المالكي وطالباني خلال لقاء سابق

أكد الأكراد العراقيون على هامش لقاء الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي في مدينة السليمانية الشمالية أن أي اتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل يجب أن يتم بموافقة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، أحد أكبر خصوم المالكي والرافض لسياساته، فيما أعلنت الرئاسة العراقية أن طالباني سينتقل الى العاصمة بغداد الاسبوع المقبل لمتابعة حواراته مع القوى السياسية حول امكانية عقد الاجتماع الوطني المنتظر لحل الازمة السياسية في البلاد.


قال الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني إن زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للرئيس في مدينة السليمانية (330 كم شمال بغداد) كانت للاطمئنان على صحته بعد رحلة علاج في ألمانيا استمرت حوالي ثلاثة اشهر حيث حصلت خلال تلك الفترة أحداث كثيرة خاصة العلاقات بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية وضرورة اتخاذ خطوات جدية لمعالجة المشاكل العالقة.

واشار عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني عدنان المفتي الى أن الاتفاق بين الحكومتين قبل ايام حول الملف النفطي خطوة ايجابية تفتح الطريق أمام معالجة جميع المشاكل، مؤكداً ضرورة اعادة بناء الثقة بين جميع مكونات العراق وخاصة بين الحكومتين، مشدداً على أنه من مصلحة الطرفين أن يتفقا لكي يتمكنا معاً من توفير حياة وأوضاع مستقرة للمواطن العراقي.

وأكد القيادي الكردي أنه لن يتم اتخاذ أي خطوة بشأن الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل من دون التنسيق والتعاون بين الرئيسين جلال طالباني ومسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان. واشار الى اهمية دور طالباني في معالجة الأزمة السياسية باعتباره رئيساً للجمهورية وتقع عليه مسؤولية حماية الدستور ومراقبة تنفيذه. واضاف قائلا: quot;اعتقد بأن النية ايجابية وينبغي أن نبني الثقة التي كانت موجودة قبل سنوات، والتي بنينا العراق وساهمنا في بنائه من خلال هذه الثقة والشعب العراقي ينتظر منا اتخاذ خطوات ملموسة لبناء مستقبله واستقرارهquot;.

واوضح أن quot;مسعود بارزاني (الموجود خارج العراق حاليًا في جولة اوروبية بدأها يوم عودة طالباني الى العراق الاثنين الماضي) على علم بجميع الخطوات وقد زار طالباني وفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة حكمة كردستان نجيرفان بارزاني، وهم على علم بجميع الخطوات ولن يتم اتخاذ أي خطوة دون التنسيق والتعاون بين الرئيسين طالباني وبارزانيquot;.

وقد تفاقمت حدة الخلافات بين بارزاني والمالكي اثر مشاركته في نيسان (أبريل) الماضي في اجتماعات اربيل مع زعيم القائمة العراقية اياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حيث دعوا الى سحب الثقة عن الحكومة الحالية.

وتشهد العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كردستان توتراً منذ عدة اشهر يتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة ابرزها التعاقدات النفطية للاقليم وادارة الثروة النفطية والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها بينها محافظة كركوك وفي ادارة المنافذ الحدودية والمطارات وغيرها من الصلاحيات الادارية والقانونية.

وقد حذر بارزاني في تصريحات مؤخرًا من أن البلد يتجه إلى كارثة وعودة الديكتاتورية. وانتقد في تصريحات صحافية الاستئثار بالسلطة في كل مرافق الدولة واشار الى أنه لم يعد هناك مجال للمجاملات ولا للدبلوماسية، إما معالجة الوضع وإما مواجهة وضع لا يمكن القبول به، وفيه شخص واحد يستحوذ على كل مرافق الدولة ويتصرف وفق إرادته ويهمش الآخرين ثم يبقى رئيساً للوزراء، هذا غير مقبول على الإطلاق. وشدد على أنه quot;مهما كان الثمن لا يمكن أن نقبل بعودة الديكتاتورية إلى العراق، وإذا فشلنا في وقف الديكتاتورية فلن نكون مع عراق يحكمه ديكتاتورquot;. وقد رد المالكي على هذه الانتقادات في تصريحات لصحيفة كردية بالقول إن العديد من الأطراف الكردية أبلغته عدم رضاها عن مواقف بارزاني هذه.

طالباني الى بغداد الاسبوع المقبل للاعداد لاجتماع حل الأزمة

وجاءت هذه التصريحات في وقت انهى المالكي يرافقه نائباه لشؤون النفط والطاقة حسين الشهرستاني و لشؤون الخدمات صالح المطلك، بالاضافة الى عدد من الوزراء، لقاء مع طالباني الليلة الماضية معربًا عن ارتياحه لمتابعة الرئيس quot;لقاءاته وانجاز مهامه الكبيرة والمصيرية على الساحة السياسيةquot;.

