رئيس الجبهة التركمانية العراقية النائب أرشد الصالحي

طالب تركمان العراق، الذين يمثلون القومية الثالثة في البلاد، بحماية دوليّة وإرسال لجنة تقصي الحقائق في عمليات استهدافهم المتصاعدة، داعين إلى حمايتهم بعد انسحاب القوات الأميركية من مناطقهم... فيما حذر الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر من إنشاء أقاليم في ظل الوجود الأميركي في العراق، وقال إن ذلك يمكن أن يتم بعد انتهاء هذا الوجود، شرط أن لا تكون الأقاليم طائفيّة، وأن تبقى مركزية الدولة.


طالب رئيس الجبهة التركمانية العراقية النائب العراقي أرشد الصالحي بتشكيل لجنة تحقيق دولية لمعرفة الجهات التي تقف وراء استهداف التركمان، مؤكدًا أنهم، وخاصة في محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط، لم يحتفلوا بعيد الأضحى، بسبب التدهور الأمني وتصاعد عمليات استهدافهم.

وأضاف في تصريحات مكتوبة تلقتها quot;إيلافquot; إن التركمان، وفي ظل الصمت الحكومي والبرلماني العراقي، يحمّلون المسؤولية لهذه الجهات عن عدم حمايتهم من عمليات القتل والاختطاف التي يتعرّضون لها حاليًا. وقال quot;إن المجتمع العراقي للأسف بدأ الآن ينقسم إلى سنّة وشيعة وكرد، لكن مازال التركمان متمسكون بعراقيتهم وأرضهم ووطنهمquot;.

وأشار إلى أنّ صمت الحكومة العراقية ومجلس النواب وعدم اتفاق أعضاء لجنة تقصي الحقائق، التي ضمت نواب كركوك وزارت المدينةأخيرًا، على تقديم تقرير مشترك عن الأوضاع المتردية في المحافظة quot;يجعلنا نشكك أكثر بأن هنالك مؤامرة أصبح التركمان ضحيتها، وهم مستهدفون، لذا تولدت لدينا قناعة بالمطالبة بإرسال لجنة تحقيق دولية للنظر بعمليات استهداف وخطف وقتل التركمان ورموزهم العلمية والطبية ورجال الأعمال.

وكانت رئاسة مجلس النواب العراقي شكلت في أيلول (سبتمبر) الماضي لجنة برلمانية تتألف من نواب يمثلون قوميات مدينة كركوك لتقصي حقيقة الانتهاكات الأمنية، غير أنها أخفقت في إعداد تقرير مشترك بسبب عدم اتفاق أعضائها على صيغة كتابته.

وناشد الصالحي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إرسال وفود إلى كركوك وقضاء طوز خورماتو للإطلاع على أوضاع التركمان هناك. واتهم جهات سياسية لم يسمها بالوقوف وراء استهداف التركمان.

وأضاف quot;إننا طالبنا أيضًا بدعم عشائري ومساندة لمواقفنا خلال جولتنا الأخيرة على عدد من العشائر العراقيةquot;. وناشد أبناء الشعب التركماني في quot;عموم مناطقهم في تلعفر وكركوك والطوز بمزيد من الصبرquot;.. وقال quot;أعدهم بأنه سيأتي يوم ينعمون فيه بالحرية وينالون حقوقهمquot;.

وأشار إلى أنّ التركمان لديهم مخاوف من الانسحاب الأميركي في البلاد، وخاصة في المناطق التركمانية، التي تعاني مشاكل كبيرة، quot;ويننبغي أن لاتستغلها قوى سياسية وحزبية للتآمر على كركوك، وإذا ما عقدت الحكومة العراقية اتفاقًا معها فستكون هناك كارثةquot;. وأوضح أن الحل لملء فراغ الانسحاب الأميركي يكون بدعم قوات الشرطة والجيش العراقي، خاصة في المناطق المشتركة بين أبناء القوميات.

وكانت الأمم المتحدة استبعدتأخيرًا نشرها لقوات دولية في المناطق المتنازع عليها بعد انسحاب القوات الأميركية، وأشارت بعثتها في العراق quot;يوناميquot; إلى أنّه quot;ليست هناك اية نية لنشر قوات دولية في المناطق المنتازع عليها بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في نهاية العام الحالي، وهذا الأمر غير مطروح الآن على مجلس الأمنquot;. وأضافت أنه من المهم استمرار وجود القوات المشتركة، التي تعمل في تلك المناطق، لحفظ الأمن والاستقرار فيها، باتفاق مشترك بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان.

