الانتخابات البرلمانية الأردنية على الأبواب، ستجري تحت إشراف نحو سبعة آلاف مراقب دولي ومحلي، وفي ظل تصميم أردني رسمي على منع تأثر الناخبين بالمال السياسي المنتشر.


أيمن الزامل من عمّان: أيام قليلة تفصل الأردنيين عن صناديق الاقتراع، يتوجّهون إليها لاختيار ممثليهم في البرلمان السابع عشر. ويلحظ متابع الشارع الأردني مدى الاهتمام الرسمي والشعبي في إنجاح أول تجربة ديمقراطية على الساحة الأردنية منذ بدء التحولات في بعض الدول العربية، خصوصًا في ظل التحديات السياسية والاقتصادية والإقليمية التي تحيط بالأردن من جهة، ومقاطعة عدد من الأحزاب السياسية للانتخابات المقبلة، ومن أبرزها جماعة الإخوان المسلمين.

إقناع المواطن
ما زال المال السياسي الانتخابي، الذي عانته الدولة الأردنية على مدار العقود الماضية، يقضّ مضاجع الأجهزة الأمنية والجهات المشرفة على سير العملية الانتخابية، مع التأكيدات الرسمية المتكررة على أن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون نزيهة وشفافة.

عبدالإله الخطيب، رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، التقى رؤساء لجان الانتخاب في 45 دائرة انتخابية في الأردن. وقال: quot;أكثر الطرق فعالية لمحاربة المال السياسي هي قناعة الموطن أنه يدلي بصوته بسرية تامة، خلف المعزل المخصص للاقتراع، من دون أن يعلم أحد لمن صوّتquot;، مؤكدًا أن معايير الإدارة في الانتخابات هي خدمة الناخب ليقتنع بأن الصوت الذي وضعه في الصندوق هو صوته، ولم يتم العبث به أو تزويره.

دعا الخطيب رؤساء لجان الدوائر الانتخابية إلى التعامل بشفافية خلال عملية الاقتراع والفرز، وإلى تسجيل كل الاعتراضات، بما يضمن حق الجميع، موضحًا أن دخول مركز الاقتراع يقتصر على حملة التصاريح ورجل الأمن المكلف رسميًا، على أن يكون بزيه العسكري.

وقال الخطيب إن الهيئة تعمل بأقصى درجات الجدية من أجل ضمان سلامة العملية الانتخابية، واعتماد معايير وممارسات تضمن صوت الناخب في الصندوق، مشيرًا إلى أن الهيئة وعبر التزامها بالتعليمات الناظمة للعملية الانتخابية تشعر بأنها اقتربت كثيرًا من تطبيق المعايير الدولية المعتمدة في عملية الانتخاب.

مراقبون وأحرار
من جانبه، قال حسين بني هاني، الناطق الإعلامي في الهيئة المستقلة للانتخاب: quot;تجري الانتخابات تحت إشراف أكثر من 7377 مراقبًا، بينهم 6945 مراقبًا محليًا و432 مراقبًا دوليًا، منهم 120 ممثلًا عن السفارات المعتمدة لدى المملكة، بينهم سفراء وأصحاب درجات تمثيل دبلوماسية مختلفة، يشاركون كمراقبين بصفة ضيوف، إضافة إلى 1600 صحافي وإعلامي سيراقبون سير العملية الانتخابية.

وأكد بني هاني أن للمراقبين المعتمدين quot;الحق المطلق في التنقل إلى أي مكان من دون قيود، بما لا يخالف أحكام القوانين الأردنية ذات العلاقةquot;.

أضاف: quot;بإمكانهم دخول أي مركز اقتراع أو فرز وقتما يشاؤون، ما داموا يحملون بطاقات للدخول، ويحق لهم التواجد خلال عمليات عدّ الأصوات، وإعلان النتائج وكل مراحل العملية الانتخابيةquot;، مشيرًا إلى أن للمراقبين الحرية بالإدلاء بما يشاؤون من التصريحات الصحافية خلال العملية الانتخابية برمتها، خلال يوم الاقتراع والفرز من دون التنسيق مع الهئية، سواء المحليين منهم أو الدوليين.

