في كثير من الأوقات ارتبط إسم إيران بتطبيق منظومة قوانين صارمة مستمدة من الشريعة الإسلامية في ما يتعلق بالأخلاق، لكن يدور الحديث اليوم عن بائعات هوى يعملن في العلن في ظل أوضاع اقتصادية متردية سببها العقوبات الدولية.


لطالما تحدث الايرانيون عن بلادهم اعتماداً على فاصل زمني بين مرحلتين، مثل quot;قبل الثورةquot; وبعدها، أي قبل انتفاضة عام 1979 التي أطاحت بالشاه وتثبيت نظام إسلامي وبعد تلك الانتفاضة.
لكن الأحداث الاقتصادية التي تعصف بالبلاد والمعاناة الحياتية اليومية التي يواجهها سكان الجمهورية الاسلامية جعلت أحاديثهم تعتمد على مرحلة جديدة تحت عنوان quot;قبل نجادquot;، في إشارة الى الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.
عندما يتحدث الايرانيون عن الشاه، تكون الآراء منقسمة بين التبجيل الحاد أو النفور الحاد، لكن الحديث عن أحمدي نجاد، الذي تولى السلطة بعد فوزه المفاجئ في انتخابات عام 2005، نادراً ما يكون إيجابياً.
وquot;اعتاد الناس على الشكوى عندما كان محمد خاتمي مسؤولاً عن البلاد، فكان الناس يتأففون من ارتفاع الأسعار وانخفاض نسبة الحريات.
quot;لم يكن لدينا فكرة كم نحن محظوظون إلى أن استلم أحمدي نجاد سدة الرئاسةquot; قال رضا، شاب ايراني (19 عاماً) رفض الكشف عن اسمه الكامل لصحيفة quot;واشنطن تايمزquot;.
ويعترف الإيرانيون بميلهم للشكوى والاعتراض، لكن هناك ما يبرر شكواهم فأزمة العملات، الناجمة عن تشديد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على طهران، جعلت مدخرات الناس أقل من نصف ما كانت عليه هذا الوقت من العام الماضي.
في أكتوبر/تشرين الأول، انخفضت صادرات النفط إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1988. وبناء على ذلك، أعلنت اللجنة الحكومية للميزانية أن النظام لم يتلق سوى نصف إيراداته المتوقعة في الأشهر الستة الأولى من التقويم الايراني - من آذار/ مارس إلى أيلول/ سبتمبر من العام الماضي.
وتظهر الاحصاءات الحكومية ان معدل التضخم السنوي بلغ 27 في المائة، على الرغم من أن معظم الإيرانيين يعتقدون أنه أعلى من ذلك بكثير. وقد أشارت بعض الشخصيات الحكومية ورجال الدين إلى أن المعدل وصل إلى 40 في المئة.
التضخم تضاعف
حسين رغفار، خبير اقتصادي ومستشار رئاسي سابق، يعتقد أن معدل التضخم الحقيقي هو أكثر من 100 في المئة، إذ تضاعف تكاليف المنتجات المستوردة، مثل القهوة، على مدى الأشهر القليلة الماضية، إضافة إلى الارتفاع الخيالي في أسعار لحوم البقر والدجاج، وذلك قبل الجولة الأخيرة من العقوبات.
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان من النادر أن تُسمع كلمة quot;التحريمquot;، أو عقوبات، في شوارع المدن الإيرانية. الآن تحولت هذه العبارات إلى أحاديث يومية، جنباً إلى جنب مع أحدث تغيرات سعر الصرف بين الدولار الأميركي والريال الإيراني.
انخفض الريال مؤخراً إلى حوالى 33000 مقابل الدولار، على مقربة من أدنى مستوى على الاطلاق بنحو 40 ألف مقابل الدولار في اكتوبر/ تشرين الاول. في نهاية عام 2011، أشارت التقديرات إلى أن الحكومة الإيرانية لديها نحو 80 مليار دولار في احتياطيات العملات الأجنبية.
يوم 7 ديسمبر/كانون الأول، كشف نائب رئيس البرلمان علي لاريجاني، وهو إحدى أكثر الشخصيات نفوذاً في النظام الايراني، عن أن الاحتياطي قد انخفض إلى 40 مليار دولار - ربما بسبب فقدان عائدات النفط وعلى خلفية ضخ الاحتياطيات في السوق لانقاذ الريال من السقوط.
جرائم شوارع
وارتفعت جرائم الشوارع التي كانت نادرة الحدوث في العاصمة الإيرانية طهران، لا سيما اللصوص الذين يدعون أنهم يقودون سيارات أجرة، ويسرقون الركاب تحت تهديد السكين.
إضافة إلى ذلك، برزت ظاهرة في شوارع ايران كانت نادرة بل وممنوعة قبل خمس أو ست سنوات، فيمكن للجميع مشاهدة فتيات الهوى يعرضن خدماتهن على المارة ويتفاوضن على الأسعار، ما يبدو مؤشراً إضافياً إلى تدني المستوى المعيشي والمعايير الأخلاقية في البلاد.
من الصعب العثور على أي شخص في هذه المدينة يتكلم بشكل إيجابي عن حكومته، أو حتى مجتمعه ككل، والدليل الأوضح على ذلك هو أن العديد من الشباب غادروا البلاد في محاولة للخروج من يأسهم وعجزهم.