يدقّق الغرب في تقارير عن امتلاك سوريا كميات من اليورانيوم، تقول بعض المصادر إنه قد ينقل إلى إيران التي يشتبه في سعيها إلى امتلاك السلاح النووي.


واشنطن: قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن الولايات المتحدة تدقق في تقارير عن امتلاك سوريا كميات من اليورانيوم، مشيرة إلى عدم وفاء النظام السوري بالتزاماته الدولية ما زال مصدر قلق جدي للمجتمع الدّولي.

وردت نولاند في مؤتمر صحافي عقدته على سؤال عن اتهام سوريا بامتلاك كميات من اليورانيوم، فقالت quot;من دون الدخول في معلومات استخباراتية أود أن أقول ببساطة إننا لطالما عبرنا عن قلقنا في ما يتعلق بنشاط سوريا النووي السري وعدم وفائها المستمر بالتزاماتها الدوليةquot;.

وأضافت quot;نحن على علم بتلك التقارير التي تتحدث عن أن لديها هذا النوع من المواد (اليورانيوم) التي يمكن أن تستخدم في أسلحة دمار شامل، وسوف نستمر في العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونحمل النظام السوري مسؤولية امتلاك هذا النوع من المخزوناتquot;.

وشددت على أن quot;عدم امتثال النظام السوري ما زال مصدر قلق جدي للمجتمع الدولي وهو شيء نراقبه عن كثبquot;، رافضة الإجابة عما إذا كانت أميركا قادرة بمفردها أن تحدد إن كان لدى سوريا مخزون من اليورانيوم أو لا.

يشار إلى وسائل إعلام تحدثت عن ترجيحات بامتلاك سوريا أن عشرات الأطنان من اليورانيوم، في ظل مخاوف من أن تستحوذ عليها إيران لاستخدامها في برنامجها النووي.

لكنّ النائب إسماعيل كوثري عضو اللجنة الأمنية في البرلمان الإيراني نفى تقارير أكدت نقل 50 طناً من الوقود النووي في سوريا إلى إيران، وقال إنه لا صحة لتلك المعلومات، خاصة أن إيران لا تحتاج إلى اليورانيوم غير المخصب، وأضاف أن لدى إيران الكثير من اليورانيوم المخصب، وأن منشآت إيران النووية تقوم بتخصيب اليورانيوم ذاتياً.

وشدد المسؤول الإيراني على أن نقل اليورانيوم من سوريا إلى إيران لا يشكل خرقاً للمعاهدات الدولية، إلا أننا لم نستلم من سوريا تلك الكميات، ولسنا بحاجة إليها، واتهم وسائل الإعلام الغربية بالسعي إلى خلق أجواء ضبابية على المباحثات النووية بين طهران ومجموعة ldquo;5+1rdquo; عبر هذا الاتهام لإفشال الجلسة المقبلة .

ويشتبه خبراء غربيون وإسرائيليون في أن سوريا ربما تخزن عشرات الأطنان من اليورانيوم غير المخصب وإن مثل هذا المخزون يمكن أن يكون محل اهتمام حليفتها ايران لاستخدامه في برنامجها النووي.

ويقول الخبراء إن سوريا ربما استحوذت على اليورانيوم الطبيعي قبل عدة سنوات لاستخدامه كوقود لما يشتبه في أنه كان مفاعلا نوويا قيد الانشاء قصفته إسرائيل في 2007.

وقالت تقارير للمخابرات الأميركية في ذلك الحين إن الموقع الذي تعرض للقصف في صحراء دير الزور كان مفاعلا نوويا قيد البناء صممته كوريا الشمالية لإنتاج البلوتونيوم لصنع اسلحة ذرية.

ونفت سوريا وجود برنامج نووي سري لديها. ولم يتسن الحصول على تعليق الجمعة من مبعوثها في فيينا حيث مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال مارك هيبز خبير الانتشار النووي في معهد كارنيجي للأبحاث لـquot;رويترزquot;: quot;كان يتعين وجود مخزون من الوقود للمفاعل في مكان ما هناك. من غير المنطقي وجود منشأة نووية .. مفاعل نووي .. دون أي وقود.quot;

لكنه اضاف quot;في حدود علمي لا توجد أي تقارير مؤكدة تحدد المكان المحتمل لتلك المواد.quot; وقال إنها ربما جاءت على الأرجح من كوريا الشمالية.

