحكومة وأين يكمن الخلل في أدائها حسب رأيكم؟

أولا يجب الاقرار بأن الحكومة تعمل في ظروف صعبة جداً، وأصعب شيء في هذه الظروف هي الإدارة التي لا تنفّذ القرارات.

اكبر عائق أمام الاصلاحات هي الادارة بثقلها البيروقراطي وبوجود تأثيرات سياسية داخلها، تعليمات الوزراء تتطلب وقتًا طويلاً حتى تنفّذ، وذلك لاعتبارات سياسية فبعض المديرين العامين هم ضد التشكيلة الحكومية الحالية، إلى جانب تواصل وجود قوانين تعيق اتخاذ الاجراءات السريعة.

كما أن هناك نقصاً في الخبرة، ويجب الاعتراف بهذا الأمر فالمتواجدون بالحكومة اليوم يشاركون في الحكم للمرة الأولى، وهذا ليس بالأمر السلبي، لكن بالإمكان الحصول على التجربة بسرعة شرط وضوح الرؤية وتحديد المسار العام.

أعتقد أن quot;الترويكاquot; أضاعت كثيرًا من الوقت مما جعل هذه المعوقات تتفاقم. ما لم تفهمه الحكومة أن التفويض الذي قدمته لها نتائج الانتخابات هو سلطة شبه مطلقة للقيام بالإصلاحات. ولا أرى موجباً لأن تقوم الحكومة بتعبئة الشارع حتى تقوم بهذه الإصلاحات، فلا أحد سيتجرأ على الاحتجاج على هذا ما عدا أنصار النظام القديم الراغبين في العودة.

يبدو أن هناك خللاً ما في التنسيق بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ما سبب ذلك؟

حسب رأيي، العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة مرت بثلاثة أزمنة منذ تشكيل الترويكا.

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي

خلال الفترة الأولى، انكب كل طرف على دراسة ملفاته ولم يكن هناك عائق سياسي يمنع التنسيق، وقد تم التدارك بسرعة بعقد اجتماعات دورية للرئاسات الثلاث وللترويكا.

الفترة الثانية كانت متزامنة مع قضية تسليم البغدادي المحمودي التي تسببت في أزمة داخل الترويكا وقطيعة بين الرئاستين.

أما الفترة الثالثة، أي منذ حوالي الشهرين، فقد عادت المياه إلى مجاريها ويمكن القول إننا نعيش أفضل فترة على مستوى التواصل بين مكونات الترويكا. وعلى عكس ما يتبادر إلى أذهان البعض، خطاب الرئيس الأخير لم يكن له أي تأثير على التواصل والعلاقة داخل الترويكا.

حول حملة quot;إكبسquot; والوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي شهدتها ساحة الحكومة بالقصبة. ما تعليقكم؟

هناك قلة وضوح في المسألة فلا نعرف الطرف المنظم بالتحديد إلى حد الآن للتحرك الأخير، وحتى إذا تعرفنا على هذا الطرف المنظم فنجد أطرافًا أخرى وتدخلاً لمسؤولين في الحكومة. لكننا نرى أن تحرك المجتمع المدني للضغط على الحكومة من أجل القيام بإصلاحات خطوة إيجابية، وهذا ضمان للديمقراطية. لكن هل الحكومة في حاجة إلى من يذكرها بواجباتها؟ أعتقد أنها ليست في حاجة إلى ذلك، فمهامها واضحة وبالتالي عليها الانطلاق مباشرة في القيام بذلك.

رئاسة الجمهورية لديها أيضًا ملفات فساد في الأرشيف. هل تنوون الكشف عنها؟

الملفات موجودة ونحن نبحث عن طريقة تضمن عدم افلات المذنبين من العقاب، وأن تتم العملية بالطرق المتعارف عليها وخصوصًا عبر القضاء، وعلى سبيل المثال جزء من الملفات التي أحيل بسببها عدد من القضاة على عدم المباشرة تسلمتها وزارة العدل من رئاسة الجمهورية.