وتعتبر محافظة كركوك (255 كم شمال بغداد) والتي يقطنها خليط سكاني من التركمان والأكراد والعرب والمسيحيين والصابئة من أبرز المناطق المتنازع عليها.

ويطالب عرب وتركمان المحافظة بإدارة مشتركة لها، فيما يسعى الأكراد إلى إلحاقها بإقليم كردستان العراق، الذي يحكمونه منذ عام 1991، إضافة إلى أنّها تعاني هشاشة في الوضع الأمني في ظل أحداث عنف شبه يومية تستهدف القوات المحلية والمدنيين على حد سواء.

ويشدد التركمان على رفض ضم كركوك إلى أي إقليم، في إشارة إلى كردستان، ويقولون إن للمحافظة وضع تاريخي وثقافي خاص بواقعها المعروف، وهي لا تحتمل أن تكون جزءًا من أي إقليم. من جانبه دعا رئيس مجلس محافظة كركوك حسن توران في الشهر الماضي إلى فتح باب التطوع لأبناء كركوك ومنكل قومياتها لتشكيل قوات أمنية جديدة.

وتشهد كركوك منذ ثلاثة أشهر اختطاف عدد كبير من الأطباء، بينهم يلدرم عباس الدامرجي، الذي يعد أبرز جراحي الجملة العصبية في كركوك، والطبيب التركماني أدول علي محمود، ومن ثم طبيب الأطفال صافي هرزان، ونجل طبيب الأسنان فاضل خورشيج، إضافة إلى اعتقال مدير مصرف الدم في كركوك عيسى الحديدي من قبل قوة خاصة آتية من بغداد. كما تعرّضت مقار للجبهة التركمانية في محافظة كركوك خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة الى ثلاثة تفجيرات بعبوات ناسفة.

الصدر يوافق على الأقاليم بعد الانسحاب الأميركي ويرفضها طائفية

هذا وحذر الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر من إنشاء أقاليم في ظل الوجود الأميركي في العراق، وقال إن ذلك يمكن أن يتم بعد انتهاء هذا الوجود، شرط أن لاتكون الأقاليم طائفية، وأن تبقى مركزية الدولة.

جاء ذلك في رد للصدر على سؤال وجّهه له أحد أتباعه يسأله فيه عن موقفه من قيام رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بعقد اجتماع في مبنى المجلس في بغداد مع وجهاء وشيوخ عشائر من محافظات صلاح الدين والأنبار والموصل وديالى لمناقشة مطالبة مجلس محافظة صلاح الدين بتحويلها إلى إقليم.

وقال السائل quot;يا من تسهر على حماية وحدة العراق وشعبه وأرضه المقدسة.. لقد قام البرلمان العراقي، الذي يفترض أنه أقسم على حماية مصالح العراق بكل أطيافه بدعوة وجهاء عشائر ومحافظات صلاح الدين والأنبار وديالى والموصل في بناية مجلس النواب لطرح موضوع الأقاليم، حيث تحدث كل منهم بنفس طائفي عميق، وأخذ بعضهم يفتخر بأنه مدافع عن البعثيين، وتحدثوا عن أمور عظيمة، منها أن الطالب يرسب لأن اسمه عمر أو عثمان، والطالب الذي اسمه علي ينجح، في مسلسل يراد منه تفكيك الشعب، واللعب على عواطفه ومشاعره.. ويريد من هذا اللقاء دعم تكوين إقليم ذي صبغة طائفية، ويدعم دعواه السابقة إلى التهديد بإنشاء إقليم سني.. فما هو رأيكم؟quot;.

وقد أجاب الصدر عن ذلك قائلاً: quot;لا أستطيع تقديم شيء مادام النفس الطائفي بينكم !!! لكنني أبقى رافضًا للفيدرالية الطائفية في حال وجود الاحتلال.. وبعد خروجه يمكن ذلك إن لم يتم على معنى طائفي أو عدواني ومع بقاء المركزيةquot;.

وكان أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين quot;السنية في غرب البلادquot; قد صوّتوا في الشهر الماضي خلال جلسة استثنائية بغياب أعضاء كتلة دولة القانون على إعلان المحافظة إقليمًا.

