تشدد تيارات كويتية دينيًا يجعل الإحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة محرمًا، فلا حفلات عامة ولا أجواء فرح سوى داخل البيوت، أو لمن تيسر له السفر.


في غياب تشريعات قانونية تسمح لنحو مليون كويتي، ونحو ضعفهم من الوافدين، بالإحتفال علنًا برأس السنة الميلادية الجديدة، فإن الخطوط الحمر التي رسمتها تيارات دينية متشددة للسلطة قبل سنوات هي المُسيطرة على الساحة السياسية الكويتية، التي يُحرم فيها الملايين من الإحتفال أسوة بشعوب العالم بحفلات فنية، واحتفالات تواكب توديع عام واستقبال عام جديد.

فالسلطات لا تجيز أي مظاهر إحتفالية في أماكن عامة، كما أن المرافق السياحية لا تستطيع إقامة حفلات ودعوة الفنانين، ما يجعل الإحتفال حصريًا داخل البيوت وضمن ضوابط ذاتية أيضًا، خشية حصول أي شكاوى من جانب جيران متدينين، كما تقول ريا ميقاتي اللبنانية المقيمة في الكويت لـquot;إيلافquot;. تضيف: quot;إضطراري للبقاء في الكويت مع نهاية كل عام أشبه بالعقوبة، فليس بوسع عائلتي أن تحتفل علنًا بإطلالة سنة ميلادية جديدة، لأن ذلك محرم في الكويتquot;.

دبي الحل

هذا التشدد بشأن إحتفالات رأس السنة يجبر حصة الغانم على التوجه مباشرة إلى أحد مكاتب السفريات لحجز بطاقات سفر لزوجها وولديها والإنطلاق إلى دبي، التي تعيش فرحًا حقيقيًا مع نهاية كل عام.

وتستغرب الغانم من جدوى المنع والتشدد في الكويت، فيما كل إحتفالات العواصم القريبة متاحة ببضع مئات من الدولارات، وهي تدعو السلطات في بلادها إلى رفع إملاءات التيار الديني عليها بشأن الإحتفالات العامة والمهرجانات، وعدم وضع شروط وإملاءات التيار الديني على حياة الناس وفرحهم وحاجاتهم.

تقول الغانم: quot;الشعب الكويتي بأغلبيته الساحقة شعب محافظ، وله عاداته وتقاليده، وأن أقصى ما يطالب به هو السماح للمرافق السياحية بتنظيم حفلات ومهرجانات وجلب مطربين عالميين للغناء في هذه المرافق، فاستمرار منع الإحتفالات العامة في الكويت أمر يدفع مئات آلاف الكويتيين سنويًا للسفر والإستمتاع بأجواء الإحتفالات بدخول العالم الجديد خارج بلادهمquot;.

... ثم المنامة

عواطف الجوهري، وهي مسؤولة حجز في أحد مكاتب السفريات في العاصمة الكويتية، تقول لـquot;إيلافquot; إن نسبة حجز بطاقات السفر إلى خارج الكويت زادت بنحو 200%، quot;فالحجز لا يزال مستمرًا بوتيرة عالية، فعدد من الكويتيين والأجانب المقيمين في الكويت قرروا القيام بهجرة موقتة نحو عواصم قريبة، لإحياء مناسبات عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية الجديدة، والوجهات المفضلة للسفر هي دبي أولًا، ثم البحرين، وبعدهما بيروت وشرم الشيخquot;.

وتقول الجوهري إن الأعوام السابقة كانت تشهد موجات نزوح كويتية نحو مدينتي بيروت اللبنانية وشرم الشيخ المصرية، كخيار أول للوجهات المفضلة من المسافرين. لكنها تعزو أسباب تراجع تفضيل بيروت وشرم الشيخ إلى الظروف الأمنية الخطرة التي تشهدها بعض المدن المصرية واللبنانية منذ أشهر.

لا للإنحلال

يقول المُدون الكويتي عبدالله القحطاني لـquot;إيلافquot;: quot;صحيح أن السلطات تمنع أجواء الإحتفالات الصاخبة في البلاد مع رأس السنة الميلادية الجديدة تجنبًا للصدام مع التيارات الدينية المتشددة في البلاد، لكن إلى جانب ذلك هناك أكثر من مليون وافد يريدون الإحتفال بهذه المناسبة بطريقة تحاكي ما يحصل في بلدانهم من احتفالات في الشوارع، والرقص حتى ساعات الفجر الأولى، وإباحة المشروبات الروحية الممنوع ترويجها في الكويتquot;.

يضيف: quot;هذا الأمر لا يرفضه التيار الديني المتشدد بل أغلبية الكويتيينquot;، طالبًا من الوافدين الذين يريدون هكذا أجواء إحتفالات أن يسافروا إلى بلدانهم وقت هذه الإحتفالات، والعودة إلى الكويت لممارسة أعمالهم.

بعيدًا عن الدين

نور الصهيل تقول لـquot;إيلافquot; إنها شخصيًا تحب أجواء الفرح، بصرف النظر عن المناسبة التي تستجلبه، quot;فنهاية عام وبداية عام جديد مناسبة لا تخص ديانة بحد ذاتها، وإنما مشاعر وآمال إنسانية بتوديع سنة مرت بصرف النظر عن حصيلتها من الحزن أو السعادة، واستقبال سنة جديدة بآمال عريضة أن يعم النجاح والسلام وهناء البال البشرية جمعاءquot;.

وتتساءل الصهيل عن السبب الذي يقف وراء تصنيف كل قضية من منظار ديني بحت، لكنها تقول إنها قطعًا ضد الإحتفالات الصاخبة وحفلات العري، وتتمنى وجود حفلات عائلية عامة بمراقبة السلطات، للإحتفال بقدوم السنة الميلادية الجديدة.

خيارات منزلية

أجواء الحجب والمنع لم تمنع الزوجين يارا وأحمد الشولي من إعداد حفلة داخل منزلهما في العاصمة الكويتية، تضم الأصدقاء والأقارب للإحتفال بقدوم السنة الجديدة. فقد أعدا برنامجًا إحتفاليًا حتى ساعات الأولى من صباح الخميس المقبل، وسينتخبون مطربًا من بين الحضور لإمتاعهم بالغناء وعزف المقطوعات. ويقول الشولي لـquot;إيلافquot;: quot;صحيح أن التشدد الديني في الخارج يحجر على فرحنا، لكننا سنحتفل في منزلناquot;.