في آخر تطور للأزمة السياسية في العراق فقد أقر التحالف الوطني الشيعي بأهمية طروحات ومواقف القادة الخمسة المجتمعين في أربيل والنجف والمطالبين بسحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي في مهلة تنتهي اليوم، وقال إنها تتضمن أفكارًا بناءة وجديرة بالبحث والمتابعة الجادة وفق السياقات العملية المسؤولة مشددًا على ضرورة الإسراع بعقد الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية الحالية لكنه لم يجب بشكل واضح على طلب سحب الثقة، الامر الذي قد يدفع لعقد اجتماع ثالث لاتخاذ ما وصف بموقف حاسم.


بغداد: قال التحالف الوطني عقب اجتماع استمر عدة ساعات وانتهى فجر اليوم وقاطعه رئيس الوزراء نوري المالكي إن هيئته السياسية عقدت اجتماعها في مكتب رئيسها إبراهيم الجعفري وبحضور ممثلي الكتل كافة المنضوية في التحالف، حيث تم التأكيد على quot;أهمية وحدة صفه وتماسك قواه إزاء التحديات القائمة داعياً جميع القوى لتهيئة الأجواء الإيجابية للحوار في ما بينها وتجنب الخطابات المتشنجةquot;.

وأعلن التحالف في بيان صحافي اليوم ارسلت نسخة منه الى quot;إيلافquot; تأكيده على quot;مبدأ الشراكة الوطنية الفاعلة والجادة وإيمانه العميق بأن العراق لا يدار من مكون واحد وإنما من خلال تعاضد جميع مكوّناتهquot;.

وأشار إلى أنّه جرى خلال الاجتماع التأكيد على أن مجمل الأفكار والآراء الواردة في الرسائل والأوراق المتبادلة بين الكتل السياسية في اجتماعاتها المختلفة بما فيها ورقة أربيل الأخيرة هي أفكار بناءة وجديرة بالبحث والمتابعة الجادة وفق السياقات العملية المسؤولةquot;، في إشارة الى رسالة القادة الخمسة المجتمعين في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان في 28 من الشهر الماضي التي طالبت بسحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي خلال 15 يومًا ثم تجدد المطالبة الاسبوع الماضي باجتماع مماثل في مدينة النجف الجنوبية حيث تم منح التحالف الوطني مهلة اسبوع لتسمية بديل من المالكي، وهي المدة التي تنتهي اليوم.

وأضاف التحالف أن نقاشات قوى التحالف الوطني قد أشارت الى أن الدستور والتوافقات المنسجمة معه ومبادئ الثقة والصراحة والتنازل بين الفرقاء والكتل السياسية هي الأطر والمبادئ التي ينبغي أن تحتكم إليها كافة الحوارات والمباحثات. وشدد على ضرورة الإسراع بعقد الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية الحالية التي تضرب البلاد منذ ستة اشهر واعتباره المثابة العملية لإيجاد الحلول لكافة المشاكل المتعلقة ببناء الدولة وتعزيز مؤسساتها.

وقد لوحظ أنه على الرغم من أن التحالف قد اقر باهمية مطالب رسالة أربيل التي دعت لسحب الثقة عن الحكومة لكنه لم يشر بشكل صريح الى موقفه من هذا الطلب. وقد حاول التحالف خلال اجتماعه هذا الخروج برؤية موحدة لكنّ ممثلي التيار الصدري في الاجتماع كانت لهم رؤية تختلف عن بقية مكونات التحالف حيث طالبوا بجواب صريح وواضح من مطالب القادة المجتمعين في أربيل والنجف.

قادة التحالف الوطني العراقي خلال اجتماع
ويأتي هذا الموقف فيما رجح النائب عن التحالف الكردستاني محما خليل بأن يتم عقد اجتماع ثالث قريب في احدى المحافظات العراقية يمكن أن تكون الموصل الشمالية على غرار اجتماعي أربيل والنجف الاخيرين.

وقال خليل في تصريح صحافي إن الاجتماع سيحضره القادة الخمسة الذين شاركوا في اجتماعي أربيل والنجف. وأشار الى امكانية انضمام كتل أخرى الى الاجتماع الجديد الذي أكد انهسيصدر قرارات حاسمة من دون أن يوضح طبيعتها.

وكان القادة الخمسة الذين اجتمعوا في أربيل في 28 من الشهر الماضي ،وهم الرئيس جلال طالباني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم القائمة العراقية اياد علاوي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، قد وجهوا رسالة الى رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري تمهل المالكي 15 يومًا لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة قبل سحب الثقة عنه.. وقد رد التحالف على الرسالة الاسبوع الماضي لكن هذا الرد لم يتضمن أي موقف من تهديد القادة بسحب الثقة عن الحكومة في حال عدم تنفيذ الاصلاحات التي طالبوا بها والمتعلقة بضرورة تنفيذ مقررات الاجتماع التي تضمنت التركيز على أهمية الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية وضرورة الالتزام بمقرراته التي يخرج بها والالتزام بالدستور الذي يحدد شكل الدولة وعلاقة السلطات الثلاث واستقلالية القضاء وترشيح أسماء للوزارات الأمنية على أن يصادق عليها مجلس النواب خلال فترة أسبوع إن كانت هناك نية صادقة وجادة من قبل المالكي.