وفي الأسبوع الماضي عقد النجفي اجتماعًا مع وجهاء وشيوخ عشائر من محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى ونينوى لمناقشة إقليم صلاح الدين، حيث أكد على دستورية هذا الإجراء، مشددًا على أنه لايستطيع أحد رفضه، في إشارة إلى معارضة رئيس الوزراء نوري المالكي للطلب المقدم من مجلس محافظة صلاح الدين.

أثار إعلان مجلس محافظة صلاح الدين جعل المحافظة إقليمًا ردود فعل متباينة في الأوساط الرسمية والشعبية بين المؤيدة له على أنه حق كفله الدستور وبين الرافضة له على أنه جزء من مشروع تقسيم العراق.

وحذر المالكي أمس الأربعاء من مطالب بعض مجالس المحافظات بتشكيل أقاليم مستقلة إداريًا واقتصاديًا، واصفًا ذلك بأنه quot;كارثةquot; في الوقت الحاضر.

وقال خلال لقائه وجهاء ومسؤولين في محافظة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) إن quot;اختيار الوقت مهم... الوقت الحالي ليس للفدراليات، إنما ينبغي أن تكون في ظل استقرار وهدوء ووحدة وطنيةquot;.

وأضاف إن هذه المطالب يجب أن تتم quot;على أساس الحرص، وليس على أساس أن يكون جزء من العراق فدرالي على أساس طائفي، وتبدأ المشاكل والتحدياتquot;. وتابع quot;أقول بكل صراحة من مبدأ التقويم، وليس من موقع القبول والرفض، إنها ستتحول إلى كارثةquot;. وأكد أنه quot;ليس من مصلحة أي محافظة الآن أن تتجه بهذا الاتجاهquot;.

جاء إعلان محافظة صلاح الدين عن قرارها بالتحول إلى اقليم إثر حملة شنتها قوات أمنية عراقية، تم خلالها اعتقال المئات من الأشخاص في أنحاء متفرقة من البلاد من ضمنها هذه المحافظة.. وقالت الحكومة المركزية إن الحملة استهدفت بعثيين وضباطًا في الجيش العراقي السابق، كانوا يخططون للانقلاب على العملية السياسية في العراق وإسقاط نظام الحكم القائم بعد رحيل القوات الأميركية من البلاد في نهاية العام الحالي.

تزامنت حملة الاعتقالات مع إجراءات قامت بها وزارة التعليم العالي، طالت العشرات من أساتذة جامعيين من جامعة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين، قالت الوزارة انهم بعثيون سابقون، وانهم مشمولون بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة، التي حلت محل هيئة اجتثاث البعث، وهي هيئة تم إنشاؤها بعد الحرب الأميركية في العراق، هدفها ضمان عدم مشاركة كبار البعثيين في المناصب الحكومية. وتسببت الحملتان في غضب شعبي كبير، ليس في محافظة صلاح الدين، بل ومحافظات أخرى ذات غالبية سنية.

ولا يشترط الدستور العراقي حصول موافقة رئيس الحكومة أو أي جهة أخرى لإنشاء فيدرالية، لكنه يشترط حصول موافقة عشر سكان المحافظة أو ثلث مجلس المحافظة من أجل إجراء استفتاء عام في المحافظة. ويشترط في الاستفتاء الحصول على غالبية أصوات المقترعين في تلك المحافظة.

وكان العراق قد مر بمرحلة شديدة القسوة من الاقتتال الطائفي الدموي، وتسببت تلك المرحلة، التي هدأت حدتها كثيرًا الآن، في مقتل عشرات آلاف من العراقيين، وخاصة عامي 2006 و2007. ويخشى أن تؤدي الدعوات الحالية إلى الأقاليم إلى إحياء جذوة الطائفية في العراق في وقت توشك فيه القوات الاميركية على اكمال انسحابها من العراق بنهاية الشهر المقبل، حيث مازالت البلاد تشهد عمليات مسلحة بين الحين والآخر، يذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء.

وبسبب تلك السنوات، التي وصفها كثيرون بأنها كانت أشبه بالحرب الأهلية وتسببت بتهجير عشرات الآلاف من العوائل على خلفيات طائفية، انقسمت المحافظات والمدن العراقية، بل وحتى الحارات العراقية إلى شيعية وسنية. وينتظر الآن أن يقوم مجلس الوزراء بإرسال طلب محافظة صلاح الدين، الذي بعث إليه في بداية الشهر الحالي، إلى مفوضية الانتخابات خلال 15 يومًا من تاريخ استلام الطلب بحسب القانون.