برز رأي في الأسابيع الأخيرة يقول إن إيران ستعمل جاهدة على ملء فراغ السلطة في العراق بعد انسحاب القوات الأميركية منها. ويأتي هذا الرأي في سياق الحديث عن أن إيران توزع أسلحة وأموالا في العراق في محاولة لاستباق التغيرات السياسية التي تجتاح المنطقة منذ بداية quot;الربيع العربيquot;. إلا أنه يتم الإشارة إلى خطط أميركية لنقل القواعد العسكرية إلى الخليج الفارسي، بهدف ردعها عن فرض سيطرتها في المنطقة.

إنسحاب القوات الأميركية من العراق


بيروت: فيما تستعد القوات الأميركية لمغادرة العراق بحلول نهاية الشهر المقبل، يحذر مسؤولون في البنتاغون وكبار القادة العسكريين من أن ايران ستسارع إلى ملء فراغ السلطة الناجم عن خروج أميركا، ما لم تقم واشنطن بإجراءات تحول دون ذلك، كالإنسحاب الجزئي من العراق.

وبرز هذا الرأي على نطاق واسع في الأسابيع الأخيرة على خلفية معلومات استخبارية جديدة تشير إلى أن حكومة طهران تدعم قوات الوكالة في اليمن، التي تقترب من الحصول على القدرة لصنع الأسلحة النووية، وفقاَ لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

في هذا السياق، نقلت صحيفة quot;لوس انجلوس تايمزquot; عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية قولهم إن عناصر ايرانية قدمت الملايين من الدولارات لزعماء من الحوثيين، وهي قبيلة من أحد فروع المذهب الشيعي في شمال اليمن، انضمت إلى انتفاضة مسلحة من قبل قوات ضد الحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في صنعاء.

ويقول مسؤولون أميركيون إن ايران تعمل على توزيع الأموال والأسلحة في العراق ومناطق أخرى غير مستقرة، وغالباً في السر، في محاولة لتوسيع نفوذها واستباق التغيرات السياسية التي تجتاح المنطقة منذ بداية quot;الربيع العربيquot;.

ولا تزال الجمهورية الإسلامية تواجه تحديات خطيرة، لا سيما إذا نجحت المعارضة السورية في الإطاحة بالرئيس بشار الاسد، فتخسر بذلك ايران أقرب حلفائها في المنطقة.

من خلال التأكيد على الخطر الإيراني، يأمل القادة العسكريون الاميركيون ومسؤولو البنتاغون في الحصول على دعم في البيت الأبيض وعواصم الحلفاء الاقليميين للتركيز أكثر على احتواء النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، بما في ذلك نقل بعض القوات العسكرية الاميركية التي ستغادر العراق إلى قواعد أخرى في الخليج الفارسي.

وقال الجنرال كارل هورست، رئيس هيئة الاركان في القيادة المركزية الأميركية: quot;لماذا نتخلى عن وجودنا في العراق واستقرار المنطقة لصالح ايران الخبيثة؟ أنا لست متأكداً تماماً أن النتائج ستكون جيدة، من وجهة نظر الولايات المتحدةquot;.

وقد وضعت القيادة المركزية، ومقرها في قاعدة ماكديل الجوية في تامبا، خططاً لمركزة عدة كتائب وألوية من القوات البرية في الكويت.

لم تتم الموافقة على هذه الخطة حتى الآن من قبل الرئيس الاميركي باراك أوباما، في حين أعلن وزير دفاع الكويت الشيخ جبار مبارك الصباح، في الأسبوع الماضي، عن أنه لا توجد خطط فورية لزيادة مستويات القوات الأميركية.

وبعد حرب الخليج الفارسي عام 1991 لدفع القوات العراقية من الكويت، كانت الولايات المتحدة قد حافظت على وجود كتيبة قتالية لردع عدوان آخر من جانب صدام حسين. ثم بقي آلاف من العاملين في الخدمات اللوجستية بعد غزو عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة على العراق، فأصبحت الكويت نقطة انطلاق رئيسة للوازم والوحدات المتجهة إلى أرض المعركة.

ويهدف اقتراح القيادة الأميركية حول تمركز وحدات قتالية أخرى في الكويت، إلى ردع ايران في المقام الأول، وإبقاء القوات الأميركية جاهزة في حال حدوث أزمة. كما يجري العمل على وضع خطط لزيادة الوجود البحري الاميركي في الخليج الفارسي، لتكثيف مبيعات الأسلحة للحلفاء في الخليج، وإجراء مناورات عسكرية إضافية مع حلفائها في المنطقة.

لكن المسؤولين في البيت الابيض يبدون قلقهم من القيام بحشد عسكري آخر بعد عشر سنوات من الحرب، وقد شددت الإدارة على أنها تعتزم الضغط من أجل اتباع نهج الدبلوماسية لتقييد إيران، وليس المواجهة العسكرية.

في الوقت نفسه، فإن خروج الجيش الأميركي من العراق لا يكاد يكون نصراً واضحاً لايران. على سبيل المثال، ان المتشددين الشيعة وغيرهم من المتمردين الذين هاجموا القوات الأميركية في العراق لسنوات- في كثير من الأحيان مع أسلحة وامدادات من ايران - يفقدون عدوهم الرئيس الذي يقاتلون ضده، وبالتالي سيقلل ذلك من اعتمادهم على طهران.

كما تتطلع الادارة الاميركية إلى تشديد عقوبات التجارة والسفر ضد ايران ردا على ما وصفه البيت الابيض بـ quot;مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في مطعم في واشنطنquot;، إضافة إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبوع الماضي حول التقدم في المجال النووي الايراني.

وأوصى قادة عسكريون أميركيون في البداية بالإبقاء على أكثر من 20000 جندي أميركي في العراق بعد هذا العام لتدريب الجيش والشرطة، ويقول مؤيدو هذا القرار أن هذه الكتيبة سوف تساعد على توفير حصن ضد ايران وتمنعها من حيازة نفوذ على الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق.

وقال مسؤول كبير في الاستخبارات العسكرية: quot;انسحاب القوات الاميركية من العراق سيحدث فراغاً، وعلى أحد أن يملأ هذا الفراغquot;، مشيراً إلى أن ايران ستعمل جاهدة على محاولة تعزيز نفوذها بقدر ما يمكن.