أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن القمة العربية التي عقدت في بغداد قد حققت مجيء العرب إلى العراق وذهاب العراق إلى العرب وجعلته شريكًا أساسيًا في استقرار المنطقة، وشدد على رفض تسليح طرفي الأزمة السورية أو إسقاط النظام بالقوة، وأشار إلى أن المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية سيعقد في موعده الخميس المقبل، رافضًا أي شروط لعقده، مشددًا على أن كل القضايا والمشاكل ستبحث فيه.


المالكي خلال مؤتمره الصحافي

الأزمة السورية

أكد المالكي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم على رفض تسليح طرفي الأزمة السورية سواء المعارضة أو النظام، لأن ذلك سيكون بمثابة صبّ الزيت على النار، مؤكدًا رفض اسقاط النظام السوري بالقوة. مشدداً بالقول إن هذا النظام لن يسقط بالقوة وقالوا إن ذلك سيتحقق خلال اسبوعين وقلنا إنه لن يتم ولا بعد سنتين. واشار الى أن موضوع سوريا كان حاضرًا بقوة في القمة العربية، وقد اكد العراق فيه رفضه الشديد لتسليح طرفي الأزمة أو التدخل الخارجي في الأزمة، quot;لأننا نريد تجفيف منابع الحريق، وهو ما تتضمنه خطة المبعوث الدولي العربي كوفي أنان من أجل الوصول إلى حل سياسي وسلمي بين النظام والمعارضة، ولكننا نرفض إسقاط النظام في سوريا بالقوة، لأن ذلك ستكون له تداعيات خطرة على المنطقة لكننا ندعم مطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والإصلاحquot;.

وأعاب على الدول العربية التي تدعو إلى تسليح المعارضة السورية، مشيراً الى أنها quot;لا تدرك بذلك خطورة هذا الامر على العراق ولبنان والاردن وفلسطين وتركيا وايرانquot;.

وشدد المالكي على دعم إجراء حوار سياسي سلمي بين المعارضة والنظام ثم اجراء انتخابات ديمقراطية. وأوضح أنه كان للعراق اقتراح في الموضوع السوري على القمة، لكنه عدل عنه عندما قالت دمشق إنها لن تتعامل مع أي قرار تتخذه القمة العربية بخصوص سوريا.

وحول مؤتمر اصدقاء سوريا الذي بدأ اعماله في اسطنبول اليوم، اشار المالكي الى أن العراق لم يكن يرغب في المشاركة، لكن رئاسته للقمة حتمت عليه الحضور، حيث سيمثله وكيل وزير الخارجية الذي سيطرح رؤية العراق هذه في ما يخص الأزمة، والتي تسعى الى تجنيب سوريا التمزق والتشتت.

القمة العربية
واشار المالكي الى أن القمة العربية، التي اختتمت أعمالها في بغداد الخميس الماضي، قد جاءت بالعرب الى العراق وذهبت بالعراق الى العرب وجعلته شريكاً جدياً في استقرار المنطقة بعدما كان مبعدًا وتحت طائلة الاتهامات بالمشاكل التي سببها النظام السابق. وقال إن القمة اكدت اكمال بناء الدولة العراقية وتحقيق سيادة العراق وإعادة دوره الإقليمي والدولي وبحسب المصالح المشتركة لحماية المنطقة من كل التداعيات.

واضاف أن العراق مصمم على تصفير المشاكل مع دول الجوار بما يحقق المصالح المشتركة والوصول الى تكامل سياسي وأمني واقتصادي وثقافي بين الشعوب العربية.

واكد المالكي أن بلاده التي تترأس القمة العربية حاليًا ستعمل على تعزيز مؤسسات الجامعة العربية بما يضمن تفعيل العلاقات بين الدول العربية سياسياً واقتصادياً وثقافياً ونسوياً وشبابياً وبشكل يعطي الجامعة دورًا فاعلاً.

العراق والبند السابع
وأشار المالكي الى أن العراق ماضٍ في تنفيذ التزاماته التي ستضفي الى اخراجه من تبعات البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات مع الكويت. واوضح أن زيارته الاخيرة إلى هذا البلد حققت بعض الحلول للمشاكل بين البلدين وبقية المشاكل سيتم طرحها خلال اجتماع اللجنة الوزارية العراقية الكويتية في 14 من الشهر الحالي، وبما يحقق إخراج العراق من هذا البند.

واضاف أن زيارة امير الكويت الى العراق للمشاركة في القمة حملت رسائل كثيرة من خلال كلمته في القمة ومباحثاته تبشّر بأن العلاقات بين البلدين سائرة نحو انفتاح أوسع ورغبة حقيقية في إنهاء كل الملفات العالقة بين البلدين، quot;ونحن متفائلون من الأجواء الايجابية التي يبديها الكويتيون في هذا الامرquot;.

المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية
وعن المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية العراقية، شدد المالكي على أنه سيعقد في موعده المحدد الخميس المقبل، موضحًا أن اللجنة التحضيرية له ستعقد اجتماعًا لها الثلاثاء المقبل لإعداد جدول الأعمال، حيث ستطرح كل المشاكل السياسية على طاولة النقاش في النواحي التشريعية والتنفيذية والقضائية، موضحًا أن هذه المشاكل سببها عدم الالتزام بالدستور.

وقال إن المؤتمر سيحقق حلولاً استراتيجية لكل المشاكل على اساس الالتزام بالدستور. واشار الى أن التوافق السياسي بين الكتل العراقية والذي تحول الى ابتزاز في بعض الأحيان قد عطّل العملية السياسية.

وفي ما يخص اتهامات رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني له بالتفرد بالسلطة، اوضح المالكي أنه لن يعلق على هذا الامر، لكنه قال إن كل من يتهرّب من تطبيق الدستور يلجأ الى الاتهامات. وقال إن الكثير من القضايا مثل النفط هي من مسؤولية الحكومة المركزية وليست مسؤولية حكومة كردستان.

ورداً على سؤال في ما اذا كان المؤتمر الوطني سيناقش قضيتي نائب رئيس الجمهورية المتهم بالإرهاب طارق الهاشمي وصالح المطلك نائب رئيس الوزراء، وهما قياديان في الكتلة العراقية، قال المالكي إنه استخدم حقه الدستوري في الطلب من مجلس النواب سحب الثقة عن المطلك لأنه اتهمه بالدكتاتور. أما بالنسبة إلى الهاشمي فأوضح أن قضيته قضائية، واذا غادر الى أي دولة خارجية فإن مهمة الانتربول القبض عليه، واكد أنه من غير الصحيح أن تستقبله تلك الدول على أنه نائب لرئيس الجمهورية. ونصح الهاشمي بتسليم نفسه الى القضاء وإثبات براءته وإنهاء هذا الملف.

مجاهدو خلق ونقل رفات صدام
وأكد المالكي عزم بلاده إغلاق معسكر أشرف لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، واشار الى أن الأمم المتحدة تعمل الآن على إيجاد دول ثالثة تقبل لجوء عناصرها اليها، وإعادة من يرغب منهم الى ايران، التي أصدرت عفوًا عمّن يريد العودة الى بلده، مشددًا بالقول quot;لكن لا بقاء لهم في العراقquot;.

وعن المضايقات التي يتعرّض لها العراقيون في مطارات بعض الدول العربية على أساس طائفي، اشار المالكي الى انه جرت اتصالات مع هذه الدول، وتم التأكيد على ضرورة احترام العراقيين لأنهم يحملون جواز سفر عراقيًا يؤكد هويتهم الوطنية، وليست الطائفية.

وفي ما يخص عزم الحكومة نقل رفات الرئيس السابق صدام حسين وغلق مدفنه، نفى المالكي ذلك، وقال إنه لا خطط لنقل الرفات، لكنّ هناك عزمًا على عدم جعل مدفنه مثارًا للفتنة.

وعن معارضة بعض القوى السياسية لترشيح الرئيس الاميركي باراك اوباما للمستشار في السفارة الاميركية في العراق بريت غورك ليكون سفيرًا جديدًا بسبب تأييده لسياسات رئيس الوزراء العراقي، اشار المالكي إلى أن التعيين جاء نظرًا إلى الخبرة الطويلة للمرشح في شؤون العراق. واكد أنه لا يحق لأي مكون سياسي عراقي أن يعارض هذا الترشيح لأن الأمر من صلاحية رئيس الوزراء ووزارة الخارجية.

وفي ما يخص الاستراتيجية الأمنية الجديدة للعراق، اوضح المالكي أنها ستكون استراتيجية متحركة لمتابعة نشاط المجموعات المسلحة وتطوير العمل الاستخباري، موضحاً أن رجال مخابرات النظام السابق يدعمون تنظيم القاعدة في هذا المجال. وقال إنه حذّر الدول العربية من امكانية ايجاد القاعدة ملاذات آمنة على أراضيها، مستغلة التطورات الجديدة في عدد من الدول العربية.

وحول طلب عدد من القادة العرب من العراق خلال القمة إطلاق مواطنيهم المعتقلين في العراق بتهم الإرهاب، اوضح المالكي أن القضية قضائية وأنه سيسمح لمن حكم عليهم بالسجن قضاء محكومياتهم في بلدانهم، موضحًا أن قسمًا كبيرًا منهم دفعوا إلى المجيء إلى العراق لمقاتلة القوات الأميركية، لكنهم وجدوا أنفسهم يدفعون إلى قتل شيعة العراق، وأنهم اعترفوا بأنهم قد غرر بهم.