حذّر رئيس بعثة البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق ستروان ستيفنسون من المذبحة التي تلوح في الأفق، ضد سكان معسكر أشرف، وكشف عن رسالة من الحكومة العراقية إلى البرلمان الأوروبي تؤكد إغلاق المعسكر بنهاية الشهر المقبل واصفاً إياها بإعلان الحرب على المجتمع الدولي.

عراقيون يطالبون بإغلاق معسكر أشرف

بغداد: حذر رئيس بعثة البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق ستروان ستيفنسون،مما قال إنها مذبحة أمرت السلطات الايرانية الحكومة العراقية بتنفيذها ضد سكان معسكر أشرف لعناصر منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة في شمال بغداد.

وكشف عن رسالة من الحكومة العراقية الى البرلمان الاوروبي تؤكد إغلاق المعسكر نهاية الشهر المقبل وتصف سكانه بالإرهابيين. واصفا الرسالة بأنها إعلان حرب على المجتمع الدولي وتفويض موت لسكان المعسكر، في حين قال المجلس الوطني للمقاومة الايرانية إن التظاهرات ضد المعسكر تشكل مهزلة ينفذها نظاما طهران وبغداد.

وكشف ستيفنسون في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot; اليوم عن وثيقة رسمية للحكومة العراقية من 10 نقاط، نقلتها سفارتها في بروكسل إلى البرلمان الأوروبي وهي تتضمن موقف الحكومة من معسكر أشرف، وقال إنها تشكل quot;إعلان حرب على المجتمع الدولي والأمم المتحدة وتفويض موت لسكان المعسكر. واشار إلى أن الوثيقة quot;تؤكد مجدداً النية الواضحة في اغلاق المعسكر بحلول نهاية العام الحالي وتقول ان سكان أشرف هم ارهابيون وتنكر تمتعهم بصفة اللاجئين و حمايتهم بموجب اتفاقيات جنيف وأن استمرار وجوده يخلق صعوبات مع ايران المجاورة. واشار إلى ان الوثيقة توضح أن الحكومة العراقية تعارض محاولات من جانب مفوضية اللاجئين لمقابلة السكان وتوفير صفة اللاجئين لهم.

وتؤكد الحكومة العراقية في هذه الوثيقة انها quot;قررت اغلاق معسكر اشرف بحلول نهاية عام 2011quot;. وقالت إن إعادة توطينهم لم تصل الى اية نتيجة، ربما بسبب رفض السكان إخلاء المعسكر او عدم رغبة البلدان في استلامهم، فإن الحكومة العراقية لا خيار لها سوى اخلاء المخيم بموجب اصول السيادة ونقل السكان إلى مخيمات أخرى في العراق وتسهيل سفرهم الى الخارج طوال المهلة المتبقية لنهاية العامquot;.

ويعلق المسؤول الاوروبي على الوثيقة قائلا quot;انها تتجاهل تماما الجهود المكثفة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق (اليونامي) والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لقضية اشرف واعادة توطين السكان .. فهي تمهّد الارضية لمذبحة سكان اشرف التي أمرت ايران الحكومة العراقية القيام بهاquot;. واشار إلى ان المفوضية السامية للاجئين والبرلمان الأوروبي والكونغرس الأميركي ومنظمة العفو الدولية وغيرها من الهيئات الدولية قد طالبت مرارا وتكرارا في الأشهر الماضية بتمديد مهلة نهاية العام 2011، غير القانونية إلى حين تأييد لجوء السكان من قبل المفوضية العليا للاجئين للتّمكن من نقلهم الآمن إلى بلدان أخرى.

وأضاف ستيفنسون quot;ان الوثيقة هذه ذات النقاط العشر تكشف بوضوح أن هذه السياسة في الحقيقة يمليها النظام الإيراني وانها تنص على أن العراق ملتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة وأن وجود هذه المنظمة باية حال يثير المشاكل مع ايرانquot;. واوضح انه في بند آخر من الوثيقة جاء quot;إن وجود هذه المنظمة في العراق يعتبر تهديدا على أمن الدول المجاورة ويعطي ذريعة للدول المجاورة (إيران) للتدخل في الشؤون الداخلية للعراقquot;.. كما ان المادة العاشرة من الوثيقة تنص على انquot;العراق باعتباره دولة ديمقراطية وسلمية يريد بناء علاقات سلمية مع الدول المجاورة (ايران) quot;.

