يحاول إردوغان أن يستخدم هيمنة حزبه في البرلمان لتغيير الدستور، بحيث يؤسس كياناً رأسيًا قوياً يتزعمه بعد انتهاء ولايته الحالية.


يبحث رئيس وزراء تركيا، رجب طيب إردوغان، الذي لن يترشح لولاية رابعة، عن طرق لإنشاء كيان رئاسي قوي والترشح لهذا المنصب العام المقبل، لكنّ منتقدين أبدوا تخوفهم من أن يعمل تفكيره السياسي على تقويض العادات الديمقراطية العلمانية للبلاد.

وعلقت صحيفة واشنطن تايمز الأميركية بقولها إن إردوغان، الذي يشغل منصبه الحالي منذ عام 2003، قد رفض المخطط الدستوري الأميركي الخاص بالضوابط والتوازنات بين البيت الأبيض والكونغرس، وطالب بدلاً من ذلك بنظام رئاسي على الطريقة التركية.

وصرح إردوغان لمراسلين خلال رحلة قام بها مؤخراً لاسبانيا quot;ليس بمقدور الرئيس الأميركي أن يعين سفيراً. وليس بمقدوره حتى اتخاذ قرار بمفرده بشأن بيع مروحية واحدةquot;.

وقد قام مؤخراً نواب برلمانيون من حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه إردوغان بوضع مقترح يعنى بنقل السلطة التنفيذية من رئيس الوزراء إلى كيان رئاسي قوي، يوصف الآن بأنه منصب احتفالي إلى حد بعيد. وسيملك الرئيس في تلك الحالة الصلاحيات والسلطات التي تمكنه من تعيين وعزل وزراء بالحكومة وفق ما يتراءى له.

ومضت الصحيفة تنقل في هذا الصدد عن سينان أولغين، وهو دبلوماسي سابق ويترأس حالياً مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في اسطنبول، قوله: quot;لا يقوم إردوغان بضوابط وتوازنات. وبنجاحه في الانتخابات، يصبح بالفعل في كل مرة أكثر استقطاباً، وهو ما تحول في الأخير بالتأكيد إلى طريقة عمل تميز أداءه السياسيquot;.

فيما عبر منتقدون في تركيا لإردوغان عن تخوفهم من تأسيسه لدولة استبدادية ذات أجندة خفية لفرض الشريعة الإسلامية، لكن حلفاء تركيا يرفضون إلى حدّ بعيد توجيه انتقادات إليه.

ثم مضت الصحيفة تشير إلى أن تركيا تعتبر حليفاً استراتيجياً قوياً للولايات المتحدة وهي عضو بحلف الناتو منذ العام 1952، في الوقت الذي تعهد فيه الحلف إرسال ستة صواريخ باتريوت إلى تركيا من أجل الدفاع عن نفسها في مواجهة الصواريخ التي قد تصلها من سوريا، حيث بدأت تصل تداعيات حربها الأهلية إلى الحدود التركية.

وقال أوزغور أونليهسارسيكلي وهو مدير مكتب صندوق مارشال في أنقرة: quot;يمكنني القول إن تغيير نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي يعتبر تحدياً كبيراً. وأعتقد بحسب وجهة نظري أنه سيكون الأمر الأبرز في تركيا على مدار السنوات المقبلةquot;.

وإذ يحاول إردوغان أن يستخدم هيمنة حزبه في البرلمان لتغيير الدستور. وهو ما تبدي اعتراضاً عليه أحزاب المعارضة التي تخشى من طموحات إردوغان غير المحدودة.

غير أن الصحيفة أوضحت أن الانقسامات الداخلية في حزب العدالة والتنمية وتنامي الصدع مع الرئيس الحالي عبد الله غول قد تضع عقبات أمام طموحات إردوغان. وسوف يضطر غول للتنحي من منصبه بغية السماح لإردوغان بأن يترشح لمنصب الرئيس، وهو السيناريو الذي سيتبادل فيه الاثنان منصب كليهما الآخر.

ورغم كل الانتقادات التي يتم توجيهها لإردوغان ولحزبه الحاكم، إلا أنه ما زال يحظى بجماهيرية في تركيا. وعاود هنا أونليهسارسيكلي ليقول: quot;هذا النمط الذي يمثله رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان هو ذلك النمط الذي يحبه الشعب التركيquot;.

وأضاف جنكيز كاندار وهو كاتب عمود مخضرم في صحيفة راديكال اليومية ويعنى بمتابعة مسيرة إردوغان: quot;لقد ساهم بشكل كبير في نشر الديمقراطية والإصلاحquot;.

لكن إردوغان بدأ يُظهِر مؤخراً اتجاهات مثيرة للقلق، وأكمل في تلك الجزئية كاندار حديثه بالقول quot;فهو ليس أفضل نموذج للزعيم الديمقراطي، لكنه يمثل صورة حكم الرجل الواحدquot;.