وحول الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية والهئية المستقلة ضد عدد من المرشحين وتوقيفهم قانونيًا على خلفية قضايا شراء الأصوات، أو تقديم عروض لبعض الناخبيين، قال بني هاني: quot;كل مرشح للانتخابات النيابية المقبلة تم استدعاؤه أو التحقيق معه في ما يتعلق بتجاوز قانون الانتخاب سيلاحق قانونيًا، حتى لو تم قبول تكفيله، وإن التحقيق لم يتم مع المرشحين إلا بعد التأكد من وجود دلائل وقرائن دامغة تثبت تورّطهم في جرائم انتخابيةquot;.

الأمن يحتجز مرشحين
في السياق عينه، أعلنت مديرية الأمن العام الأردنية في بيان صحافي وصلت إلى quot;إيلافquot; نسخة منه أنها أوقفت لغاية الآن 6 مرشحين في سجن الجويدة في عمّان على ذمة التحقيق لمدة 15 يومًا، على خلفية جريمة شراء الأصوات وتقديم وعود مالية للناخبين، إضافة إلى احتجازهم آلاف البطاقات الانتخابية في مختلف المحافظات والدوائر.

أضاف: quot;جرى تحويل الموقوفين إلى المدعي العام المختص، الذي توسع بالتحقيق معهم، وأسند إليهم جرم التبرّع والوعد بالتبرع بأموال ومساعدات، خلافًا لأحكام المادة 25 من قانون الانتخاب، وبدلالة المادة 65 من القانون نفسه، وكذلك جرم حجز البطاقات الانتخابية من دون حق، خلافًا لأحكام المادة 61/أ من قانون الانتخابquot;.

جهود مشتركة
من جهة أخرى، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسن البراري: quot;بصرف النظر عن الغرض من المجلس النيابي السابع عشر، وفي ما إذا كان انتقاليًا لتأسيس توافقات وتشاركات وطنية أردنية، يجب أن تكون نزاهة الانتخابات خطًا أحمر مقدسًا، يحرص عليه الجميعquot;.

أضاف: quot;لا يمكن تحميل الهيئة المستقلة للانتخابات مسؤولية قانون الانتخابات الإقصائي، فالأمر لا يتوقف عندها، ولا بد من تضافر كل الجهود لضمان نزاهة الانتخابات، ومحاربة المال السياسي، الذي هو الفيصل في المعركة برمتها، ولغاية الآن لم تتمكن الأجهزة الأمنية من التعامل بجدية مع هذه الظاهرة المخيفة، فلم يجر توقيف كبار الممارسين لشراء الأصوات من المترشحين المعروفين بإيغالهم في توظيف المال السياسي لمدة ليست بسيطة، بالرغم من الإعلان عن توقيف عدد من المرشحين وأعوانهمquot;.

غياب الثقة
نبّه البراري مسؤولي الدولة الأردنية من مسألة مهمة، تتعلق بصورة مجلس النواب المقبل في اليوم الذي يلي الانتخابات، قائلًا: quot;صحيح أن ثمة قوى ستبقى خارج المجلس، وتطالب بإسقاطه، لكن الطامة الكبرى ستحدث في حال تكوّن انطباع بأن الناجحين في الانتخابات جاؤوا بفعل المال السياسي وشراء الذمم وبتواطؤ رسمي، عندها سينضم عدد كبير من الراسبين إلى الحراك، لأن أحدًا منهم لن يقتنع بأنه خسر الانتخابات بلعبة عادلة، وإنما نتيجة سطوة المال السياسي. أما لو تمكنت الدولة من زجّ الأسماء الثقلية المعروفة بالسجون قبيل عملية الانتخابات، فإن أي إدعاء بالتلاعب في الانتخابات من قبل المترشحين أو الناخبين لن يجد أذانًا صاغيةquot;.

يشار إلى أن الانتخابات البرلمانية ستجري في 23 من الشهر الجاري، حيث يتنافس 1425 مرشحًا ومرشحة على مقاعد مجلس النواب السابع عشر، منهم 606 مرشحين، بينهم 105 سيدات عن الدوائر المحلية، فيما يتنافس في الدائرة العامة القائمة 819 مرشحًا، بينهم 86 سيدة.