وتضيف الوثيقة قائلة إن سبب اغلاق أشرف يعود لان quot;المنظمة (مجاهدي خلق) تم تصنيفها من قبل المجتمع الدولي باعتبارها منظمة ارهابيةquot; وان quot;الدستور العراقي يحظر وجود اي كيان ارهابي في الاراضي العراقية quot;.

وتستطرد الحكومة العراقية في هذه الوثيقة قائلة quot;ان العراق يتعامل مع سكان المعسكر كأفراد وفقا لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.quot;

وشدد ستيفنسون على ان هذه الوثيقة quot;لا تترك أي شك حول نوايا الحكومة العراقية لقتل سكان اشرفquot; . وقال انه من الضروري التأكيد على ضرورة قيام المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ببذل كل جهودها لمنع حمام دم آخر يمكن التنبؤ به وتكرار سريبرينيتسا في أشرف.

وجاءت الحكومة العراقية التي ايديها ملطخة بدماء اللاجئين الإيرانيين العزل، إلى السلطة بمساعدة الولايات المتحدة والحكومة البريطانية وغيرها من الحكومات الغربية وبالتالي فان هذه الدول تتحمل مسؤولية أخلاقية هامة في منع هذه الكارثة التي تلوح في الأفقquot;.

ودعا المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي الى تقديم الدعم الكامل لمهمة الأمم المتحدة والمفوضية العليا للاجئين، للتأكيد على وضع لاجئي سكان أشرف وإعادة توطينهم في بلدان ثالثة وكذلك إجبار الحكومة العراقية على تأجيل الموعد النهائي المحدد لها حتى الانتهاء من هذه العملية. وطالب الولايات المتحدة بشكل خاص بمنع وقوع مأساة كبيرة quot;من قبل الحكومة العراقية التي اصبحت تنفذ أوامر من الديكتاتورية الفاشية في إيران الذين يسعون إلى تدمير أشرف واذا وقعت مثل هذه المأساة فإن الولايات المتحدة تتحمل القسط الأكبر من المسؤوليةquot;.

وطالب باعتماد موقف واضح من خلال رفض الموعد النهائي المعلن من قبل الحكومة العراقية وأي ترحيل قسري لسكان أشرف داخل العراق .. وأن تقبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على الفور بعضا من سكان أشرف، ولا سيما المرضى والجرحى والأشخاص الذين كانوا طلبوا اللجوء أو الذين لديهم علاقات أسرية في البلدان الأوروبية، حيث إن هذا الاجراء سيكون علامة ملموسة على أن عملية الإجلاء قد بدأت بشكل سيجعل اي اجتياح للمعسكر من قبل السلطات العراقية أكثر صعوبة تحت أعين وسائل الإعلام في العالم.

وحذر ستيفنسون من انه quot;عندما يتم تفتيت سكان أشرف في مجموعات صغيرة فان القوات العراقية وقوات القدس الايرانية الارهابية، ستقوم بممارسة التعذيب واغتيالهم دون ان يطلع العالم عليها، وفي مثل هذه الظروف إذا كان العالم يقف جانبا ويسمح بأن تأخذ الأمور مجراها دون تدخل، فان المقيمين في أشرف وبينهم أكثر من 1000 امرأة وطفل سيواجهون الموت المحققquot;.

آشتون تدعو بغداد إلى مرونة ومتظاهرون يطالبون بإغلاق أشرف

ومن جهته قال مكتب وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان quot;الاتحاد الاوروبي يتابع عن كثب المفاوضات الحالية بين الامم المتحدة ومفوضية اللاجئين والحكومة العراقية بشأن معسكر اشرفquot; شمال بغداد والذي يأوي معارضين ايرانيين منذ نحو ثلاثين عاماquot;.