ولكن يجب أن نوضح أن هناك حرصًا أن لا يقع استعمال هذه الملفات لهدف سياسي أو حزبي.

بعد مرور أكثر من تسعة أشهر، ما تقييمكم لأداء رئاسة الجمهورية وما أبرز العراقيل التي واجهتكم؟

الاداء انطلق متعثراً في البداية لأن الديوان الرئاسي كان منقوصًا، لكن بمرور الوقت تحسّن الأداء بصفة ملحوظة وتم التخلّي عن عديد الأشياء التي تعطي انطباعًا عن وجود ارتجاليّة في العمل.

نحن الآن نشتغل على ملفات مثل القمة المغاربية والمحكمة الدستورية الدولية وتوجيه الدبلوماسية التونسية نحو اختيار استراتيجية مستقبلية جديدة.

أما العراقيل التي واجهتها فأولها التنظيم الموقت للسلطات العمومية الذي يمنعنا من إفادة الحكومة في عديد المسائل ويجعل طريقة القيام بذلك أصعب. كما أن خلال فترة رئاسة فؤاد المبزع، كانت مؤسسة رئاسة الجمهورية غائبة تمامًا، والعودة مع وجود التنظيم الموقت للسلطات العمومية ليس أمرًا سهلاً.

هناك مسألة أخرى هامة، وهي أننا لم نعثر على عديد الوثائق. جزء كبير من أرشيف رئاسة الجمهورية والملفات الهامة اختفت إذ قام quot;أمن الدولةquot; بتنظيف المكاتب بطريقة منهجية خلال الفترة الممتدة بين 15 يناير و 30 يناير 2011، ويبدو أن الهدف من هذه العملية كان تعطيل مؤسسة الرئاسة لمدة طويلة.

نحن نسعى إلى أن تكون مؤسسة الرئاسة شفافة ومفتوحة، وتقوم بدور رمزي وسياسي هام إلى جانب احترام القانون المنظم للسلطات العمومية والموازنة بين كل هذا ليس بالأمر البسيط.

ما رأيكم في طريقة معالجة ملف الإعلام خصوصًا وأن القطاع يشهد تجاذبات عديدة منذ مدة؟

التعيينات في قطاع الاعلام من مشمولات رئيس الحكومة، لكن ينبغي على رئاسة الحكومة التشاور بما يكفي حتى لا تثير بعض التعيينات اشكالات جديدة. لكن مشكلة قطاع الاعلام لا تتعلق بملف التعيينات فقط، فالقطاع يحتاج إلى إعادة تنظيم ولا يمكن أن نصل إلى الموعد الانتخابي القادم دون القيام بذلك.

ونعتقد أن حلّ هذا المشكل يكون بتفعيل المراسيم المنظمة للقطاع، ولكن ليس كما يدعو إلى ذلك البعض، لأن بعض الفصول بهذه المراسيم تمت صياغتها على مقاس بعض الأشخاص، وكمثال على ذلك مسألة تمويل هيئة الاتصال السمعي والبصري... لا توجد دولة في العالم تسمح بقبول مثل هذه الهيئات لهبات، وانما يقتصر تمويلها على دافعي الضرائب وميزانية الدولة.

تفعيل هذه المراسيم بصيغتها الحالية أمر لا سبيل إليه، وهذه مسؤولية المجلس التأسيسي. وإذا كان البعض يعتبر أن هذا ليس من مشمولات المجلس التأسيسي، فكيف نقبل بهذه المراسيم التي صادقت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة على أحدها في جلسة حضرها أربعون شخصاً من بين مائة وخمسين عضواً؟

وما رأيكم في موضوع القائمة السوداء للإعلاميين والاتهامات الموجهة للحكومة بأنها تسعى إلى مقايضة الصحافيين عبر هذا الملف؟

الحكومة أضاعت الكثير من الوقت في هذا الملف، وكان عليها فتحه منذ البداية حتى تُبعد عليها شبهة القيام بمقايضة أو حملة انتخابية أو محاولة الإخضاع، فاختيار التوقيت هام جداً.

