سلمت الحكومة التونسية البغدادي المحمودي وهو آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، والمسجون في تونس منذ أيلول/سبتمبر الماضي، إلى السلطات الليبية الانتقالية الأحد، وذلك رغم تحفظ الرئيس المرزوقي على توقيع مرسوم التسليم.


تونس: سلمت الحكومة التونسية الاحد البغدادي المحمودي (67 عاما) آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الى ليبيا التي تطالب بمحاكمته، لكن الرئاسة التونسية رفضت هذا الامر متهمة رئيس الوزراء التونسي بquot;تجاوز صلاحياتهquot;.

وقالت الحكومة التونسية برئاسة حمادي الجبالي امين عام quot;حركة النهضةquot; الاسلامية، في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه quot;تم اليوم الأحد 24 حزيران/يونيو 2012 تسليم المواطن الليبي البغدادي علي أحمد المحمودي إلى الحكومة الليبيةquot;.

واوضحت ان التسليم جاء بعد quot;الاطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة الى طرابلس لمعاينة شروط توفر المحاكمة العادلة للمواطن البغدادي المحمودي، وبناء على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حماية البغدادي المحمودي من كل تعد مادي أو معنوي وتجاوز مخالف لحقوق الانسانquot;.

واضافت ان التسليم يستند الى حكمين قضائيين صادرين في 8 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 عن محكمة الاستئناف في تونس.

وذكرت بان مجلس الوزراء التونسي quot;وافقquot; خلال جلستي عمل في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 باشراف رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، والثانية في 15 ايار/مايو 2012 باشراف حمادي الجبالي quot;على تسليم المواطن البغدادي المحموديquot;.

وسرعان ما نددت الرئاسة التونسية بالقرار الحكومي، متهمة رئيس الوزراء حمادي الجبالي بquot;تجاوز صلاحياتهquot;.

واعربت الرئاسة في بيان عن quot;رفضهاquot; وquot;ادانتهاquot; لقرار تسليم المحمودي إلى quot;الحكومة الليبية المؤقتةquot;، معتبرة ان التسليم quot;قرار غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، خاصة وأنه تم بشكل أحادي ودون استشارة وموافقةquot; الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.

وأضافت الرئاسة ان الجبالي سلم المحمودي لليبيا quot;دون تشاور لا بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي) ولا في اجتماعات (أحزاب) الترويكا (التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس) وآخرها ذلك الذي انعقد يوم الجمعة 22 حزيران/يونيو 2012quot;.

وحملت الرئاسة الجبالي مسؤولية quot;ما قد يكون لهذه الخطوة من انعكاسات على الائتلافquot; الثلاثي الحاكم، مؤكدة ان quot;أمر التسليم الذي وقعه رئيس الحكومة فيه خرق واضح لالتزامات بلادنا الدولية وتجاه الأمم المتحدة خاصة وأن المنظمة الدولية للاجئين طالبت السلطات التونسية بعدم تسليم السيد المحمودي قبل البت في مطلب اللجوء المقدم من طرفه بحسب ما يجري به التعامل وفق اتفاقية جنيف لسنة 1951quot;.

وبحسب القانون التونسي، فان تسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس لا يتم إلا بعد توقيع رئيس البلاد على مراسيم (قوانين) تسليم.

وكان عدنان منصر الناطق الرسمي باسم الرئيس التونسي منصف المرزوقي صرح في وقت سابق ان الاخير الموجود جنوب البلاد للاحتفال بعيد الجيش quot;لم يوقع مرسوم تسليمquot; المحمودي وان رئاسة الحكومة quot;اتخذت بمفردها قرار التسليم من دون أن تأخذ رأي الرئاسةquot;.

وينتمي المرزوقي الى حزب quot;المؤتمرquot; (يساري وسطي) الذي يشكل مع quot;التكتلquot; (يساري وسطي) وquot;حركة النهضةquot; (إسلامية) الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس.

وكان المرزوقي اعلن في مقابلة مع تلفزيون خاص في 7 حزيران/يونيو الجاري quot;معارضته المبدئيةquot; لترحيل البغدادي المحمودي.

وقال quot;ما زلت اعارض الترحيل،انه موقف مبدئي، لا يمكن ان اوقع الترحيل بحق شخص قد يتعرض للتعذيب او للقتل (...)quot;.

وفي 8 حزيران/يونيو 2012 رد حمادي الجبالي في مقابلة خاصة مع فرانس براس بأن بلاده سترحل المحمودي إلى ليبيا حتى إن لم يوقع الرئيس التونسي قرارا بتسليمه.

ووافقت رئاسة الحكومة التونسية على تسليم المحمودي إلى ليبيا خلال زيارة رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب إلى تونس في 17 و18 أيار/مايو الماضي لكنها اشترطت توفير quot;ضمانات محاكمة عادلةquot; له.

وقال حمادي الجبالي ان الحكومة الليبية قدمت quot;ضماناتquot; شفوية ومكتوبة بشأن quot;احترام حقوق الانسان، والحرمة الجسدية والمحاكمة العادلة للمحموديquot;.

ووصف مبروك كورشيد محامي البغدادي المحمودي، تسليم موكله إلى الحكومة الليبية بأنه quot;جريمة دولةquot;.

وقال المحامي الذي يرأس quot;هيئة الدفاعquot; التونسية عن المحمودي لفرانس برس quot;التسليم جريمة دولة (..) الحكومة التونسية لم تحترم القانون التونسي ولا الدولي ولا مبادئ حقوق الانسانquot;.

وأضاف أن المحمودي quot;تم ترحيله اليوم عند الساعة الخامسة صباحا بتوقيت تونس (5 تغ) على متن طائرة خاصة، دون علم رئاسة الجمهوريةquot;.

وتابع ان موكله تقدم بطلب إلى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل الحصول على اللجوء السياسي.

وكانت ليبيا وجهت طلبين رسميين بتسليم المحمودي لمحاكمته بتهمة الفساد المالي في عهد معمر القذافي، وquot;التحريضquot; على اغتصاب نساء ليبيات خلال ثورة 17 شباط/فبراير 2011 التي أطاحت بنظام القذافي.

ورفض الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع توقيع قرار التسليم مبررا ذلك بخشيته من تعرض المحمودي إلى quot;التعذيبquot; أو quot;القتلquot; مثلما حصل مع القذافي.

وأعلن رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب ان بلاده تسلمت الاحد البغدادي المحمودي الذي quot;اودع احد السجون التابعة لوزارة العدل والخاضعة لاشراف الشرطة القضائية وذلك بناء على امر الحبس الصادر بحقه في النيابة العامة بتهمة ارتكاب جرائم ضد ابناء الشعب الليبيquot;.

واوضح في بيان اصدره مكتبه ان الحكومة الليبية quot;تجدد تأكيدها بأن يلقى (المحمودي) المعاملة الحسنة بما يتفق مع تعاليم ديننا الحنيف وبما تقتضيه المعايير الدولية لحقوق الانسانquot;، مضيفا أن رئيس الوزراء الليبي السابق quot;سيقدم هو وامثاله الى محاكمة عادلة ونزيهةquot;.

وقبع المحمودي في سجن المرناقية قرب العاصمة تونس منذ اعتقاله في 21 ايلول/سبتمبر 2011 جنوب البلاد عندما كان يحاول التسلل إلى الجزائر المجاورة.