مؤتمر باريس حول معسكر أشرف

رفضت شخصيات سياسية وعسكرية وأكاديمية من دول عدة بشكل قاطع إغلاق معسكر أشرف في العراق، الذي يضم 3400 فردًا من المعارضين الإيرانيين، وطلبت الشخصيات من الرئيس الأميركي باراك أوباما ممارسة ضغوطات على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من أجل عدم إغلاق quot;أشرفquot;.


دعت شخصيات سياسية وعسكرية وأكاديمية أميركية وفرنسية وعربية الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى ممارسة الضغط على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي يلتقيه في واشنطن الاثنين المقبل، لعدم تنفيذ قراره القاضي بإغلاق معسكر أشرف التابع للمعارضة الإيرانية في شمال بغداد، وتحذيره من ارتكاب مذبحة جديدة ضد سكانه.

جاء ذلك خلال مؤتمر موسع شهدته باريس اليوم السبت لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وعشية لقاء الرئيس أوباما مع المالكي الاثنين المقبل، بمشاركة مجموعة كبيرة من الشخصيات السياسية والعسكرية والأكاديمية الأميركية والفرنسية والعربية والآلاف من أبناء الجاليات الإيرانية ورئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي، نظمته اللجنة الفرنسية لإيران ديموقراطية لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وطالبت تلك الشخصيات أوباما بالضغط على المالكي من أجل إلغاء قراره بإغلاق معسكر أشرف، الذي يضم 3400 فردًا من المعارضين الإيرانيين في نهاية الشهر الحالي، وتحذيره من ارتكاب ما أسموها بكارثة إنسانية وشيكة في أشرف،ودعوا إلى التعاون على الفور مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئينفي ما يتعلقالعملية الهادفة إلى إمكانية إعادة توطين هؤلاء السكان في دول ثالثة.

ساسيون وعسكريون وأكاديميون يطالبون المالكي بتنفيذ وعوده بحماية أشرف
قال باتريك كندي عضو الكونغرس الأميركي إنه في الوقت الذي يزداد فيه عداء النظام الإيراني للمجتمع الدولي، فإنه يستعد بالتنسيق مع الحكومة العراقية لارتكاب مذبحة جديدة ضد سكان أشرف،بحيث لم يتبق من مهلة الحكومة لإغلاق معسكرهم سوى 21 يومًا.

وشدد على ضرورة قيام أوباما، من خلال الضغط على المالكي، بمنع قواته من تنفيذ هجوم جديد ضد المعسكر على غرار الهجومين، اللذين تعرّض لهما خلال العام الحالي، وراح ضحيتهما 41 شخصًا من سكانه.

من جهته أعرب أندرو غارد مدير مكتب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش عن أمله في أن يوضح أوباما للمالكي خلال اجتماعهما المقبل التزام الولايات المتحدة بحماية حقوق الإنسان، وأن يكون شجاعًا في تحمّل المسؤولية، وتنفيذ وعوده السابقة بحماية المعسكر وفقًا لاتفاقيات جنيف.

كما أشار بيل ريتشاردسون حاكم ولاية نيومكسيكو والسفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة إلى أن مسؤولية منع الحكومة العراقية من غلق أشرف أو مهاجمته مجددًا تقع على عاتق إدارة الرئيس أوباما الآن، منتقدًا موقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي قال إنها لم تتحرك لوقف اضطهاد سكان أشرف.وشدد على ضرورة ممارسة أوباما ضغوطًا على المالكي قبل فوات الأوان، لأن أي مذبحة جديدة ضدهم ستكون نقطة سوداء في تاريخ وزارة الخارجية الأميركية، إضافة إلى إبلاغه بضرورة إبقاء المعسكر مفتوحًا.

أما ميتشل ريس رئيس دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية سابقا فقد دعا إدارة أوباما إلى اتخاذ موقف حاسم من محاولات الحكومة العراقية إنهاء وجود أشرف، وإلزامها تطبيق مواثيق الأمم المتحدة بخصوص حقوق اللاجئين، ومنع أي هجوم ضد المعسكر.

وشدد ألن دوشويتز، وهو من أبرز المدافعين عن الحقوق الفردية وأشهر المحامين في القضايا الجنائية في العالم، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمنع عملية إرهابية حكومية ضد 3400 إنسان. وأشار إلى أن الولايات المتحدة، التي وعدت في عام 2003 بحماية سكان أشرف، مدعوة الآن إلى تنفيذ وعودها، ومنع الحكومة العراقية من مهاجمته مجددًا.

كما شددجيفري روبرتسون، المحامي البريطاني البارز والقاضي السابق في محكمة الأمم المتحدة الخاصة بسيراليون، على ضرورة التحرك لمنع ما أسماها عملية إرهابية تستهدف 3400 إنسانًا، هم سكان أشرف.