واضاف في بيان ان quot;هذه المفاوضات بالغة الصعوبة لكننا نثق بحرص مفاوضي الامم المتحدة على امن المقيمينquot; في المعسكر. واكد ان الاتحاد الاوروبي quot;يشجعquot; بغداد على quot;اظهار اكبر قدر من الليونة حيال تفاصيل عملية الاجلاء والتعاون مع مفوضية اللاجئين لتسهيل نقل سكان المعسكرquot;.

وتدور مفاوضات حاليا لنقل سكان معسكر اشرف الذي يضم عناصر من منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة، بشكل سلمي الى مكان آخر في العراق في وقت تسعى الحكومة العراقية الى اغلاق المعسكر بحلول نهاية الشهر المقبل .

وقال الممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة في العراق، ورئيس بعثة المنظمة الدولية في بغداد مارتن كوبلر إن quot;المسؤولية الكاملة حيال الوضع في المعسكر تتحملها الحكومة العراقيةquot;.

وتصر الامم المتحدة على ان عملية النقل الى ايران يجب ان تكون طوعية، علما ان منظمة مجاهدي خلق سبق ان اعلنت عن رفضها خطة اميركية قضت بنقل سكان المعسكر الى مكان آخر داخل العراق.

وقال المتحدث باسم معسكر اشرف شهريار كيا ان quot;السكان سبق ووافقوا على خطة البرلمان الاوروبي لنقلهم الى بلد ثالث شرط نيل وضع اللاجئين من قبل منظمة اللاجئين التابعة للامم المتحدة والتي أعلنت في ايلول (سبتمبر) الماضي انها مستعدة للمجيء الى هنا والاطلاع على هويات المقيمينquot;. ويقول كيا quot;اذا ارادت الحكومة فعلا التوصل الى حل سلمي فان عليها ان تدفع منظمة اللاجئين لتبدأ عملهاquot;.

و تظاهر أمس الجمعة مئات العراقيين ومعهم عدد من الايرانيين امام معسكر اشرف مطالبين بطرد منظمة مجاهدي خلق من البلاد. وتجمع المتظاهرون وبينهم نساء واطفال ورجال عشائر قدموا من مناطق متفرقة من العراق اضافة الى عدد من الايرانيين من اقارب عناصر في المعسكر استقدمتهم السلطات الايرانية امام مدخل المقر.

وفرضت قوات الامن العراقية من جيش وشرطة اجراءات امنية مشددة لتجنب حدوث صدامات بين المتظاهرين وعناصر المنظمة.

وتوافد المتظاهرون في حافلات وسيارات مدنية من محافظات في جنوب ووسط العراق وحملوا لافتات كتب على احداها quot;جماهير ديالى تطالب باخراج منظمة خلق الارهابية من المحافظةquot; وquot;منظمة خلق والارهاب وجهان لعملة واحدةquot;.

ومن جانبهم، حمل عناصر quot;مجاهدي خلقquot; الذين تجمعوا على مسافة قريبة من موقع التظاهرة لافتات باللغة الفارسية واعلام المنظمة. كما اطلقوا نداءات بالفارسية ومقاطع من تصريحات لنائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك الذي يتعاطف مع المنظمة، تطالب بالتعامل مع عناصرها بشكل انساني.

ويضم هذا المعسكر الذي يبعد 80 كلم شمال بغداد حوالى 3400 شخص وفي اوج الحرب على ايران، استضاف نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين هذه الحركة التي اعلنها النظام الحاكم في ايران خارجة على القانون في عام 1981.

وقد تم تجريد المعسكر من اسلحته بعد اجتياح الولايات المتحدة وحلفائها العراق في عام 2003 حيث تولى الاميركيون آنذاك امن المعسكر قبل ان يسلموا العراقيين هذه المهمة منتصف عام 2010. ومنذ ذلك الحين، بات مجاهدو خلق الذين ما زالوا معارضين شرسين للنظام الايراني موضوع خلاف بين بغداد وطهران. وفي نيسان (ابريل) الماضي، شنّ الجيش العراقي هجوما على المعسكر أسفر عن مقتل 34 شخصا واكثر من 300 جريح من عناصره.

