في خطوة تستجيب لاعتراضات دولية ومحلية، فقد اوقف مجلس النواب العراقي تشريع مسودة قانون معروض عليه حول quot;جرائم المعلوماتيةquot;، الامر الذي اعتبر أنه سيتيح مجالاً أوسع لتعزيز حرية الرأي والتعبير.

عبّر مرصد الحريات الصحافية العراقي عن ترحيبه بمساعي مجلس النواب العراقي، لا سيما رئيس لجنة الثقافة والإعلام علي الشلاه، التي أدت الى إلغاء مسودة قانون جرائم المعلوماتية التي أثارت جدلاً عميقًا وواسعًا على المستويين المحلي والدولي، ولاقت إعتراضات وإنتقادات لاذعة من الأوساط البرلمانية والصحافية منذ أن تم طرحها على الرأي العام، العام الماضي. وقال إن القرار الذي اتسم quot;بروح المسؤولية العالية أدى في نهاية المطاف الى طي صفحة القانون، الذي أثار مخاوف كبيرة من حدوث إنتكاسة لحرية التعبير وتداول المعلومة التي تعد ركيزة أساسية في بناء النظم الديمقراطيةquot;، كما قال في بيان صحافي تلقت quot;ايلاف نسخة منه اليوم.
كما عبّر المرصد عن تطلعه لأن تشكل هذه الخطوة بداية لتصحيح العلاقة بين السلطة الرابعة ومؤسسات الدولة والإنطلاق نحو تشريع قوانين تعزز المكتسبات التي حققها العراق الجديد في مجال الحريات العامة والصحافية. واوضح أن لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب العراقي قد اكدت quot;إلغاء مسودة قانون جرائم المعلوماتية سيئ الصيت معلنة موافقة رئاسة البرلمان على التوقف عن المضي بتشريعهquot;،معللة ذلك بأن القانون بات قديمًا وأن الوضع الأمني الذي إستلزم تشريعه أصبح اكثر إيجابية وطالبت اللجنة من رئاسة مجلس النواب رفع مسودة القانون من الصفحة الإلكترونية للمجلس.
ومن جهته، قال رئيس لجنة الثقافة والاعلام البرلمانية علي الشلاه إنه quot;لايمكن أن تسن هكذا قوانين في البلاد لأنها تقوض من سلطة الديمقراطيةquot;. وأوضح الشلاه وهو نائب عن إئتلاف دولة القانون أن طلبه لنقض المسودة تأخر في رئاسة المجلس لأكثر من 6 أشهر، وأن الموافقة على إلغائه quot;ستمنحنا مجالاً أوسع لتعزيز حرية الرأي والتعبيرquot;. وحمل خطاب الغاء تشريع قانون جرائم المعلومات توقيع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وموافقته على الطلب الذي تقدم به النائب علي الشلاه في هذا الصدد.
وجاءت موافقة هيئة رئاسة مجلس النواب على إلغاء قانون جرائم المعلوماتية بعد طلب تقدمت به لجنة الثقافة والإعلام النيابية في 16 تموز (يوليو) الماضي دعت فيه السلطة التشريعية الى التريث في إقرار القانون الذي أكدت أنه يواجه انتقادات شديدة من 40 منظمة دولية وعدد كبير من الإعلاميين والصحافيين والمهتمين بالحريات في العراق.
وحذرت مجموعة من المتخصصين والخبراء في مجال أمن المعلومات في وقت سابق من أن مسودة قانون جرائم المعلوماتية لا توفر ضمانات حقيقية لحرية التعبير والتداول الحر للمعلومة مؤكدين أن القانون سيفرض في حال تشريعه قيوداً قاسية على حق حرية التعبير وحق حرية الوصول الى المعلومات. وتتضمن مواد القانون فرض عقوبات تصل الى السجن المؤبد، كماتتضمن أحكاماً قاسية منها 13 ﺣﻜﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ﺍﻟﻤﺆﺑﺪ ﻭحوالي 50 ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺬﻟﻚ و58 ﺣﻜﻤﺎ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﺑﺪ ﺗﺒﺪﺃ ﻣﻦ 15 ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺜﻼzwnj;ﺛﺔ أشهر.
كما انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان في 12 تموز عام 2012 قانون جرائم المعلوماتية معتبرة أنه quot;يقيد حرية التعبير ويهدد الصحافيين الذين يكشفون وقائع الفسادquot;، ودعت البرلمان إلى عدم الموافقة عليه.
وكان مدير عام الاتصالات والمعلوماتية في وزارة الداخلية اللواء علي الساعدي قد دعا الشهر الماضي مجلس النواب إلى إقرار قانون الجرائم المعلوماتية عادًا إياه ضرورة أمنية لحماية المجتمع من مرتكبي الجرائم الإلكترونية المستحدثة، وقال إنه quot;لا يضيق حرية التعبير كما أشيع عنهquot;. واضاف أن quot;الوزارة أعدت قانوناً لمكافحة الجرائم المعلوماتية ورفعته إلى الحكومة لترفعه بدورها إلى مجلس النواب العراقي quot; موضحاً أن quot;القانون لاقى ردود فعل متباينة منذ قراءته الأولى في البرلمانquot;. ودعا الساعدي مجلس النواب إلى quot;إقرار القانون والعمل به لضرورته الأمنيةquot; مشيراً إلى أنه quot;يعالج الاستخدام الفوضوي لمنظومة الأنترنت ويعمل على حماية المجتمع من مرتكبي الجرائم الإلكترونية المستحدثة في الآونة الأخيرةquot;.
وحول الغاء تشريع قانون جرائم المعلوماتية، فقد طالب رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة عدي حاتم بتشريع قانون جديد وفقًا للدستور والمعايير الدولية. وأشار في حديث صحافي إلى أنquot;هناك حاجة لوجود قانون ينظم العمل الإلكتروني والتدوين والصحافة المجتمعيةquot;. ودعا إلى quot; المنظمات والنخب المختصة العراقية والدولية لمناقشته قبل تشريع أية قوانين، وأن يصار إلى تشكيل لجنة موسعة في بغداد والمحافظات لكتابة القانون الجديد بما يعزز الحرية المعلوماتية في البلادquot;.
وشدد حاتم على أن السلطة التشريعية عودتنا حالها حال السلطة التنفيذية على محاولة قمع الحريات، فهذه الدورة الانتخابية منذ بدئها في العام2010، حتى الآن لديها حزمة كبيرة من القوانين التي تقيد حرية التعبيرquot;. وناشد مجلس النواب بإعادة النظر بقانون حقوق الصحافيين، والذي أعاد العمل بخمسة قوانين موروثة من زمن النظام السابق، كما قال.
وكانت القراءة الأولى للقانون الملغى قد تمت أمام مجلس النواب في 27 تموز عام2011 وأثارت جدلاً واسعاً بين أعضاء المجلس بين مؤيد ينظر إلى القانون على أنه تشريع يهدف إلى حماية الدولة والمواطن ومعارض يعتبره سلاحًا بيد الحكومة لكبح الأصوات المعارضة والحد من الحريات العامة.
كما عبّرت اكثر من منظمة معنية بحقوق الصحافين والمدونيين أن القانون سيتسبب بتضييق حريات عدد كبير من العراقيين المعنيين بمكافحة الفساد من خلال النشر، في بلد يعد من أخطر البلدان في ممارسة العمل الصحافي على مستوى العالم، بعد أن شهد مقتل حوالي 360 صحافياً وإعلامياً منذ عام 2003.