سيارات حديثة للبيع في بغداد

بعدما كان الشباب العراقيون يحلمون بصعود السيارات الفارهة، التي يشاهدونها في الأفلام فقط، ها هم يستقلّون الآن أفخم السيارات، ويتسابقون على اقتناء أحدثها... وقبل عام 2003 ربط نظام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين اقتناء السيارة بمدى ولاء المواطن في حينها للنظام.


في الوقت الذي تشهد فيه أسواق السيارات في العراق حروبًا تنافسية، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ما زال ينتاب المواطن العراقي هوس اقتناء السيارة، رغم ثمنها الباهظ.

واستيقظ العراقيون من سبات طويل، تخلله عزوف عن امتلاك السيارة طيلة ثلاثة عقود، بسبب الحروب والحصار الاقتصادي، ليبدأوا اليوم سباق امتلاك المركبة الأحدث، مع تحسن القدرة الشرائية والانفتاح الاقتصادي، ودخول الكثير من شركات الاستيراد إلى سوق المنافسة.

بحسب الخبير الاقتصادي جعفر حسن، فإن التقارير الاقتصادية تشير إلى أن العراق سينافس دول الخليج في تجارة السيارات، لكن هذه التجارة يصاحبها تذبذب حاد في الأسعار، يتأثر كثيرًا بالأوضاع السياسية المتقلبة في العراق.

ويقول حسن: quot;لكن رغم ذلك، مازالت أسعار السيارات في العراق هي الأرخص في العالم، بسبب الضرائب القليلة المفروضة على السيارات، إضافة إلى قوانين الاستيراد السهلة إلى حد، ما مقارنة بالدول المجاورةquot;.

وسعت الحكومة إلى إدخال قانون التعرفة الجمركية الجديد عام 2011، والقاضي برفع الرسوم الجمركية من نسبة صفر% إلى 80%على العديد من السلع المستوردة، لكنه تأجّل إلى إشعار آخر. وبموجب القانون، سيتم رفع التعرفة الجمركية المستقطعة على أسعاركل السيارات المستوردة إلى السوق العراقية بنسبة15 %.

لكن التاجر مكي الخفاجي يرفض أن يكون التجار سببًا في ارتفاع الأسعار، ويرى أن البضاعة تخضع لمعادلة العرض والطلب، إضافة إلى أنها تتأثر بالظروف السياسية والاقتصادية للبلد. وبعد العام 2003 ازدهرت المعارض بأحدث الموديلات وأرقى المواصفات العالمية.

يشير حسن إلى المناشئ المختلفة للسيارات، من المنشأ الاميركي والياباني والصيني والألماني... إلى السويدي والإيراني والماليزي. ويشير بإصبعه إلى آخر نسخة من المرسيدس، وكذلك سيارات، مثل السوناتة وتويوتا، وكامري، وكورلا، ويبلغ سعر هذه السيارات نصف أثمانها في الخليج والدول الأوروبية.

وبحسب حسن، فإن السوق العراقية تشهد أنواعًا حديثة من السيارات، لم تدخل حتى السوق الخليجية بعد.

يفسر الخبير في تجارة السيارات عادل القيسي ذلك بالانفتاح الاقتصادي في العراق، وسهولة الاستيراد والإقبال الكبير للشركات على السوق العراقية.

ويلفت رجل الأعمال الشاب علي الياسري إلى أنه يمتلك أربع سيارات مرسيدس (زيرو) من جيل عام 2012. ومصطلح زيرو في العراق يعني أن السيارة لم يدر محركها بعد.

وقبل العام 2003، كانت التعرفة الجمركية للسيارات تتجاوز الــ30% من سعر السيارة. لكن دخول السيارات قبل ذلك التاريخ لم يكن كبيراً عبر التجارة الخاصة، بل إن نسبة الاستيراد الكلية تجري عبر الشركة العامة لتجارة السيارات.

السيارة على قدر الولاء

ربط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين اقتناء السيارة في ذلك الوقت بمدى الولاء السياسي للمواطن. فقد وضع شروطاً صعبةً لاستيراد السيارات بشكل شخصي، وسهل امتلاكها بأسعار زهيدة لأعضاء حزب البعث وضباط الجيش والمسؤولين الكبار. كما استغل صدام حسين السيارة طيلة ثمان سنوات من الحرب العراقية الإيرانية في كسب ولاءات أفراد الجيش.

