بدأت موجة الاعتقالات والاتهامات بالمحسوبية وتبييض الأموال والرشوة، التي هزت الحكومة التركية، تقترب على نحو خطير من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وأفراد عائلته، مع القرار بتوقيف ابنه بلال.


بالتزامن مع التحقيق في فضيحة الفساد التي أجبرت اربعة وزراء أتراك على الاستقالة حتى الآن، أُعلن عن تحقيق منفصل في قضايا رشوة واحتيال في قطاع المقاولات الانشائية. وطلب المحققون الأتراك من الشرطة القاء القبض على 41 شخصًا من المشتبه بهم، بينهم موظفون كبار وسياسيون ورجال أعمال معروفون. لم يُعتقل أي من المطلوبين حتى الآن، وقال المحققون إن الشرطة رفضت طلبهم إلقاء القبض على المشتبه بهم.

نجل أردوغان

لاحظ مراقبون أن ابرز الأسماء المدرجة على قائمة هؤلاء المطلوبين بلال أردوغان (32 عامًا) ابن رئيس الوزراء الأصغر. ومن بين الشركات والمنظمات التي طالتها تحريات المحققين المؤسسة التركية لخدمة الشباب والتربية تورغيف، وهي منظمة خيرية يضم مجلس ادارتها عددًا من افراد عائلة أردوغان، بينهم نجله بلال. ومن اعضاء مجلس ادارة هذه المنظمة مصطفى دمير، رئيس بلدية منطقة من اكبر مناطق اسطنبول، الذي تعرض للاعتقال في 17 كانون الأول (ديسمبر) بتهم فساد.

ويُشتبه بأن مؤسسة تورغيف، التي من نشاطاتها بناء أقسام داخلية للطلاب، حققت ارباحًا غير مشروعة من صفقات عقارية مشبوهة بتواطؤ سلطات محلية ورجل ثري يملك امبراطورية عقارية.

كما يُشتبه بأن نجل أردوغان دخل في شراكة مع شركة متهمة باستملاك أراضٍ تابعة للدولة تزيد قيمتها على مليار دولار مقابل 460 مليون دولار فقط، في مقاولة جرت بلا منافسة أو عروض من شركات أخرى. ويُقال إن بلال يملك حصة في عدد من الشركات، وأنه شريك زوجة شقيقه الأكبر في مخزن لبيع المجوهرات في مطار اسطنبول.

ديبلوماسي مستاء؟!

يدير نجل أردوغان الأكبر بوراك شركة للنقل البحري. ونقلت صحيفة تايمز عن مصادر تركية أن بوراك دفع أكثر من 20 مليون دولار لشراء سفينة جديدة هي السادسة في أسطوله.

وكان اريك ايدلمان، السفير الاميركي السابق في انقرة، كتب في برقية سُربت على موقع ويكيليكس أن مصدرين أبلغاه أن لدى أردوغان ثمانية حسابات سرية في مصارف سويسرية، وان إيضاحات أردوغان القائلة بأن مصدر ثروته هدايا قدمها ضيوف إلى نجله بمناسبة زواجه، وأن رجل اعمال تركيًا يغطي تكاليف دراسة اطفال أردوغان الأربعة في الولايات المتحدة بدوافع خيرية محضة، ايضاحات واهية. وانتقد أردوغان البرقية قائلاً إنها اكاذيب لفقها ديبلوماسي مستاء.

كما امتد التحقيق إلى اورهان جمال كاليونجو، رئيس مجلس ادارة مجموعة كاليون للطاقة والأعمال الانشائية التي ترتبط بعلاقات قوية مع أردوغان. وإلى جانب مشاريع مجموعة كاليون لوسط اسطنبول التي فجرت موجة من الاحتجاجات في الصيف، فإن الشركة تصدرت الانباء هذا الشهر بالاعلان عن استملاك مجموعة اعلامية كبيرة من الصحف والقنوات التلفزيونية من شركة جاليك القابضة. واللافت أن رئيس شركة جاليك التنفيذي بيرات البايراك هو زوج ابنة أردوغان البكر.

عامل الاقتصاد

دافع أردوغان بضراوة عن حكومته وعائلته، متهمًا المحققين بتلفيق الاتهامات لعزله. لكن دفاعه لم يمنع مشاعر السخط بسبب الاتهامات الجديدة من الانتقال إلى الشارع، حيث وقعت اشتباكات بين قوات الشرطة ومحتجين حاولوا الخروج في مسيرة إلى ميدان تقسيم وسط اسطنبول.

وتتزايد الضغوط على أردوغان داخل حزبه ايضًا. وشهدت الايام الماضية استقالة اربعة من نواب حزب العدالة والتنمية من الحزب، بينهم وزيرا الثقافة والداخلية السابقان، احتجاجًا على طريقة أردوغان في تعامله مع الاتهامات الجديدة. كما اعرب النواب المستقيلون عن استيائهم من عمليات التطهير التي اطلقها أردوغان في القضاء والشرطة. ولا يُعرف إذا كان بلال والمتهمون الآخرون في قضايا الفساد الجديدة سيُقدمون إلى القضاء لمحاسبتهم.

لكنّ محللين يرون أن الاقتصاد يبقى العامل الحاسم في تقرير مستقبل أردوغان السياسي. ونقلت صحيفة تايمز عن اوزغور اونلوه سرجقلي، رئيس مكتب صندوق مارشال الالماني للولايات المتحدة في انقرة: quot;الوضع يعتمد على ما يحدث في الاقتصاد، وفي تركيا إذا كان هناك فساد فيما الأداء الاقتصادي جيد فإن الناخبين لا يتأثرون كثيرًا بقضية الفسادquot;.

لكن الاقتصاد التركي ينوء تحت وطأة الفضيحة، ورد حكومة أردوغان بالقمع على الاتهامات الجديدة التي شملت افراد عائلته، إذ هبط سعر الليرة التركية إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار الاسبوع الماضي، وهبطت سوق الاوراق المالية إلى أدنى مستوياتها منذ 17 شهرًا.