... والمجلس الوطني للمقاومة الايرانية يصف التظاهرة بالمهزلة

وقد وصف المجلس الوطني للمقاومة الايرانية تظاهرة الامس ضد سكان معسكر اشرف بانها مهزلة أعدّ لها نظاما طهران وبغداد.

وقال المجلس أحد تنظيمات منظمة مجاهدي خلق في بيان اليوم من مقره في باريس، حصلت quot;ايلافquot; على نسخة منه quot;انه على الرغم من ثلاثة أسابيع من الاستحضارات وما صاحبها من حملات الصخب لـ (تظاهرة جماهيرية) تدعو الى طرد مجاهدي خلق من العراق، باءت بالفشل الذريع مهزلة عملاء المخابرات الايرانية وقوة القدس الارهابية في العراق، والتي حظيت بدعم حكومي شامل والفرقة الخامسة في الجيش العراقي، بحيث اضطرت قناة العالم للنظام الايراني التي تبث برامجها باللغة العربية حيث كان من المقرر أن تبث كامل وقائع المهزلة على الهواء مباشرة، الى الاكتفاء ببث لقطات قصيرة ولملمة الواقع الميداني وذلك بسبب كساد المهزلة المفضوحةquot;.

واضاف قائلا quot; ان المأجورين لسفارة نظام طهران في بغداد وقوة القدس الارهابية تم أخذهم الى الميدان بالوسائل المعروفة التي كانت مستعملة من قبل الخامنئي، والقذافي، وبشار الأسد لتطهير أيدي المالكي الملطخة بالدماء في أشرف وهم يدعون الى حمام دم جديدquot;. واشار الى انه قبل هذا كانت استمارة رسمية للحكومة العراقية، قد وزعت على نطاق واسع لاستئجار واستقبال المرتزقة وتم الكشف عن هذه الاستمارة من قبل المقاومة الايرانية. وقالت إنه quot;لدعم المهلة غير القانونية لإغلاق أشرف فقد دفعت اللجنة التنسيقية المشرفة على التظاهرة أمام باب مخيم العراق الجديد لكل مشارك 10.000 دينار ولكل سائق حافلة صغيرة 25.000 دينار ولكل سائق حافلة كبيرة 50.000 دينارquot;.

واكد المجلس قائلا quot;على الرغم من كل هذه التحضيرات والتكاليف المترتبة عليها، بلغ عدد المشاركين في هذه المهزلة ما يتراوح بين 300و400 شخص وعلى شكل متفرق في مجموعات صغيرة كان نصفهم أطفال .. وهذه كانت أفشل مهزلة طيلة حصار أشرف منذ 3 أعوام ما يعكس شعور الرأي العام العراقي بالكره والاشمئزاز تجاه أعمال القمع ومَعارض الدجل التي يقيمها خامنئي والمالكي في العراقquot;.

وحذر المجلس من ان quot;مهزلة التظاهر هذه تكشف النوايا الشريرة والاجرامية التي تضمرها الحكومة العراقية للنقل القسري لسكان أشرف وتفريقهم وقمعهم في مواقع مختلفة في العراق حيث ان العراقيل التي وضعها المالكي ومنع عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة منذ شهرين في أشرف، الى جانب تكثيف القيود والاجراءات القمعية مثل منع اعادة جثة امرأة متوفية كانت مريضة ومنع دخول الوقود والحاجات الأساسية اليومية، وحتى منع دخول الحطب والفحم الى أشرف في بداية أشهر الشتاء تنم عن النوايا الشريرة المخزية نفسهاquot;.

يذكر أن منظمة مجاهدي خلق (الشعب) تأسست عام 1965 بهدف الإطاحة بنظام شاه إيران، وبعد الثورة الإسلامية عام 1979 عارضت النظام الإسلامي، والتجأ كثير من عناصرها إلى العراق في الثمانينات خلال الحرب بين إيران والعراق، وتعتبر المنظمة جناحًا للمجلس الوطني للمقاومة في إيران، ومقره فرنسا، إلا أنها أعلنت عن تخليها عن العنف في حزيران (يونيو) عام 2001.