استغل سلفيون جهاديون الأزمة السياسية والاضطرابات الأمنية التي تأجّجت في تونس بعد اغتيال المعارض العلماني شكري بلعيد، لتنظيم quot;دورياتquot; غير مسبوقة quot;لحفظ الأمنquot; في مناطق عدة في البلاد.


تونس: يشارك في الدورية الواحدة عشرات من السلفيين المسلحين بالهراوات، والذين يتنقلون مجموعات، إما مشيًا على الأقدام او على متن دراجات نارية او سيارات ترفع أعلام تنظيم القاعدة (العقاب).

وأعلن تنظيم quot;انصار الشريعةquot; السلفي المتشدد، الذي يطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية في تونس، في صفحته الرسمية على فايسبوك، ان الهدف من هذه الدوريات هو quot;حماية الأعراض والممتلكاتquot;.

دعوات إلى إتباع السلفية
واطلق السلفيون عبر منابرهم في شبكات التواصل الاجتماعي دعوات الى إتباع التيار السلفي لحفظ الأمن في البلاد بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد (49 عامًا)، الذي قتل بالرصاص في السادس من الشهر الحالي، وبعد قرار الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) تنظيم إضراب عام يوم جنازة بلعيد في الثامن من الشهر نفسه.

وضعت بعض الصفحات السلفية في شبكات التواصل الاجتماعي أرقام هواتف محمولة للمواطنين، الذين قد يحتاجون مساعدة الدوريات الامنية السلفية، كما نشرت اشرطة فيديو لهذه الدوريات.

تركزت الدوريات بشكل خاص في مركز ولاية صفاقس (وسط شرق)، وهي ثاني اكبر ولاية بعد العاصمة تونس، وسيدي بوزيد (وسط غرب)، اضافة الى حوالى ستة احياء شعبية في العاصمة تونس.

وفي ليلتي الجمعة والسبت الماضيتين، استغل السلفيون الغياب شبه الكامل لقوات الامن في مركز ولاية سيدي بوزيد لتسيير دوريات امنية على متن حوالى 25 سيارة، بحسب مراسل فرانس برس، الذي قال ان مناوشات جرت ليلة السبت بين السلفيين وسكان حي النور الذين منعوهم من دخول الحي.

والاحد، اشتبك شبان في معتمدية القطار من ولاية قفصة (جنوب غرب) مع الشرطة احتجاجًا على تسيير سلفيين دوريات امنية في المدينة، واعتدائهم بالعنف على شبان اتهمهم السلفيون بشرب الكحول، وسب الجلالة على ما افاد مراسل فرانس برس.

جهاز أمن مواز
في مركز ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب) عبّر سكان عن استيائهم من تسيير سلفيين quot;دوريات امنيةquot; ليلية على متن عشرات السيارات والدراجات النارية وسط حضور ضعيف لقوات الأمن، بحسب مراسل فرانس برس في المنطقة. وقال عدد من الاهالي ان من بين السلفيين quot;بلطجيةquot; وجوههم ملثمة، منددين بتشكيل جهاز أمن مواز لأجهزة الدولة.

ونددت وسائل اعلام ومعارضون سياسيون بـquot;استعراض السلفيين لعضلاتهمquot;، وحذروا من تحولهم الى جهاز أمني quot;موازquot; لاجهزة الرسمية للدولة.

والثلاثاء ذكر خالد طروش المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية بان حماية المواطنين ومكاسبهم هي وبموجب القانون من الصلاحيات الحصرية للمؤسستين الامنية والعسكرية. وقال في تصريح لوكالة الانباء الرسمية ان quot;وزارة الداخلية إذ تثمن مبادرة بعض المواطنين بغضّ النظر عن انتماءاتهم السياسية والايديولوجية بحماية مناطقهم السكنية من احداث العنف، الا انها تنبه على انه لا سبيل لأن يحل احد محل الجهاز الامنيquot;.

واضاف ان قوات الامن quot;توفقت في السيطرة على احداث الشغب التي رافقت الاضراب العام وموكب جنازة شكري بلعيد وايقاف مرتكبيها، ولم يعد هناك من موجب لظهور هذه المجموعاتquot;.

ونفى وزير الداخلية علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، في حوار الثلاثاء مع التلفزيون الرسمي التونسي، وجود جهاز أمن مواز لاجهزة الدولة، مؤكدا انه لن يقبل بأن يسيّر السلفيون دوريات امنية.

أنصار الشريعة يدعون إلى الانسحاب
والاربعاء دعا تنظيم انصار الشريعة في بيان quot;جميع الاخوة في لجان الانصار الساهرين على حماية الاعراض والممتلكات (الى) ان ينسحبوا من الساحات من باب الحكمة والفطنةquot;.

واكد على ضرورة ان quot;يقتصر دورهم على حماية احيائهم والبقاء على اتصال ببعضهم البعض بعد تهديدات المريض بمتماثلة السلفية الجهادية سيء الذكرquot;، في اشارة الى quot; وزير الداخلية علي العريض، الذي يواجه انتقادات حادة من السلفيين الجهاديين في تونس. ومنذ الجمعة الماضي اتهم التنظيم الشرطة بمطاردة السلفيين المشاركين في دوريات حفظ الامن.

وقال ان قوات الامن اعتقلت سلفيًا من تنظيم quot;انصار الشريعةquot; على خلفية مشاركته في احدى الدوريات الامنية في حي السيجومي الفقير في العاصمة تونس، وانها تبحث عن آخرين.

وفي 14 ايلول/سبتمبر 2012 هاجم مئات من السلفيين مقر السفارة والمدرسة الاميركيتين في العاصمة تونس احتجاجًا على عرض فيلم اميركي مسيء إلى الاسلام انتج في الولايات المتحدة. وقتلت الشرطة اربعة من المهاجمين واعتقلت العشرات.

ومنذ الحادثة تبحث الشرطة عن ابو عياض زعيم تنظيم quot;انصار الشريعةquot; بشبهة تدبير الهجوم على السفارة والمدرسة الاميركيتين.
وتمكن ابو عياض (47 عامًا) المعروف بتصريحاته النارية ضد وزير الداخلية، من الافلات من قوات الامن في اكثر من مناسبة.
وكان ابو عياض يقضي عقوبة مطولة بالسجن، وقد افرج عنه بعد الاطاحة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ولم يكن السلفيون يجرؤون على التحرك في عهد بن علي خوفا من بطش اجهزة الامن. واعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي في وقت سابق ان اجهزة الامن في بلاده تقدر عدد السلفيين في تونس بحوالى عشرة آلاف، بينهم ثلاثة آلاف من الجهاديين، فيما قدر مسؤول في تنظيم quot;انصار الشريعةquot; عددهم بحوالي quot;50 ألفًا على الاقلquot;.