وقال إن المجتمع الدولي قادر على ذلك.وأشار إلى أن الولايات المتحدة منحت أولئك السكان تعهدًا بحمايتهم حين جرّدتهم من أسلحتهم عام 2003، وقد حان الوقت الآن لتنفيذ ذلك التعهد. ولفت إلى ضرورة إبلاغ أوباما المالكي بوقف اضطهاد سكان المعسكر أو غلقه.. وقال إنه إذا سكت عن ذلك فسيكون قد ارتكب جريمة السكوت عن تفجّر دماء سكان المعسكر الثلاثة آلاف.

من جهته، أشار سيد أحمد غزالي رئيس الوزراء الجزائري السابق إلى وجود مخاوف من عدم حماية أشرف، وتعرّض سكانه لاعتداءات جديدة، وشدد على ضرورة عدم وضع الثقة في الحكومتين العراقية والإيرانية في هذه القضية. وقال إنه علم أن الحكومة الإيرانية قد أصدرت تعليماتها بقتل سكان أشرف، سواء من قبلها أو من قبل السلطات العراقية.

أما السناتور إنغريد بتانكور مرشحة الرئاسة الكولومبية فقد ناشدت الرئيس الفرنسي ساكوزي قبول سكان معسكر أشرف كلاجئين سياسيين على الأراضي الفرنسية. وقالت إن ساكوزي مطالب بالتحرك لإجراء مقابلات مع سكان المعسكر، وقبولهم في بلاده لاجئين.

وأضافت إن الحكومة العراقية تقول إن هؤلاء السكان إرهابيون، في وقت تدعو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمفوضية العليا للاجئين إلى حمايتهم.. وتساءلت كيف يمكن لكل هذه الجهات طلب حمايتهم إذا كانوا إرهابيين حقا؟، وكيف يشكل السكان تهديدًا، وهم مجرّدون من السلاح؟quot;.

وأشار الجنرال ديفيد فيليبس قائد الشرطة العسكرية الأميركية إلى أن سكان أشرف اختاروا معارضة النظام الإيراني، ولم يرغمهم أحد على ذلك،لذلك فهم يتمتعون بحماية اتفاقات جنيف ومواثيق الأمم المتحدة. وحذر الإدارة الأميركية من أن المعسكر معرّض خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة إلى عمليات عنف هجومية، قد تودي بحياة سكانه، الأمر الذي يتوجب معه على المجتمع الدولي التحرك لحمايته.

ثم تحدث جان فرانسوا لوكارو رئيس بلدية المنطقة الأولى في باريس عن الالتزامات السابقة للحكومة العراقية بتأكيد حمايتها لمعسكر أشرف، وقال إنها نكثت بوعودها، ولم تلتزم بمواثيق الأمم المتحدة.

كما أشارت واود دوتوئن مؤسسة منتدى المرأة للإقتصاد إلى أنه لم يتبق على موعد الحكومة العراقية لإغلاق المعسكر سوى 21 يومًا، ولذلك فإن على المجتمع الدولي التحرك الآن لمنعها من إغلاقه أو نقل سكانه إلى مكان صحراوي داخل العراق. وأضافت إنه مقابل ذلك، فإنه مطلوب الآن توفير حماية للسكان من أجل ترحيلهم إلى بلدان ثالثة.

من جهتها دعت سينتيا فلوري الفيلسوفة الغربية المعاصرة الحكومة العراقية إلى ضمان أمن المعسكر وسكانه.. وتساءلت عن مبررات قتل أناس أبرياء، خاصة وأنه لم تسجل لهم خلال السنوات العشر الماضية أية عمليات عنف، إضافة إلى أنهم مجردون من السلاح منذ عام 2003.

رجوي تحمّل واشنطن مسؤولية حماية سكان أشرف
في كلمة لها، قالت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مريم رجوي quot;إن سكان أشرف أعلنوا مرات عديدة أنهم مستعدون لأي حلّ، باستثناء الحل، الذي ينطوي على إبادتهم واستسلامهم، ومثلما فعلوا في الشهور الأخيرة، فإنهم جاهزون للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، ولا سيما المفوضية العليا للاجئين وبعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، وأنهم سيتحمّلون نفقات قوات حمايتهم، التي توفرها لهم المساعدات والتبرعات من مواطنيهم، فهم يحترمون سيادة العراق، ولكن كما قال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في جلسة مجلس الأمن في السادس من الشهر الحالي فإن السيادة لا يمكن أن تكون بأي حال ذريعة لانتهاكات منهجية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وحقوق اللاجئينquot;.