لكن مبدئيًا، نحن مع اصدار هذه القائمة السوداء خصوصاً وأن عدداً من الناشطين في قطاع الاعلام أصبحوا زعماء للثورة بينما تحصلوا سابقًا على رشاوى بمئات الملايين من ميزانية الدولة مقابل الدعاية للدكتاتورية أو التجسس لفائدة النظام ويجب أن يقوموا بإعادة أموال الشعب التونسي.

ما رأي رئاسة الجمهورية في عرض المستشار السابق أيوب المسعودي على المحاكمة العسكرية بسبب تصريحاته؟ ألا تعتبرون ذلك مصادرة لحرية الرأي والتعبير؟

رئاسة الجمهورية غير معنية برفع أي تتبع قضائي ضد المسعودي، رغم أنه استخدم جواز سفره الدبلوماسي بعد استقالته وعندما يستقيل أحد المسؤولين عليه التخلّي على جميع الامتيازات من الناحية الأخلاقية.

الموضوع هو ماهي حدود حرية التعبير وماهي حدود الثلب؟ نحن نأمل أن يحسن القضاء التفريق وأن تحلّ المسألة بأقل التكاليف.

كما أود التأكيد أن لا صحة للإشاعات القائلة بأن رئيس الجمهورية سيصدر عفوًا عن أيوب المسعودي في صورة الحكم ضده، وهذا لا يعني أن الرئيس لن يصدر عفواً، وانما لا وجود لأي قرار الآن حول الموضوع.

هناك من يعتبر أن المؤسسة العسكرية في تونس بقيت غامضة وتتمتع بنوع من القداسة والحماية من النقد. والأكيد أنكم تابعتم استحسان التونسيين خبر اقالة الرئيس المصري لقيادات المجلس العسكري، في حين بقيت المؤسسة العسكرية في تونس كما هي ولم تشهد تغييرات. ما سبب ذلك؟

المقارنة بين تونس ومصر غير دقيقة. في مصر كانت هناك تهديدات من الجيش بإبطال العملية الانتخابية وقام بحلّ مجلس منتخب. كما أن الوضع مختلف بين البلدين على المستوى القانوني، فسلطات الرئيس المصري مطلقة بينما في تونس تنظيم السلطات العمومية ينصّ على أن التعيينات والتغييرات التي تمسّ المؤسسة العسكرية يتم اتخاذها بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبالتالي المقارنة غير جائزة أيضاً من الجانب الدستوري.

أيضا، علاقة الجيش بالثورة في مصر وتونس مختلفة تماماً. وعموما لا أعتقد أن المؤسسة العسكرية بعيدة عن الانتقادات، لكن اذا بلغت الانتقادات درجة معيّنة تردّ المؤسسة العسكرية الفعل وتلجأ إلى القضاء ويبقى هذا من حقها حسب رأيي، ومن حق القضاء الحسم والبتّ في الأمر.

مع اقتراب موعد 23 أكتوبر، جزء من المعارضة يرى أن الشرعية ستسقط بحلول هذا التاريخ. ما رأيكم؟

هذا كلام فارغ على جميع الأصعدة. فعلى المستوى السياسي، إذا تُسقط شرعية ما ولا تعوضها بشرعية أخرى فيعني ذلك الفراغ.

أما على المستوى القانوني، هذا الحديث لا قيمة له لأن المجلس التأسيسي كامل الصلاحيات. الباجي قائد السبسي قام بدور، جزء منه ايجابي، لكن هذا لا يعطيه شرعية القول بأن سلطة الأمر الذي أصدره لما كان رئيسًا للحكومة ويحدد فترة عمل المجلس بسنة أقوى من سلطة المجلس التأسيسي نفسه.

كما أنه ليس من الصدفة أن من حاولوا انقاذ بن علي ليلة 13 يناير، ومن رفضوا دعم اعتصامي القصبة الأول والثاني، ومن رفضوا الغاء الدستور القديم والتوجه نحو انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، ومن دعوا أن لا تكون للمجلس التأسيسي صلاحيات كاملة ودعموا فكرة الاستفتاء، ثم لم يرضوا بنتائج انتخابات 23 أكتوبر... هم نفسهم من يشككون في الشرعية اليوم.

