إيلاف من بيروت: قضت محكمة إيرانية بإعدام المغني الشعبي أمير حسين مقصودلو، المعروف فنيًا باسم تاتالو، بعد إدانته بتهمة "إهانة النبي محمد"، وذلك بعد قبول المحكمة العليا للطعن المقدم من النيابة العامة على الحكم السابق، الذي قضى بسجنه خمس سنوات. وفقًا لما ذكرته صحيفة اعتماد الإصلاحية، فإن القضية أُعيد فتحها، مما أدى إلى إصدار الحكم الأشد هذه المرة، والذي لا يزال قابلًا للاستئناف.
من مدونة إلكترونية كانت البداية
بدأ تاتالو مشواره الفني في عام 2004 عبر مدونة إلكترونية نشر فيها أغانيه، قبل أن يُطلق أول ألبوم رسمي له بعنوان "تحت الطابق الأرضي" عام 2012، تلاه ألبوم "تليتي" عام 2013، والذي تضمن 15 أغنية لاقت انتشارًا واسعًا بين الشباب الإيراني.
إلا أن حياته الفنية لم تخلُ من المتاعب القانونية، فقد تم توقيفه في إيران عدة مرات، أبرزها عام 2016 بتهمة "تضليل الرأي العام"، مما دفعه في النهاية إلى مغادرة البلاد إلى إسطنبول عام 2018 بعد فشله في الحصول على ترخيص رسمي لممارسة نشاطه الفني داخل إيران.
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2023، سلّمت السلطات التركية الفنان إلى إيران بناءً على أوامر محكمة ثورية في طهران، ليُحاكم مطلع آذار (مارس) 2024 بتهم منها "تشجيع الشباب على الدعارة"، و"الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية"، و"نشر محتوى فاحش عبر مقاطع مصورة وأغانٍ".
شخصية مثيرة
لطالما أثارت شخصية تاتالو جدلًا واسعًا في الأوساط الإيرانية، ليس فقط بسبب أسلوبه الموسيقي المثير للجدل، بل أيضًا بسبب مظهره المليء بالوشوم وأفكاره الجريئة. ذاع صيته سياسيًا لأول مرة عام 2013 عندما ظهر إلى جانب المرشح الرئاسي المحافظ إبراهيم رئيسي، حيث دعمه علنًا في حملته الانتخابية. وقد تم تكريمه لاحقًا في مقر وكالة فارس الإخبارية المحافظة، مما أثار جدلًا واسعًا بين الإصلاحيين والمحافظين.
أثار الإصلاحيون في ذلك الوقت انتقادات حادة للمحافظين، متهمين إياهم بالتحالف مع شخصية غريبة الأطوار لجذب أصوات الشباب. في المقابل، دافع المحافظون عنه بالقول إنه "تاب عن تصرفاته الغريبة" وأصبح "شابًا ملتزمًا".
انقلاب المحافظين على تاتالو
لكن العلاقة بين المحافظين وتاتالو لم تستمر طويلًا، ففي عام 2019، نشر الفنان منشورات عبر صفحته على إنستغرام تضمنت "إهانات لشخصيات إسلامية"، مما دفع المحافظين إلى التبرؤ منه، ووصفه بعضهم بـ"المرتد"، وطالبوا بإعدامه. استغل الإصلاحيون هذه الحادثة للهجوم على خصومهم المحافظين، متهمين إياهم بعدم الاتساق في مواقفهم تجاه الفنان.
جدل حول مستقبل القضية
على الرغم من إصدار حكم الإعدام، لا يزال بإمكان تاتالو تقديم استئناف على الحكم، وهو ما يعيد الأمل لمحاميه ومحبيه في إمكانية إلغاء العقوبة. إلا أن قضيته تعكس بشكل واضح الصراع بين التيارات السياسية في إيران، ومدى تشديد النظام قبضته على حرية التعبير، خاصة في ظل استهداف الشخصيات العامة التي تحظى بشعبية واسعة بين الشباب.
تأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على إيران بشأن أوضاع حقوق الإنسان، مع مطالبات متكررة من منظمات حقوقية بإلغاء عقوبة الإعدام، خاصة في القضايا المتعلقة بحرية التعبير والفنون.
تاتالو، الذي بدأ كأحد رواد الراب في إيران، يجد نفسه اليوم في مواجهة عقوبة الإعدام بعد سلسلة من التهم التي شملت "إهانة المقدسات الإسلامية"، في قضية تعكس التداخل بين الفن والسياسة في المشهد الإيراني المضطرب. وبينما ينتظر أنصاره بفارغ الصبر تطورات قضيته، تبقى الأنظار موجهة نحو السلطة القضائية لمعرفة ما إذا كان سيتم تخفيف الحكم أو تأييده نهائيًا.
التعليقات