في الوقت الذي تستمر فيه أعمال العنف والقتال، تحولت حلب من مركز الأثرياء والأعمال إلى مدينة يسكنها القتل والفوضى.


أعمال العنف المروعة في حلب جعلت المدينة مركزاً للقتل الفوضوي والحيرة، فلا أحد يعرف كيف ستنتهي هذه الأزمة ومن سيكون الطرف الرابح؟، فيما تبدو المدينة منقسمة بالتساوي تقريباً بين الحكومة والمتمردين.

حتى أواخر تموز/يوليو عندما استولى الثوار على عدد من المناطق بسرعة مدهشة، كانت مدينة حلب التي تضم أكثر من 2 مليون شخص الأكثر مناعة إلى حد كبير تجاه العنف الذي كان يجتاح سوريا منذ أكثر من عام.

محاولات لاسعاف احد الثوار في حلب

لكن حكومة الرئيس بشار الأسد خاضت معارك شرسة لاستعادة السيطرة على المدينة، فتحولت إلى بؤرة خراب يعاني سكانها نقص المواد الغذائية والوقود، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، إضافة إلى الذعر بسبب القصف المفاجئ.

وفيما يتسابق سائقو السيارات على التقاطعات بتهور، لا يجد المرء سبباً منطقياً سوى كلمة واحدة: quot;القناصةquot;.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;لوس انجلوس تايمزquot; إلى أن العديد من أحياء حلب تحولت إلى متاريس جعلت الناس يهربون عن خط المواجهة من مناطق مثل حي صلاح الدين، لكنهم لا يزالون يعيشون في مناطق أخرى تهتز يومياً من ضربات المدفعية وطائرات الهليكوبتر وهدير المقاتلات النفاثة.

في الأسبوع الماضي، أدى انفجار سيارتين مفخختين إلى مقتل أكثر من 30 شخصاً في مناطق تسيطر عليها الحكومة، وفقاً لوسائل الإعلام الرسمية. وتم العثور على عشرين جندياً، أيديهم مقيدة ومعصوبي الأعين، قد أعدموا وقد عرضت جثثهم على الرصيف وكأنه عرض للبطولة.

واشارت الصحيفة إلى أن خطوط توزيع الخبز في المدينة هي الأكثر عرضة لأعمال العنف. ونقلت عن quot;ابو حبيبquot; قوله إنه أرسل ابنه على دراجة هوائية ليحضر بعض الخبز عن طريق الالتفاف على طول شوارع المدينة القديمة. لكن صاروخاً أو قنبلة من طائرة انفجرت بالقرب من طابور الخبز، مما أسفر عن مقتل كثيرين، بينهم حبيب بردة (16 عاماً) وتشويه الكثيرين.

وأضاف: quot;لماذا لا أحد يساعدنا؟quot;

وأشارت الصحيفة إلى أن موجات النزوح مستمرة في حلب كلما استمر القتال. وأصبحت دوائر حركة المرور محطات مؤقتة للفارين، كما أن البعض يرحلون إلى أقاربهم أو أصدقائهم خارج المدينة، في حين يأمل البعض الآخر في الوصول إلى تركيا حيث تنتظرهم مدن الخيام والتقشف.

وتعمل الباصات على تهريب سكان حلب خارج المدينة، ومعطمهم من العائلات. فتقول المعلمة التي عرفت عن نفسها باسم أم أحمد (33 عاماً) من بلدو مشهد، إنها تبحث عن باص ينقلها وزوجها واثنين من بناتها الصغار خارج خطوط النار.

وفي مكان آخر من المدينة، وصل عدد من الضحايا المضرجين بالدماء إلى عيادة في إحدى المكاتب المجهولة، حيث أوضحت إحدة الممرضات أن quot;كل الضحايا يتلقون معاملة المدنيين سواء أكانوا مع النظام أم ضدهquot;.

quot;لقد أصبح الناس أعداء بعضهمquot; يقول رجل رث طويل القامة، يحدث نفسه في الشارع خارج العيادة. ويقول السكان أن الرجل فقد عقله بعد أن قضى شقيقه المدني برصاص القناصة.

القتال بين القوات الحكومية والثوار يتصاعد في عدة مناطق

ويتحدث بعض سكان حلب عن الثوار باعتبارهم دخلاء متخلفين يسببون الخراب والدمار، ويهمسون بهذا العداء فيما بينهم بعيداً عن وجود القوات المتمردة والنشطاء.

واعتبرت الصحيفة أن هذا العداء متبادل بين الثوار والعديد من السكان، إذا نقلت عن أحد المقاتلين من الريف قوله إن quot;سكان المدينة لا يريدون أن يدفعوا ثمن التحرير. بينما العديد من المقاتلين فقدوا ذويهم في هجمات الحكومة على مدنهم وقراهمquot;.

quot; اعتاد الناس على العيش المترف في حلبquot;، قال أحد قادة الثوار . إنها أحياء الثراء. الناس لا يحبون الفقر والحاجةquot;.

من جهته، يقول ياسر، وهو مقاتل شاب كان يعمل في متجر لبيع الإطارات: quot;والدي لم يكن يريدني أن أحمل السلاح. لكن عندما رأى القصف وقتل الناس، قال انه يفهم قراريquot;.

في مكان آخر في البلدة القديمة، قام حلاق يدعى أبو صالح بفتح متجره للمرة الأولى منذ ستة أسابيع.

وقال إنه كان قد غادر المدينة، لكنه يأمل الآن بأن يأتي بعض الزبائن، وربما بعض المقاتلين الثوار الذين يمرون في الحي باستمرار في طريقهم من وإلى الخطوط الأمامية. ويردد أبو صالح عبارة quot;من الجيد أن نعود إلى وظائفناquot; وكأنه يحاول خلق حياة طبيعية في مخيلته، وإن كانت وهماً.