ترصد أميركا إمكانياتها الأمنية للحدّ من خطر الأسلحة الكيميائية السورية، فترسل بذات ومعدات واقية إلى الأردن وتركيا، وتتواصل مع ضباط سوريين يحمون ترسانتهم الكيميائية، فتعدهم بالأمان والاستمرار في مناصبهم، إن تصرّفوا بعقلانية وحافظوا على هذه الأسلحة.


كشف مسؤولون غربيون وشرق أوسطيون أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تنسّق سرًا لإرسال آلاف البزّات الكيميائية الواقية وغيرها من العدة ذات الصلة إلى الأردن وتركيا، وتضغط على القوات المسلحة هناك لكي تتولى بشكل أساسي مسؤولية تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية السورية، إذا ما تعرّضت فجأة للسرقة أو لسوء الاستخدام، في حال تغيّر الوضع بشكل عام في سوريا.

وأضاف مسؤولون غربيون وأميركيون أن الحكومات الغربية بدأت تدريب الأتراك والأردنيين على استخدام المعدات الكيميائية وآلات الكشف عن السلاح الكيميائي، ما سيسمح لهم حماية أماكن وجودها، لمدة قصيرة على الأقل.

الاعتماد على الحلفاء

أفادت مجلة فورين بوليسي الأميركية بأن واشنطن ترى أن أفضل مسار تسلكه عقب سقوط الأسد هو إخراج تلك الأسلحة الكيميائية من البلاد بسرعة، وأنها قد بدأت محادثات في هذا الشأن مع الأردن وتركيا والعراق وروسيا، في محاولة لتحديد الخروج المحتمل للترسانة وسبل تدميرها في الخارج.

ويُنظَر في أميركا إلى استخدام قوات حليفة مجاورة لسوريا على أنها أولى الجهات التي ستتعامل مع خطة طوارئ متصلة بأسلحة الدمار الشامل، تجنبًا لإرسال عدد كبير من القوات الأميركية إلى المنطقة، إذا تركت القوات السورية الخاصة، التي تحرس هذه الأسلحة، مواقعها، فانسحاب تلك القوات قد يضع الأسلحة عرضة للنهب أو للاستخدام من جانب حزب الله أو أي من الجماعات المناهضة لأميركا أو لإسرائيل.

وقد ارتكزت فورين بوليسي في معلوماتها عن خطط دولية لنقل الأسلحة السورية خارج البلاد، على محادثات تمت بهذا الخصوص مع حوالى ستة مسؤولين أميركيين وأجانب، لديهم دراية مباشرة بالموضوع، لكنهم رفضوا الكشف عن هوياتهم، نظرًا إلى الحساسيات الأمنية والسياسية، التي تحيط بأعمالهم. وأشاروا في السياق نفسه إلى أن التخطيط الغربي، وعلى الرغم من عدم اكتماله، أوسع مما تحدث عنه المسؤولون علانية.

الرهان على العقلانية

أكد مسؤولون أميركيون وأجانب أن الحكومتين التركية والأردنية لم تتعهدا حتى الآن بأن تلعبا الدور الذي تحاول واشنطن دفعهما إليه. وقالت ناطقة باسم السفارة الأردنية في أميركا إن بلادها لا يمكنها تحمّل كامل المسؤولية بهذا الخصوص، حتى لو كان الأردن قلقًا من خطر وصول الأسلحة الكيميائية السورية إلى جماعات متطرفة. ورفض ناطق باسم الحكومة التركية أن يعلّق على الموضوع.

وقال جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق لدى تركيا بين العامين 2008 و2010: quot;على الرغم من اهتمام أنقرة بأن تلعب الولايات المتحدة دورًا أكبر في حل الأزمة السورية، إلا أن الأتراك يرفضون في العادة أن يكونوا جنودًا لدى القيادة الأميركيةquot;.

وقال مسؤولان مطلعان، رفضا الكشف عن هويتهما، إن القلق بشأن مصير الأسلحة الكيميائية بات كبيرًا للغاية، لدرجة أن واشنطن وحلفاءها مرروا أخيرًا رسائل لبعض القادة السوريين، الذين يشرفون على وضعية تلك الأسلحة الأمنية، عارضين عليهم الأمان والاستمرار في مناصبهم في أية حكومة جديدة، إن تصرّفوا بعقلانية.

تخاف واشنطن من أن يدفع اليأس بالأسد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد مواطنيه. أما مصدر التخوف الرئيس الذي يراود الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد الرئيس الأسد فهو ما تحدث عنه وزير الدفاع ليون بانيتا في مؤتمر صحافي عقده أخيرًا، أي الطريقة التي ستؤمِّن من خلالها أميركا الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

أقل كلفة
أشارت فورين بوليسي في السياق نفسه إلى أن البزّات الوقائية، إلى جانب معدات الكشف وعتاد إزالة التلوث، بدأت في الوصول إلى المنطقة منذ أواخر فصل الخريف الماضي، وسط تخوف من احتمالية استخدام الحكومة السورية للأسلحة في وقف تقدم الثوار.

وقال مسؤول أميركي: quot;العناصر الأمنية والعسكرية الموالية لنظام الأسد والمنوط بها مهمة الحفاظ على أمن المواقع الكيميائية، هم من بين أفضل الجنود وأكفأهم، وإن تمكنا من إبقاء تلك القوات في مواقعها، فإن ذلك سيكون أفضل، وربما أقل كلفة وأكثر فعاليةquot;.

غير أن أجهزة الاستخبارات الأميركية حذرت المسؤولين من أن الفوضى في سوريا ستتزايد بمجرد أن تتم الإطاحة بنظام الأسد، في الوقت الذي قد تسعى فيه جماعات منافسة إلى الاستحواذ على الأسلحة الكيميائية للدلالة على قوتها.