وحتى إذا كانت سوريا تمتلك مثل هذه المخزونات فلا يمكن استخدامها لصنع أسلحة نووية بصورتها الحالية وهو ما يجعل المخاوف بشأنها لدى الغرب أقل من قلقه من احتمال استخدام القوات الحكومية أسلحة كيماوية ضد خصومها.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز هذا الأسبوع إن سوريا ربما تملك ما يصل إلى 50 طنا من اليورانيوم الطبيعي أو غير المخصب وهو مادة يمكن استخدامها لتشغيل محطات الطاقة النووية ولا يمكن استخدامها في صنع قنابل نووية إلا إذا خصبت لدرجة عالية.

وذكرت الصحيفة أن بعض المسؤولين الحكوميين أثاروا مخاوف من احتمال أن تحاول إيران الحصول عليها. ولم تكشف أسماء المسؤولين.

ورغم ان مثل هذه الكمية يمكنها نظريا أن توفر المواد اللازمة لصنع عدة قنابل إلا أنه يتعين أولا تخصيبها من مستوى 0.7 بالمئة فقط للنظائر الانشطارية في اليورانيوم الطبيعي إلى 90 في المئة وهي عملية معقدة من الناحية الفنية.

وقالت إيران التي تنفي اتهامات غربية بالسعي إلى صنع اسلحة نووية إن مناجمها قادرة على توريد اليورانيوم الخام اللازم لبرنامجها النووي وإنها لا تواجه أي نقص.

ورفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق بشأن تقرير فايننشال تايمز. وتحاول الوكالة منذ عدة سنوات الوصول إلى الموقع المدمر في دير الزور وثلاثة مواقع أخرى ربما تكون مرتبطة به.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي تقاعد في الآونة الأخيرة إنه يعتقد أن سوريا تحتفظ باليورانيوم في موقع قريب من دمشق وهو أحد المواقع التي تريد الوكالة الدولية تفتيشها. لكنه لم يذكر سببا لاعتقاده هذا.

وقال المسؤول الإسرائيلي السابق إن المعارضين الذين يقاتلون الرئيس بشار الأسد والذين يسيطرون على ضواح على مشارف العاصمة دمشق ربما يستحوذون على المخزونات ويعلنون عن وجودها.

وأضاف quot;عندئذ سيضع هذا حدا لمزاعم السوريين بأنهم لم يكن لديهم مفاعل نووي اصلا.quot;

وقال المسؤول الإسرائيلي السابق الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن هناك احتمالا آخر وهو أن سوريا quot;إدراكا منها بأن المواد لم تعد آمنة .. فقد تنقلها إلى إيران التي تحتاج بالتأكيد لمزيد من اليورانيوم من أجل خططها النووية.quot;

لكن محللا مخضرما بالمخابرات الإسرائيلية يعمل حاليا مستشارا للحكومة قال إن رقم 50 طنا من اليورانيوم الذي اشارت إليه فايننشال تايمز quot;ليس مألوفا لي على الإطلاقquot;.

وقال دبلوماسي غربي إنه كانت هناك تكهنات بشأن يورانيوم محتمل في سوريا ربما في صورة يورانيوم طبيعي لتشغيل مفاعل نووي بسبب تدمير موقع دير الزور لكنه لا يعلم تفاصيل محددة.

وقال quot;هذا أمر معقول. لكن في حدود معلوماتي لم تكن لدى أحد فكرة قط بشأن مكان المواد.quot; وأضاف أنه لن يكون سهلا شحن كميات كبيرة إلى إيران دون رصدها.

وتقول سوريا إن موقع دير الزور كان منشأة عسكرية تقليدية لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية استنتجت في مايو ايار 2011 أن من quot;المرجح بشدةquot; أنه كان مفاعلا نوويا كان ينبغي إبلاغ مفتشي منع الانتشار النووي بشأنه.

وقال مارك فيتزباتريك خبير منع الانتشار النووي لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وهو مؤسسة بحثية إنه إذا كان هناك مخزون من اليورانيوم في سوريا فسوف يكون مفيدا لإيران التي تواجه نقصا محتملا.

وقال quot;تتلقى سوريا دعما من إيران. يمكن أن يكون هذا وسيلة لدفع الثمن لها. توجد دلائل على أن إيران تبحث في العالم عن يورانيوم.quot;

وتتهم إسرائيل والقوى الغربية إيران بالسعي إلى تطوير قدرات تسلح نووي. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.

وتقول إيران إن برنامجها لتخصيب اليورانيوم يهدف فقط للحصول على الطاقة السلمية وللأغراض الطبية.