وأكدت أن أي حل لأشرف يجب أن يأخذ في الاعتبار أن المبدأ الأساسي هو حماية أرواح وأمن سكان أشرف، وفي أي خطة تنبغي حمايتهم مع تأكيدات معقولة من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، بما في ذلك قوات القبعات الزرقاء للأمم المتحدة أو قوات الإتحاد الأوروبي أو توفير الأمنمن قبل القوات الأميركية.

وشددت على أن عناصر المعسكر لن يقبلوا بأي قوات عراقية مسلحة داخل مخيمهم، خصوصًا من أجل أمن وهدوء 1000 امرأة تسكن في أشرف، وأنه على القوات العراقية أن لا تتدخل إطلاقًا في شؤونهن خلال عملية انتقالهن إلى دول ثالثة.

وأشارت إلى أنه طبقًا لما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن فإن أي حل يجب أن يتم بالاتفاق بين السكان والحكومة العراقية، ولذلك ينبغي إلغاء الحصار وكل الإجراءات والقيود والتهديدات، بما فيها الأحكام والمطالبات بالاعتقال والتسليم.

وأضافت رجوي إن الولايات المتحدة، لأسباب متعددة، تتحمّل المسؤولية إزاء حماية سكان أشرف، ذلك أن الأزمة الراهنة هي نتاج مباشر لحرب العراق، وقد وقعت الولايات المتحدة اتفاقية مع سكان أشرف فردًا فردًا لحمايتهم، وحكومة العراق الحالية جاءت إلى السلطة بمساعدة من الولايات المتحدة، وهي مستمرة في الحكم بمساعدة الولايات المتحدة.

وقالت رجوي مخاطبةً المجتمع الدولي quot;إن الحفاظ على أرواح سكان أشرف وحقهم في الحياة ليس بالشيء الذي يمكن تجاوزه وتجاهله، فالتقاعس في مواجهة الإرادة الشريرة لنظامي بغداد وطهران يجب إنهاؤه.. إنهم بحجة السيادة الوطنية يريدون تثبيت حق اقتراف جريمة ضد الإنسانية، ويجب عدم التسليم بمطالبهم ورغباتهم، ويجب التمسك بالقوانين الدولية ومبدأ مسؤولية الحماية.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري قال الخميس الماضي إن الحكومة العراقية مصممة على إغلاق المعسكر في نهاية الشهر الحالي، مشيرًا إلى ضغوط دولية تتعرّض لها حكومته لتأجيل هذا الموعد.

ويوم الثلاثاء الماضي، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدول على قبول المعارضين الإيرانيين من سكان مخيم أشرف. وقال في أحدث تقرير لهإلى مجلس الأمن الدولي عن عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) quot;من أجل إيجاد حل دائم لسكان المخيم، من الضروري أن تبدي الدول الثالثة المحتملة استعدادها لاستقبالهم لإعادة التوطينquot;.

وأضاف أنه ومسؤولين كبارًا آخرين في الأمم المتحدة quot;يشجّعون الدول الأعضاء في هذا الصددquot;. وأشار إلى أن quot;موافقة الحكومة العراقية ستكون حيوية لدفع هذه العملية قدمًا... دعم قيادة مخيم أشرف لجهود الأمم المتحدة في هذا الشأن ضرورية أيضًاquot;. وقال إن quot;الأمم المتحدة تواصل الحثّ على تلبية الحاجات الإنسانية للسكانquot;.

وتحاول المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ترتيب مقابلات مع سكان المخيم، ليتبين لهامن منهم مؤهل لوضع اللاجئ وإعادة التوطين، لكن العراق لم يسمح بهذا حتى الآن.

وفي الأسبوع الماضي، قالت كاترين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنها ستحثّ دول الاتحاد على قبول سكان مخيم أشرف، الذي أصبح مصيره غير مؤكد في عام 2009، بعدما نقلت الولايات المتحدة السيطرة عليهإلى الحكومة العراقية، التي تعتبر أن سكانه يشكلون تهديدًا أمنيًا.

وتقول منظمة العفو الدولية إن الإيرانيين هناك يتعرّضون لمضايقات من جانب الحكومة، ويحرمون من الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية. وقتل أكثر من 30 من سكان المخيم في اشتباك مع قوات الأمن العراقية في نيسان (إبريل) الماضي.

ورفع الاتحاد الأوروبي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من قائمته للمنظات الإرهابية عام 2009، لكن دولاً، من بينها الولايات المتحدة وإيران، ما زالت تعتبرها جماعة إرهابية. وخلال الشهر الماضي، دعا أعضاء في البرلمان الأوروبي أشتونإلى تصعيد الضغط على العراق لتمديد مهلة إغلاق المعسكر.