وقد أعلنت كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري أن مهلة استبدال المالكي تنتهي اليوم الاحد وأن المجتمعين في أربيل والنجف، بانتظار رد من قبل التحالف الوطني. وقالت النائبة عن التيار الصدري زينب الطائي أن التيار جزء اساسي من التحالف الوطني، وهو حريص على بقاء التحالف، مشيرة إلى أنّ اجتماع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في أربيل هو الذي جعل ائتلاف دولة القانون يتهم التيار بالسعي الى تفريق التحالف الوطني. واتهمت الطائي ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بالاتجاه quot;نحو الدكتاتورية والحزب الواحد والشخص الواحدquot; مشددة على أنّ هذا ما يرفضه التيار الصدري.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني حذر أمس في رسالة الى الشعب العراقي من أن quot;خطورة الظرف الراهنquot; في العراق الناتجة عن الأزمة السياسية باتت تهدد مؤسسات الدولة والاقتصاد والأمن مناشدًا قادة البلاد الجلوس على طاولة حوار وطني.

وقال طالباني إن quot;العملية السياسية في بلادنا تواجه إشكالات واستعصاءات معقدة وشائكة تهدد بشل الاقتصاد وتعطل مرافق ومؤسسات الدولةquot;. وأضاف quot;أنني على يقين راسخ من أن خطورة الظرف الراهن تستدعي الإسراع في الجلوس على طاولة الحوار الأخوي البناء وارى أننا إذا لم نوفق في بدء الحوار، فإن ذلك قد يؤدي إلى تعاظم التوتر وتفاقم المخاطرquot;. وتابع: quot;أناشد زملائي من الذين انتخبهم الشعب لقيادة العملية السياسية للاستجابة لندائي هذا خدمة لوطننا وأمنه واستقرارهquot;.

وأشار إلى أنّ التوتر القائم quot;يعمل على زيادة الاحتقان في المجتمع ويجري هذا في جو إقليمي غير مستقر تتعاظم خلاله التهديدات والمخاطر المحدقة بالمنطقة وبلادنا في القلب منهاquot;. وأشار الى أن الحوار يجب أن يستند إلى quot;إقرار وفهم واضحين لحقيقة أن العراق بلد متعدد الأعراق والأديان والمذاهب والتيارات السياسية وبالتالي لا يمكن أن تكون إدارته وحكمه حكرًا على طائفة أو قومية أو مذهب أو حزب أو فردquot;.

وكان عدد من كبار القادة العراقيين عقدوا اجتماعًا في منزل الصدر في النجف بداية الاسبوع الماضي لبحث الأزمة السياسية في البلاد بمشاركة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي عن القائمة العراقية ونائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس ووزير الخارجية هوشيار زيباري عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وبرهم صالح وفؤاد معصوم القياديين في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، إضافة الى مشاركة الجلبي ونواب عن الكتلة الصدرية.

وبحسب رسالة النجف التي وقعها كل من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي في التاسع عشر من الشهر الحالي، فإن القادة لم يتسلموا من الجعفري رئيس التحالف quot;ما يشكل جوابًاquot; على المطالب التي طرحها اجتماع أربيل والذي انتهى بتوجيه رسالة إلى التحالف الوطني تطلب من المالكي الالتزام بالاتفاقات المبرمة قبل تشكيل الحكومة نهاية عام 2010 ومراجعة طريقة إدارة الدولة التي يحتج عليها جميع شركاء الائتلاف الحكومي، بوصفها مظهرًا quot;للتفرد في إدارة الحكم والدولة.quot;

وقالت رسالة النجف: quot;اطلعنا على الرسالة التي وصلتنا بتوقيع السيد الدكتور إبراهيم الجعفري باعتبارها ردًا على اللقاء التشاوري في 28- 4- 2012 (في أربيل) ولم نجد في الرسالة ما يشكل جوابًا على ما جرى التأكيد عليه من مطالب واضحة تتعلق بتطبيق الاتفاقيات والتفاهمات التي سبق إبرامهاquot;.

وأضافت: quot;وانطلاقًا من الأسس التي حددت تصوراتنا في اللقاء المذكور (في أربيل) نتوجه لكم باعتباركم الإطار السياسي المعني باختيار رئيس الوزراء، البحث عن بديل لهquot;، مشيرة إلى أنّ بديل المالكي يفترض أن quot;يستطيع تفكيك الأزمات المتلاحقة التي تدفع البلاد إلى مجابهة مخاطر جدية تلحق أفدح الأضرار بالمصالح الوطنية العليا، وتؤدي في المحصلة النهائية الى إضعاف الصف الوطني وإعاقة مشروعنا المشتركquot;.

وابلغت الرسالة التحالف الوطني بأن quot;أي بديل يؤدي إلى معالجة الأزمة ومعافاة الحياة السياسية وإيقاف التدهور في العمل الوطني، ينبغي أن يتركز على وضع حد للنهج والسياسة الانفرادية في إدارة الحكم والدولةquot;.

يذكر أن المهلة الزمنية التي منحت للتحالف الوطني لتقديم بديل من المالكي لرئاسة الحكومة تنتهي اليوم الاحد لكن المالكي يدافع عن نفسه بقوله إن اتفاقيات أربيل طبقت بالكامل من جانبه وما تبقى هو من مسؤولية مجلس النواب الذي تتولى القائمة العراقية رئاسته، في إشارة منه إلى قانون مجلس السياسات الإستراتيجية الذي رشح زعيم القائمة أياد علاوي لتولي رئاسته.