وقال بيان رئاسي عراقي quot;تم خلال الزيارة تبادل الآراء حول الاوضاع العامة في البلاد ومسار العملية السياسية والعمل على توحيد الجهود من اجل حل المشاكل والقضايا العالقة حيث يواصل الرئيس لقاءاته واتصالاته في مدينة السليمانية من اجل مواصلتها الاسبوع المقبل في بغداد، وفي هذا الصدد جرى التأكيد على اهمية الدور الحيوي والفعال الذي ينتظر أن تقدمه لقاءاته واتصالاته الاسبوع المقبل في العاصمةquot;.

وبهذا الشأن، جدد رئيس الوزراء تأييده للجهود التي يبذلها الرئيس quot;لتقريب وجهات النظر وتشجيع الفرقاء السياسيين على اتخاذ الحوار البنّاء اسلوبًا لمعالجة المشاكل والوصول الى تفاهمات مشتركة من شأنها أن تجنب البلاد مشكلات الفرقة والتناحر السياسيquot;.

ومن جهته، أكد رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني استعداد حكومته للدخول في حوار جاد وبناء مع المالكي لحل جميع القضايا السياسية. وقال في مؤتمر صحافي إن quot;حكومة الاقليم مستعدة للدخول في حوار مع المالكي و ليس لها أي اغراض شخصية مع الحكومة الاتحاديةquot;.

واضاف ان الاقليم وافق على مسودة الاتفاق بين بغداد واربيل الخاصة بتصدير الثروات المعدنية الى حين اقرار قانون النفط والغاز داخل مجلس النواب، مشيرًا الى ان حكومة المركز ستدفع مبلغ 650 مليون دولار للشركات العاملة في الاقليم في مجال استخراج النفط موضحًا أن الاقليم يصدر يوميا 140 الف برميل ويتطلع الى زيادة الكمية الى 200 الف برميل.

وبخصوص قوة عمليات دجلة التي شكلها مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي للاشراف على الملف الامني في محافظات ديالة وصلاح الدين وكركوك قال: quot;وعلى الرغم من وعود المالكي لرئيس الجمهورية بايقاف تلك العمليات الا أن حكومة بغداد لاتزال ماضية في تشكيلها واطلاقها للميدان مؤكدًا أنquot;حكومة الاقليم تقف بالضد من تشكيل عمليات دجلة وخاصة في المناطق المتنازع عليهاquot;.

ومن المنتظر أن يتوافد على السليمانية خلال الايام القليلة المقبلة العديد من القادة السياسيين العراقيين للبحث مع الرئيس في متطلبات الخطوات المطلوبة للمباشرة بالاعداد جدياً لعقد الاجتماع الوطني وعرض ورقة الاصلاح السياسي التي اعدها التحالف الوطني quot;الشيعيquot; بديلاً عن سحب الثقة عن الحكومة والذي فشلت القوى الداعية له من تحقيقه.

وكان طالباني قد اتفق مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي اواخر الشهر الماضي على عقد اجتماع للرئاسات الثلاث بعد عودته الى البلاد داعيًا الى عقد اجتماع للقوى السياسية في البلاد من اجل حل الازمة السياسية. واعلن طالباني في السادس من اذار (مارس) الماضي عن اتفاق مع القادة السياسيين على عقد الاجتماع في الخامس من نيسان (ابريل) الماضي.

وقال طالباني في بيان انذاك quot;إنه بعد اجراء مداولات ومشاورات مكثفة مع المالكي ومع سائر القيادات والشخصيات السياسية، فقد تقرر الدعوة لعقد الاجتماع الوطني يوم الخامس من نيسان، ودعا اللجنة التحضيرية المكلفة بالاعداد للاجتماع الى الاسراع في انجاز اعمالها وتهيئة برنامج العمل قبل الموعد المقررquot;.

وقد توقفت اجتماعات اللجنة التحضيرية للاجتماع الوطني منتصف اذار الماضي بعد أربعة اجتماعات فشلت خلالها اللجنة في تحديد موعد نهائي لانعقاد مؤتمر الأزمة أو الاتفاق على جدول اعماله، بسبب الخلافات بين القوى السياسية، وكل ما أنجزته أنها تسلمت اوراق عمل مقترحة للمؤتمر قدمتها الكتل السياسية الكبرى المشاركة، وهي الائتلاف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني.

وتحاول هذه الكتل السياسية الرئيسية الثلاث الآن حل الأزمة السياسية الناشبة في ما بينها حول مجموعة من القضايا الخلافية، أهمها عدم اكتمال تطبيق اتفاقية أربيل التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية، فضلاً عن موضوعات استجدت كمشكلة التعامل مع مطالب بعض المحافظات بتشكيل أقاليم، وكذلك اتهام نائب رئيس الجمهورية والقيادي في ائتلاف العراقية طارق الهاشمي بارتكاب quot;أعمال إرهابيةquot; وانتقاله اواخر العام الماضي للإقامة في إقليم كردستان، الذي رفض تسليمه إلى السلطات الاتحادية، ثم الحكم عليه بالاعدام مؤخرًا... إضافة الى المشكلات بين حكومتي الإقليم في اربيل الإتحادية وبغداد، ومنها عدم إصدار قانون للنفط والغاز ينظم صلاحيات الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وتأخر تنفيذ المادة 140 الدستورية التي تعالج مصير كركوك والمناطق المتنازع على تبعيتها بين الحكومتين.