كانت جمايما خان، الصحافية المليونيرة الناشطة في مجال حقوق الإنسان، من أبرز الذين وفروا لمؤسس laquo;ويكيليكسraquo; قدرًا من الحماية يندر مثيله، لأنه كان مستهدفًا من أكبر المؤسسات في العالم. على أن موقفها تغيّر بالكامل الآن.


لندن: عندما وجد مؤسس laquo;ويكيليكسraquo;، جوليان أسانج، نفسه محاصرًا من قبل المؤسسات الصخرية العاتية التي ناطحها، كانت نجمة المجتمع المخملي البريطاني جمايما خان أبرز الذين ساندوه بالقول والعمل. وكانت بين أكبر المساهمين بالمال وسط من قدموا للقضاء البريطاني ضمانته المالية الهائلة (320 ألف دولار على وجه التحديد).
لكن أسانج فاجأ العالم عندما لجأ في يونيو / حزيران الماضي الى سفارة الإكوادور في لندن. وكان هذا يعني هروبه من القضاء الى laquo;أرض أجنبيةraquo;، لكنه كان يعني أيضًا أنه خان اولئك الذين ألقوا بثقلهم وأموالهم خلفه. وكل هذا رغم أنه كان يختار بقراره ذلك سجنًا صغيرًا له عبارة عن غرفة منحتها له السفارة، ولا يعلم أحد متى يخرج منها الى السجن الحقيقي.
والآن، بعد صمت مطبق طوال تلك الفترة، خرجت جمايما خان - طليقة نجم الكريكيت سابقًا والسياسي الباكستاني عمران خان - شاهرة سيفها وشنت هجومًا ضاريًا على أسانج قائلة إنه صار يحمل نفس الصفات التي أسس ويكيليكس من أجل محاربتها، وتحول من مدافع ضد الظلم الى مدافع عنه.
وفي مقال لها على صفحات مجلة laquo;نيوستيتسمانraquo; - التي تعمل محررة مشاركة بها - تناقلته وسائل الإعلام البريطانية، قالت جمايما: laquo;رأيت ومضات من جاذبية أسانج وذكائه الوقّاد وقدرته على النظر البعيد. لكنني رأيته أيضًا يقع فريسة سهلة لنوع النجومية التي قد يجدها المرء بين عشية وضحاها،
وكيف أنشبت مخالبها فيه. فتلى ذلك أن تصوّر أنه فوق القانون ولا يخضع لمعايير المحاسبة والنقدraquo;. ومضت تقول إنه صار طاغية آخر وإنها أصبحت laquo;على قناعة بأن عليه مواجهة القضاء في السويدraquo; (التي تطلبه بعد اتهامه من امرأتين باغتصابهما).
وبهذا تنضم جمايما الى مجموعة من رفاق أسانج في ويكيليكس اشتكوا في السابق من laquo;المناضل الذي صار دكتاتورًاraquo;. وبلغ الأمر حد أن عددًا غير صغير منهم اعلنوا في أواخر 2011 انشقاقهم عن ويكيليس وإقامة موقع بديل باسم Openleaks laquo;اوبينليكسraquo;.
وشهدت تلك الفترة هجرة ايضًا من ويكيليكس شملت أسماء كبيرة مثل هيربرت سنوراسون ودانيال دومشيلت - بيرغ احتجاجًا على أن اسانج laquo;ألقى بالمبادئ الديمقراطية جانبًا وصار يدير الموقع تبعًا لهواه وأمزجته الشخصيةraquo;. وقدم دومشيلت - بيرغ استقالته بعد تسريب الموقع قرابة 400 ألف وثيقة
أميركية سريّة تتعلق بحرب العراق قائلاً إنه فعل ذلك بسبب laquo;تهور اسانج ونشره اسماء المخبرين والمتعاونين مع القوات الأميركية هناك من دون داعٍ حقيقي أو أدنى قدر من المراعاة لسلامتهم وسلامة أسرهم الشخصيةraquo;.
وورد في إحدى الرسائل الإلكترونية النارية المتبادلة بينه وبين اسانج مخاطبته هذا الأخير قائلاً: laquo;لست ملكًا أو إلهًا على أحد. وليس هذا وحسب، بل أنك عاجز عن تأدية مهام القيادة الرشيدة في الوقت الحالي... وعلى العكس فأنت تتعامل مع الناس وكأنك امبراطور أو تاجر عبيدraquo;. ورد أسانج على هذا الهجوم بتعليق عمل دومشيلت - بيرغ الذي رد بدوره بتقديم استقالته.
وإثر هذا بعث أسانج لجميع الأعضاء الباقين برسالة تقول: laquo; أنا القلب والروح في هذه المؤسسة. أنا مؤسسها وفيلسوفها والناطق باسمها ومشفّرها الرئيسي ومنظّمها ومديرها وممولها وكل الأشياء عدا ذلك. إذا كانت لديكم مشكلة معي فاذهبوا جميعًا الى الجحيم. كلكم بحاجة اليَّ وأنا، على عكسكم، لست بحاجة الى أي منكمraquo;.
لكن جمايما خان - وهي مسلمة ناشطة بارزة في مجال حقوق الإنسان ونجلة الملياردير اليهودي السير جيمس غولدسميث - تعيد ذلك التاريخ الآن وتشن هجومها على رجل قالت في يوم ما إنها على استعداد لفدائه بحياتها لأنه laquo;ضمير العالمraquo;.
فكتبت تقول: laquo;سألته، بعد نشره برقيات الدبلوماسيين الأميركيين، عما إن كان يؤدي دور جيسون بورن (بطل سلسلة الروايات والأفلام الذي يخوض حرباً عادلة ضد laquo;سي آي ايهraquo;). لكنني صرت على قناعة الآن بأنه ترك هذا الدور ليؤدي آخر يتقمص فيه شخصية إل رون هوبارد (مؤسس ديانة الساينتولوجي) إذ صار لا يقبل غير الأتباع العميان واولئك الذين يحنون رؤوسهم إرضاء له بغض النظر عن آرائه وأفعالهraquo;.
وقالت إنها لا تأسف لكونها أحد الذين ساهموا في ضمانة اسانج المالية لدى لقضاء (وخسرت ما غامرت به بعد لجوئه الى سفارة الإكوادور). لكنها laquo;حزينة لأن المال كان يعني ضمان ألا يودع السجن ولا يعني مطلقًا إعفاءه من الرد على التهم الموجهة ضدهraquo;.
يذكر أن اسانج لا يزال قابعًا في سفارة الإكوادور في حي نايتسبريدج اللندني محاطًا بالشرطة البريطانية التي تمنعها القوانين الدولية من اعتقاله على هذه الأرض الأجنبية. لكنها تنتظر خروجه منها ولو لشبر واحد... وعندها ستختلف القصة تمامًا.