بين أزقة ومخيمات غزة التي تعج باللاجئين الفلسطينيين تقطن تلك الطفلة التي أبهرت العالم بذكائها المتميز، ورغم الحصار المتواصل والفقر الذي يعيشه قطاع غزة استطاعت الطفلة أريج المدهون أن تحفر اسمها في التاريخ بحصدها المرتبة الأولى في ذكاء الأطفال على مستوى العالم.

غزة: حينما تقترب منها، تشعر بذكائها، تبهرك قدراتها العقلية، لا تكاد تميز مطلقاً أنها لا تزال طفلة كما يرى الكثيرون.
هي لم تتجاوز الرابعة عشر ربيعاً من عمرها، بين ليلة وضحاها أصبحت الأولى عالمياً على مستوى الذكاء لفئة الأطفال، وذلك خلال مسابقة عالمية نظمت في ماليزيا بمشاركة 2500 طفل من أنحاء العالم.
أريج محمود المدهون ابنة الرابعة عشرة، استطاعت أن تحل 182مسألة حسابية معقدة خلال ثماني دقائق، وحصدت المركز الأول في الذكاء على مستوى العالم.
من الوعكة الصحية إلى الجائزة الأولى
الطفلة أريج تتحدث لـquot;إيلافquot; عن مشوارها مع مسابقة الذكاء التي أُقيمت في ماليزيا، وتقول quot;يوم عقد المسابقة وقبل سفري أصبت بوعكة صحية جعلتني لا أقوم بحل كل المسائل التي كانت أمامي، فأنا أستطيع حل ما يتجاوز242 مسألة في ثماني دقائق وكنت أستطيع فعلياً حل 252مسألة التي كانت ضمن شروط المسابقة لولا إصابتي بالمرضquot;.
وتتابع quot;مشوار المسابقة لم يبدأ فقط يوم الإعلان عن المسابقة ولكن كانت لدي القدرات الكبيرة منذ طفولتي وتضاعف الأمر، حتى أصبحت أنجز عشرات المسائل في دقائق، وقمت بتحدٍّ بيني وبين نفسي حول قدرتي على حل مسائل أكثر في دقائق أقلquot;.
وتقول quot;ساعدني والداي بشكل كبير جداً حيث كانا دائما يوفران لي الهدوء أثناء حلي بعض المسائل بالإضافة إلى مدير مركز الذكاء الذي كان يقول لن نرضى بغير الكأس في المسابقةquot;.
انجاز لغزة وأهلها
تقول أريج quot;كل ما حصلتُ عليه اليوم هو بفضل الله أولا ثم بفضل الوالدين وكذلك مركز حساب الذكاء العقلي الذي ساهم بشكل كبير جداً في دعمي بخطواتي الكبيرة هذه، لا شك أنني شعرتُ بالخوف حينما رأيت النخبة من الأطفال الأذكياء الذين كانوا يحلون المسائل أمامي، لكن التحدي كان منذ البداية ألا أغادر من دون كأسquot;.
وتتابع أريج quot;هذا الانجاز هو لفلسطين ولغزة التي تعاني الحصار منذ فترات طويلة، الحصار الذي أعطانا الثقة لنبدع أكثر وأكثر quot;.
وكانت أريج تحل الكثير من المسائل في كثير من الأوقات على ضوء الشموع بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وأحياناً لا تتوفر لديها الكتب المختصة بحسابات الذكاء فكانت تبتكر من الصفر وتوسعها بطريقة بسيطة حتى وصلت إلى ما تطمح له وهو الريادة في عالم الذكاء .
وتختم حديثها بنبرة الفرح quot;أهدي هذا الانجاز لوالدي ولعائلتي وللوطن الحبيب فلسطين ولكل أطفال العالمquot;.
ثقة كبيرة بأريج
والد الطفلة أريج يعبر عن سعادته الواضحة بما أنجزته ابنته الطفلة في سن مبكرة جداً، فهو يرى أنه quot;سيكون لها مستقبل باهر ومزدهر ولاسيما أنها منذ نعومة أظافرها وهي تمتاز بالذكاء والفطنة التي كانت تبهرنا دائماًquot;.
وعن سؤال quot;إيلافquot; حول أبرز المواقف التي أكدت ذكاء أريج المختلف يتابع القولquot;بعض الأحيان كانت تقوم بربط بعض الأسلاك الكهربائية أو تقوم بحل مسائل لطلاب جامعيين وكنت أستغرب وأقول هذه الفتاة ستكون شيئاً في المستقبلquot;.
ويتابع:quot; حدث يوما من الأيام أن اختارت المدرسة أفضل الطلاب على مستوى الذكاء وأقامت مسابقات على مستوى الوطن،ليختاروا أطفالا ويلحقوهم بمركز الذكاء ليؤهلوهم لخوض المسابقات العالمية في حل مسائل معقدة رياضية، إلى أن حصدت أريج المراتب الأولى في كل المراحل،وخاضت تجربة ماليزيا ورفعت رأس فلسطين عالياً حيث حصدت فلسطين العديد من الجوائز وهو ما يسجل انجازا كبيراquot;.
ويختم حديثهquot; أتمنى أن تهتم الوزارات والمستويات الثقافية بأريج حتى لا تندفن الموهبة وتنطمس منذ بداياتهاquot;.
الحلم.. طبيبة أعصاب
أما أريج فكانت ابتسامتها سحر الحديث فهي تصف مستقبلها بطريقة علمية منظمة أعجبت الكثيرين حين عبرت بقولها quot;أنا فخورة بما حققته من إنجاز، وكلي أمل أن أكمل المسيرة لتحقيق حلمي بحفظ القرآن الكريم كاملاً حيث إنني أحفظ عشرين جزءاً منه حتى الآن، أما حلمي الأكبر فهو أن أصبح طبيبة جراحة في تخصص الأعصابquot;.
مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في مركز ldquo;حساب الذكاء العقليrdquo; في غزة حنان عوض: تقول إنّ ldquo;الطفلة المدهون حصدت المرتبة الأولى من بين نحو 2500 طفل شاركوا في المسابقة من 10 دول بعد أن تمكنت من حل عشرات المسائل الحسابية المُعقدة بوقت قصيرrdquo;.
ولفتت عوض إلى أن أربعة أطفال آخرين من قطاع غزة والضفة الغربية حصلوا على مراتب متقدمة في المسابقة، وفق النتائج الأولية وهم دانيا حسني الجعبري المركز الثاني من محافظة الخليل جنوب الضفة، ولؤي مروان الحمارنة المركز الرابع، وعبدالله علي النجار المركز الخامس من محافظة خانيونس، ومحمد زهير اليازوري المركز السادس، من محافظة رفح جنوب القطاع.
وبينت أنquot; إبداع وتألق الأطفال وحصولهم على المراكز المميزة والمُتقدمة رغم الحصار وما يمرون به من أوضاعٍ سيئة بفعل العدوان الإسرائيلي خاصة الأخير على القطاع يعود لله عز وجل أولاً، وللجهود المُضنية من قبل المدرسين والمشرفين وإدارة المركزquot;.
مشيرة إلى أن برنامج حساب الذكاء العقلي تم تطويره على أيدي خبراء الأكاديمية
ويتم ذلك rdquo;بالاعتماد على طريقة التآزر باستخدام أصابع كلتا اليدين اليمنى واليسرى مع جانبي الدماغ الأيمن والأيسر بسرعة ودقة ومهارة تمكن الطفل من التفاعل مع العمليات الحسابية المختلفة والارتقاء بمستوى تفكيرهم بشكل عامquot;.