قال قراء quot;إيلافquot; رأيهم في الفضيحة التي تهدد مستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان السياسي، فقال 51 بالمئة منهم إنها ستقضي عليه، بينما استبعد 49 بالمئة منهم أن يهوي تحت ضغوط مؤامرة عليه.


كان على رجب طيب إردوغان، رئيس وزراء تركيا، أن يعرف تمامًا أن ثمة مسامير عديدة تضرب في نغش حكومته أولًا، وفي نعش سلطنته العثمانية الاسلامية التي يحاول أن يحييها مجددًا، لاعبًا على وتر أحد عشر عامًا من جلوسه رئيسًا للوزراء، أحرز فيها الكثير من الانجازات الأمنية، واجترح فيها الكثير من المعجزات الاقتصادية.

تقارب نسب

إردوغان اليوم في حالة لا يحسد عليها. ففضيحة الفساد الأخيرة تحاصره من كل صوب، مستهدفةً عهده وحكومته وحزبه، وحتى مستهدفة ابنه، بعدما أمر معمر أكاس، المدعي العام في اسطنبول، بضبط نجله بلال وإحضاره للتحقيق معه في ثاني أيام العام الجديد، بعدما اشتبه في تورطه بجريمة مالية متصلة بالمال العام، بعدما قالت تقارير إن بلال فر إلى جورجيا خوفًا من توقيفه على ذمة التحقيق في قضية الفساد الكبيرة التي تدور حول التزوير في 28 مناقصة، تصل قيمتها إلى مئة مليار دولار.

وبما أن القضية تمس إردوغان نفسه، استفتت quot;إيلافquot; قراءها وسألتهم: quot;هل يهوي إردوغان تحت ضغوط الاتهامات بالفساد؟quot;. شارك 3653 قارئًا في هذه الاستفتاء، فاجاب 1846 منهم بنعم، أي نحو 51 بالمئة من المشاركين، بينما أجاب 1789 منهم بلا، أي 49 بالمئة من المشاركين.

قراءة مختلفة

النسبتان متقاربتان، وهذا دليل على تردد في تقدير أثر تداعيات الأزمة على إردوغان. فمن يقول إن إردوغان صامد في وجه الريح ينطلق من نظرة خارجية إلى المسألة، من خلال حاجة المجتمع الدولي، والولايات المتحدة تحديدًا، إلى إردوغان، اليوم أكثر من أي يوم مضى.

فثمة مراقبون أميركيون لا يقيمون وزنًا كبيرًا للتعارض الأميركي التركي الحالي، إن في الحالة المصرية أو الحالة السورية، بعد تمسك إردوغان بالاخوان على الرغم من تخلي الأميركيين عنهم، وبعد استمرار تدفق السلاح إلى الثوار السوريين، بلا تمييز بين مجاهدين فيهم ومعتدلين. فهو الواجهة التي ما تزال الولايات المتحدة تعتقد أنها المثال الأمثل لإسلام قادر على مجابهة إسلام القاعدة على المستوى الاقليمي، وهو الحليف المتقدم لحلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط. أما المقتنعون بأن إردوغان واقف على حافة الهاوية، فيقرأون الداخل التركي وتناقضاته، مع القليل من التوابل الخارجية، خصوصًا أن فتح الله غولين يحرك الخيطان من بنسلفانيا الأميركية؟

رسائل في الاتجاهين

حين حمل الأتراك صورة أتاتورك في حديقة غازي في ساحة تقسيم في اسطنبول، كانوا يقولون لإردوغان بصراحة ووضوح إنهم لن يحيدوا عن تركيا العلمانية، التي تخرج عن سطوة الاسلاميين إلا متى كانوا إسلاميين في القلب، علمانيين في العقل. قالوا لا لطغيان إسلامي يرفع إردوغان لواءه، متعكزًا على جمعية فتح الله غولن، التي كان لها الفضل في إيصاله إلى حيث هو.

من المراقبين من رأى منذ حزيران (يونيو) الماضي، أي منذ احتجاجات تقسيم التي واجهتها الشرطة بضراوة، أن إردوغان يحاول أن يخطب ود الغالبية العلمانية، التي لا ترد له الود، بل تريد له أن يغرق أكثر فأكثر في رمال العلاقات المتذبذبة التي تربط في العادة بين الأقانيم الاسلامية، فتبدأ في تحالف معمد بالدم إلى دم يهز التحالف ويرديه. فحين قام إردوغان على مدارس غولن، وعلى أنصار غولن في الدولة، كان يرسل الرسائل إلى العلمانيين ليطمئنوا له، وكان يمارس سلطاته في تنفيس دويلة تتحكم بدولته، وتمسك به من العنق.

باقٍ أو راحل؟

بالنسبة إلى إردوغان، العصامي المزهو بأن قيامة تركيا الحديثة تمت على يديه، كل الفضائح مقبولة، إلا فضيحة الفساد. فهذه هي quot;العمل الرديءquot; الذي لا خلاص منه، سياسيًا وشخصيًا، وهي الباب الواسع نحو تحطم كل أحلامه بأن يكون السلطان الفعلي لتركيا، أو أول رئيس جمهورية تركي منتخب من الشعب مباشرة.

لحظة الانتحاب، الاشتباه بالفساد كفيل بحسم الخيار. ولهذا، يمارس إردوغان لعبته التي يجيدها، وهي لعب دور الطائر المذبوح؛ التي تكثر حوله السكاكين، في داخل تركيا وخارجها. فكما قالها إبان فورة ساحة تقسيم قبل ستة أشهر، ها هو يقولها اليوم... quot;أنا هدف لمؤامرة تريد إسقاط الانجازات التي حققتها تركياquot;.

وعلى هذا الأساس، يقيم إردوغان كل حجته، غير متخذ موقف الدفاع، إنما مهاجمًا دائمًا، كي يسبق أعداءه بخطوة واحدة على الأقل. ويبدو أنه ينجح، ولو ان نجاحه شبيه بالنجاة من ثقوب الشبكة ليس أكثر.

ومن هنا 49 بالمئة من قراء quot;إيلافquot; مقتنعون بأنه باقٍ.. باقٍ.. باقٍ. لكن تسارع الأحداث، ووصول الموس إلى رقبة إردوغان نفسه، بوزرائه أولًا، ثم بنجله أخيرًا، ينذر بأن تتصدع الجبهة الاسلامية التركية التي يتعكز عليها إردوغان، وأن تنهار بضربة قاضية، ربما تخبئها له جمعية غولن في مجهول الأيام الآتية. وفي هذا التصدع ما يضعف قبضة إردوغان على الحكم، ويجمع ضده الأعداء... ومن أين سيأتي بعد ذلك بأغلبية شعبية، تضعه رئيسًا لدولة بسلطات كاملة في اقتراع مباشر؟ ولهذا، 51 بالمئة من قراء إيلاف يقولون إنه راحل!