تجدالحكومة الليبية نفسها مجبرة على التحرك ضد المليشيات المسلحة بعد الهجوم الدامي على السفارة الأميركية، وذلك لقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية من الخارج.


بنغازي: دفع الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي الذي أدى الى مقتل السفير الاميركي وثلاثة اميركيين آخرين، بالسلطات الليبية الى التحرك ضد المليشيات الاسلامية المسلحة التي تنتشر في البلاد منذ الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي في 2011.

وتعتبر جماعة quot;انصار الشريعةquot; من بين أبرز المجموعات الاسلامية المتشددة التي ظهرت من فراغ السلطة في ليبيا منذ الثورة التي أدت الى الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي.

تخوفاتمنتحول ليبيا إلى افغانستان جديدة

ويشتبه على نطاق واسع بأن هذه الجماعة هي التي كانت وراء الهجوم على القنصلية الاميركية في مدينة بنغازي، والذي ادى الى مقتل السفير كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين خلال احتجاج على فيلم مسيء للاسلام الاسبوع الماضي.

وقال المحلل جابر العبيدي quot;كل الدلائل تشير الى انصار الشريعة كمشتبه بهم - واسمهم نفسه يربطهم بأبي يحيى الليبي وتنظيم القاعدةquot;.

ورحب تنظيم القاعدة بالهجوم الذي تزامن مع ذكرى هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، وقال انه جاء انتقامًا لمقتل ابي يحيى الليبي، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في غارة جوية بطائرة بدون طيار في حزيران/يونيو.

ورغم أن علم انصار الشريعة شوهد في القنصلية، الا ان فوزي ونيس القذافي، رئيس اللجنة الامنية العليا في بنغازي اكد أنه لا يوجد دليل كافٍ لاتهام أية جماعة بالهجوم.

وقال إن quot;العديد من الغاضبين بسبب الفيلم جاؤوا (الى القنصلية) بمن فيهم انصار الشريعةquot;.

وتنتشر العديد من الالوية الاسلامية الجيدة التسليح في بنغازي، مهد الثورة التي اطاحت بنظام القذافي.

فلواء quot;درع ليبياquot; ولواء quot;17 فبرايرquot; يعتبران من الالوية المقربة من جماعة الاخوان المسلمين، كما أن quot;كتيبة راف الله السحاتيquot; الجهادية هي الاشهر والافضل تسليحًا بين تلك المليشيات، التي تعمل جميعها اسميا تحت مظلة وزارة الدفاع.

ولكن جماعة quot;انصار الشريعةquot; التي لها قاعدتان قويتان في بنغازي، لا تنضوي تحت وزارة الدفاع.

ويقول يوسف الجهني مسؤول العلاقات الخارجية في انصار الشريعة لوكالة فرانس برس إن الجماعة quot;لم تشارك في أي عمل ضد السفارةquot;.

غير أن اسم هذه الجماعة هو الذي غالبًا ما يتردد على افواه السكان المحليين لدى سؤالهم عن الجماعات في بنغازي التي تعكس ايدولوجية وتكتيكات القاعدة.

ويؤكد الجهني (33 عامًا) الذي درس المحاسبة quot;لقد قاتلنا ضد القذافي ليس فقط لأنه القذافي، بل لتطبيق الشريعة الاسلامية في ليبياquot;.

وترفض quot;انصار الشريعةquot; التي تضم نحو 100 مقاتل بشكل قاطع الديموقراطية (العلمانية) الغربية، وتطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية.

ويؤكد الجهني أن المجموعة التي تشكلت قبل اشهر قليلة ليست لها اية علاقة بالقاعدة وأنها توجهت الى القنصلية للمساعدة في استعادة النظام.

وتمثل هذه الجماعة التيار السلفي الجهادي في ليبيا الذي يمثل اقلية صغيرة، ولكنه يجسد الخطر الذي يمثله وجود السلاح في يد مجموعة بهذه الايدلوجية.

ويؤكد الجهني أن اقامة علاقات جيدة بين طرابلس وواشنطن يعتمد على quot;عدم سفك الولايات المتحدة الدم المسلم من خلال افعالها كما يحدث في افغانستان، او من خلال عدم تحركها كما يحدث في سورياquot;.

كما يحذر من اهانة الاسلام والنبي محمد.

ويعد الهجوم على القنصلية في بنغازي الاسوأ في سلسلة هجمات شهدتها بنغازي هذا العام وتركزت على البعثات الدبلوماسية والمنظمات الانسانية مثل الامم المتحدة والصليب الاحمر.

واظهرت السلطات عجزها في مواجهة ذلك ولم تتمكن من احضار أي من مرتكبي هذه الهجمات امام القضاء.

المليشيات في ليبيا تربك حسابات الساسة

ولا تعترف السلطات بأن التهديد تمثله مجموعات صغيرة ولكن متطرفة، وتفضل القاء اللوم على فلول النظام السابق.

الا أن رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف اتهم القاعدة وعناصر اجنبية بتنفيذ الهجوم.

غير أن عددًا من القادة في بنغازي يخشون أن يؤدي تحميل القاعدة مسؤولية الهجوم الى قيام الولايات المتحدة بشن هجمات بطائرات اميركية بدون طيار ضد المسلحين الاسلاميين في ليبيا.

واكد فوزي ونيس القذافي أن التعامل مع الجماعات المتطرفة المتمركزة تاريخيًا في الشرق، يتطلب استخدام quot;العلاقات الشخصيةquot; لتجنب دخول المدينة في نزاع.

وقال محمد ابو سدرة المعتقل السياسي السابق والمفاوض الاسلامي البارز إنه يجري quot;اتصالات مع مختلف الفصائل والجماعات الاسلامية لمحاولة التعامل مع الوضع لأنه خطير للغايةquot;.

ويخشى ان يجد البيت الابيض أن اعتقال اشخاص مشتبه بهم غير كافٍ، ويأمر بشن ضربات ضد ليبيا لتعزيز موقف الرئيس الاميركي باراك اوباما قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وقال quot;اذا كانت القاعدة (وراء الهجوم على القنصلية) فستكون هذه هي البداية .. فهذا سيعطي الاستخبارات الاميركية والغربية سبباً للحضور الى ليبيا. وسنكون دائما مهددين، وربما سنصبح وزيرستان أخرىquot;، في اشارة الى ولاية وزيرستان الباكستانية التي تتعرض لهجمات بطائرات اميركية بدون طيار تستهدف مسلحين اسلاميين.

وقال quot;الان تستطيع أن ترى الطائرات الاستطلاعية، ولكن ربما المرة المقبلة ستكون مسلحةquot;.

واضاف ابو سدرة أن معظم الجماعات المسلحة مستعدة لأن تعطي الحكومة الانتقالية فرصة لطرح دستور يستند إلى الشريعة الاسلامية، إلا أنه توجد جماعات جهادية مثل انصار الشريعة مستعدة أن تقاتل من اجل اقامة دولة اسلامية.

وتوقع ابو سدرة أنه quot;عندما ينص الدستور بشكل واضح

وصريح على أن الشريعة الاسلامية هي المرجع، عندها سيكونون مستعدين لان يصبحوا تحت امرة الجيشquot;.

الا ان عبيدي كان اقل تفاؤلاً ودعا الحكومة الى القضاء على تلك الجماعات.

وقال quot;اذا لم تستخدم الحكومة القوة الان وتظهر انها دولة قوية، فانها تحكم على نفسها بالفشلquot;.