أنا أعتقد أن وراء كل هذا ما أسميه بحزب القبّتين، أي حزب نداء تونس... حزب القبة الأولى حين استقال الغنوشي، والقبة الثانية لما عقد القطب الحداثي آخر اجتماعات حملته الانتخابية ... هؤلاء يشكلون حزب نداء تونس.

لكنّ رسم خارطة طريق واضحة للفترة المقبلة أمر ضروري ومنطقيّ. أليس كذلك؟

مكونات quot;الترويكاquot; هي أكثر الأطراف المستعجلة لاجراء الانتخابات ونحن نفضل أن تتم الانتخابات في أقرب فرصة، لكن المسألة بيد المجلس الوطني التأسيسي.

ومن يقول إن الشرعية ستسقط بحلول تاريخ 23 أكتوبر، عليه أن يعلم أن الشرعية ستسقط عن المجلس التأسيسي أيضًا وليس الحكومة بمفردها حسب منطقه. ماذا سنفعل حينها؟ هذا كلام فارغ الهدف السياسي منه هو بث عدم الاستقرار، وأنا متأكد أن الأطراف التي تدعو إلى ذلك ليست لديهم القدرة على فعل أي شيء.

لا يمكن لوم حزب معيّن على تعطيل هذه المسألة، وانما هذه مسؤولية كافة أطراف المجلس التأسيسي بما فيه نواب المعارضة ونواب الترويكا ورئاسة المجلس، رغم أني لا أعتقد أن هناك تعطيلاً قد حصل.

بعد انعقاد المؤتمر الوطني لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس)، أين تضعون quot;المؤتمرquot; على الخارطة السياسية اليوم بصفتكم عضواً في مكتبه السياسي؟

حزب المؤتمر مرّ بصعوبات كبيرة جدًا، لكن المؤتمر الوطني الثاني الأخير مثّل انطلاقة نفسية كبرى لمناضلي الحزب. وشهادتي الخاصة أن المؤتمر الوطني الأخير لحزب المؤتمر كان الأكثر ديمقراطية في مؤتمرات كل الأحزاب، والدليل على ذلك أن عملية فرز الانتخابات تمت بحضور الاعلاميين وكذلك مناقشة فصول النظام الداخلي.

ما يتطلب العمل الآن هو تحديد الخط السياسي بوضوح أكثر من السابق وتموقع الحزب في الفترة القادمة سيكون متعلقًا بهذه المسألة.

لا نفكر حاليًا في تغيير تحالفاتنا وليست لدينا رغبة في المطلق في تغيير التحالفات إلا على ضوء ما ستفرزه الانتخابات القادمة والأمر سابق لأوانه. نحن الآن في نفس السفينة ونسعى من داخل هذا التحالف أن تسير الأمور نحو الشراكة الحقيقية في القرار، الأمر الذي لم يكن دائمًا متواجدًا، والدفع نحو تفعيل وانجاز الأشياء التي انتخب الناس من أجلها الثلاثي الحاكم.

هناك من قرأ أن دخولكم حزب المؤتمر وترشحكم إلى عضوية المكتب السياسي، مع بعض مستشاري الرئيس الآخرين، كان بهدف إعادة تموقع الرئيس المرزوقي داخل الحزب. ما تعليقكم؟

هذا الكلام غير دقيق، فمكانة المرزوقي داخل حزب المؤتمر لم تتغيّر قبل انضمامنا وبعده، والدليل هو حصول المرزوقي بالإجماع على صفة الرئيس الشرفي للحزب.

المسألة تمت بسلاسة، إذ اكتفينا بصفة الملاحظين خلال المؤتمر والمشاركة في صياغة بعض اللوائح على هذا الأساس وليس كمؤتمرين يشاركون في التصويت. كما أن المنظمين الجدد إلى الحزب أشخاص لديهم حضور على الساحة ولا أعتقد أن المؤتمرين كانوا سينتخبونهم إن لم يكن لديهم قبول داخل أوساط الحزب.