وما زالت الشركة العامة للسيارات في العراق مستوردًا رئيسًا للسيارات، إضافة إلى التجارة الخاصة، التي هي صاحبة الريادة اليوم في إدخال أشهر وأحدث أنواع السيارات إلى السوق.

بعدما كان الشباب العراقي يحلم بصعود السيارات الفارهة، التي كان يشاهدهافي الأفلام فقط، بحسب الشاب الجامعي عرب مهدي، فإنهميستقلون اليومأرقى السيارات وأفخرها، بل يتسابقون على اقتناء الأحدث.

ويشرح عرب: quot;تزدهر اليوم في العراق قيادة السيارات الشبابية، والتي غالبًا ما تمتاز بغرابة الشكل الرياضي والترف في التصميم، كانعكاس لروح المغامرة وحب السرعة والتباهي أمام الآخرينquot;.

ويقول محمد حسن، ويعمل مديرًا في شركة غلوب للسيارات، وهي الوكيل المعتمد لسيارات JMC الصينية، إن سوق العراق الواعدة، تحفز شركات السيارات على تصدير الأحدث نظرًا إلى التسهيلات الإدارية وسهولة إيصال البضاعة إلى السوق العراقية.

ومازالت تكاليف الاستيراد إلى العراق منخفضة (بحسب حسن) وتعادل حوالى نصف الكلفة مقارنة بدول الخليج.

ويقدر الخبير الاقتصادي كريم الطائي حجم تجارة السيارات في العراق بما يعادل أكثر من ستة مليار دولار منذ العام 2003.

ويعتقد الطائي أن فوضى استيراد تسود البلاد اليوم، تتمثل في المنافذ المتعددة لدخول السيارات من دون ضوابط. فإضافة إلى استيراد القطاع الخاص للسيارات، متمثلاً في أشخاص وشركات، فإن الحكومة والوزارات، بل والحكومات المحلية، تستورد أيضًا، وهذه سبّب تخمةً كبيرةً في أعداد السيارات وازدحامًا حقيقيًا في الشارع.

ومع النظرة السلبية، التي يبديها أصحاب الاختصاص، لظاهرة تجارة السيارات، إلا أن المدرّس فاضل فليح بدا سعيدًا بسيارة الكرونا الماليزية المنشأ موديل 2010. ويقول فليح: quot;طيلة عقدين كنت أمتلك سيارة quot;فياتquot; موديل السبعينات، ولكثرة أعطالها ركنتها جانبًا. أما اليوم فإنني استقل سيارة حديثة بكامل المواصفات وبسعر مناسب. ويضيف أنه ينتاب العراقيين هوس اقتناء السيارة الحديثة، لاسيما الموظفون.

ويتابع: quot;يستطيع الموظف اقتناء سيارة حديثة عبر الدفع بالأقساط. ويمكن للموظف دفع ما يعادل 300 دولار شهريًا لاقتناء سيارة حديثة، وهو مبلغ مناسب، ويمكن للموظف العراقي دفعه قياسًا إلى معدلات الدخل في العراق اليومquot;.

لكن الظاهرة الأسوأ في تجارة السيارات في العراق، تتمثل في تحويل التجار البلد بعد عام 2003 إلى ساحة لقمامة السيارات في العالم، بحيث أصبح العراق أكبر مقبرة للسيارات، بعدما تهافت الجميع، تجارًا ومواطنين، على استيراد المركبات القديمة والمستعملة من دول الخليج وأوروبا.

يقول سمير الشيخلي إنه عمل لمدة خمس سنوات في تجارة السيارات القديمة، حيث استورد على مدى أربع سنوات نحو ألف سيارة قديمة من ألمانيا، مضيفاً: quot;هذه السيارات مستهلكة، ودفعنا لأجل شرائها مبالغسهلة، لكننا أعدنا تأهيلها، ومن ثم بيعها بأسعار مناسبةquot;.

ولاجل القضاء على التضخمفي أعداد الأجيال القديمة من السيارات، مُنع استيراد السيارات دون السنتين من تاريخ تصنيعها، لكن هذا لم يحدّ من تدفقها على السوق المحلية.