أبلغ مصدر قريب من القيادة الكردية quot;إيلافquot; أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني سيطلق خلال أيام مبادرة يوجّه فيها الدعوة إلى قادة القوى السياسية العراقية إلى الاجتماع في أربيل في نهاية الشهر الحالي، في مؤتمر وطني جامع لبحث الأزمة السياسية الحالية والأبعاد الخطرة لتداعياتها وإمكانية التوصل إلى حلول تنقذ البلاد من فوضى واضطرابات خطرة.


أسامة مهدي: أشار المصدر إلى أن بارزاني سيوجّه دعوة إلى قادة القوى السياسية العراقية إلى الاجتماع في مؤتمر وطني شامل في أربيل عاصمة إقليم كردستان خلال أسبوعين، لبحث تداعيات الاحتجاجات والمطالب التي تشهدها محافظات غربية وشمالية، والشد الطائفي الذي تشهده البلاد حاليًا، نتيجة خروج تظاهرات مضادة في محافظات جنوبية، بدأت أصوات من الطرفين تطلق تهديدات وتصريحات تصعيدية تنذر بأن البلاد ذاهبة إلى حرب طائفية قريبة.

كما ستكون الخلافات بين بغداد وأربيل البند الثاني، الذي سيبحثه المؤتمر الوطني، في حال انعقاده، حيث أوضح المصدر أن quot;القادة الأكراد لم يبدوا ممانعة من احتضان أربيل للمؤتمر، إذ إنهم مع حل الأزمة الراهنة في أسرع وقت، إلا أنهم اشترطوا الحصول على ضمانات بتنفيذ مقررات المؤتمر قبل الشروع به، لأنهم لا يريدون تكرار ما حصل في اتفاقية أربيل عام 2010 وتنصل بغداد من تنفيذ غالبية فقراتها.

مبادرة لإنهاء التوتر
اعتبر المصدر أن بارزاني بدعوته هذه يكون قد أخذ زمام المبادرة لإنهاء التوتر بين القوى السياسية للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات، بعد مؤتمر أربيل الأول، الذي عقد في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2010، والذي انبثقت منه حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي الحالية.

وأضاف أن العودة إلى اتفاقات ذلك المؤتمر، والتي لم تنفذ حتى الآن، ستشكل أحد الحلول المطلوبة لإنهاء الأزمة الحالية، حيث تتهم القوى السياسية المالكي بعدم تنفيذ الاتفاقات حتى الآن، وخاصة في ما يتعلق بالشراكة الوطنية. يذكر أن اتفاق أربيل قد نص على تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجية العليا، على أن يرأسه علاوي، وأن تقوم القائمة العراقية بترشيح شخصية لشغل منصب وزارة الدفاع وإجراء مراجعة حول العديد من المناصب، وخاصة الأمنية منها.

واعتبر المصدر أن بارزاني سيواصل بمبادرته دعوة لم تنفذ أطلقها الرئيس العراقي جلال طالباني في منتصف العام الماضي لعقد مؤتمر وطني لحل الأزمة السياسية في البلاد، وكان على وشك الانتهاء من ترتيبات عقده، لولا الأزمة الصحية الخطرة التي ألمّت به، حيث أصيب بجلطة دماغية في الشهر الماضي، نقل على إثرها إلى ألمانيا، وهو يعالج فيها حاليًا، ويتوقع أن تعوقه عن استئناف مهامه الرئاسية والسياسية لوقت طويل.

وكان السفير الأميركي في العراق ستيفن بيكروفت قد أشار خلال اجتماع في أربيل مع بارزاني الأربعاء الماضي إلى أن quot;الرئيس بارزاني كقائد بارز ذي مصداقية ومكانة مؤثرة بإمكانه أن يجمع كل الأطراف من خلال إطلاق مبادرة جديدة، وبالاستناد إلى الدستور والاتفاقات ووضع برنامج وآلية محكمة لتنفيذها بشكل يرضي الجميع، ويُخرج الجميع من الأزمة العصيبةquot;، كما نقل عنه بيان رئاسة كردي، الأمر الذي اعتبر دعوة صريحة لرئيس إقليم كردستان إلى إطلاق مبادرته لجمع القوى السياسية.

الوضع لا يحتمل تعقيدات
وقد رد بارزاني على هذه الدعوة قائلًا quot;إن الوضع الراهن لا يحتمل أزمات وتعقيدات أكثر، وأنه سيواصل جهوده من أجل تهدئة الوضع وجمع الأطراف كافة للتوصل إلى إتفاق شامل ينهي التوترات التي تشهدها البلاد، كي تنتقل البلاد إلى مرحلة جديدة من خلال استكمال خطوات بناء المفاصل الرئيسة للدولة وتبديد القلاقل والمخاوفquot;.

وبحث بارزاني وبيكروفت quot;الوضع السياسي ومسار العملية الديمقراطية وعمل مجلس النواب في العراق، وألقيا الضوء على الجهود المبذولة لتهدئة التشنجات بين الأطراف السياسية، كما أبديا دعمهما لأي مسعى من أجل معالجة المشاكل والتعقيداتquot;.

والليلة الماضية عقد في أربيل اجتماع مصغر، شارك فيه بارزاني وزعيم العراقية أياد علاوي ورئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي وممثل عن التيار الصدري، حيث تم بحث الأزمة الحالية. وقال النائب عن التحالف الكردستاني برهان فرج إن المجتمعين ناقشوا إمكانية حلحلة الأزمة حاليًا تمهيدًا لتفكيكها.

ومن المنتظر أن يبحث بارزاني مبادرته لدعوة القوى السياسية العراقية إلى الاجتماع في أربيل خلال اجتماع يعقده في أربيل اليوم الأحد مع الأطراف الكردية لمناقشة ترتيبات المبادرة وأفقها. وهذا الاجتماع هو الثاني بعد اللقاء الذي عقد الخميس الماضي، حيث رحّبت الأطراف الكردستانية بأية مبادرة تساهم في تهدئة الأوضاع في العراق، والبدء بحوار جدي وتفاهم بناء بين الأطراف العراقية من أجل التوصل إلى اتفاق شامل ينهي التوترات التي تشهدها البلاد.

وكان المالكي بعث خلال الأيام الثلاثة الماضية وفداً ترأسه مدير مكتبه طارق نجم إلى أربيل، حيث بحث مع بارزاني الأزمة السياسية الحالية بشكل عام، والملفات العالقة بين بغداد وأربيل خاصة، والوسائل الكفيلة بحلها، وهو الاجتماع الذي وصفه نجم بالإيجابي.

لكنّ مصدرًا كرديًا قال إن اللقاء بين بارزاني وطارق نجم لم يخرج بمقررات يمكن تسميتها تسويات سياسية أو تنفيذية أو إدارية، معتبرًا أن عدم إصدار رئاسة الإقليم أي بيان صحافي مؤشر إلى فشل المفاوضات بين الجانبين.

حل قضية الشركات النفطية وحسم الموازنة الاتحادية
وأشار إلى أن quot;بارزاني اشترط تسوية القضايا العالقة مع بغداد لتعود المياه إلى مجاريها بين الكردستاني والتحالف الشيعي، أبرزها حل قضية الشركات النفطية وحسم الموازنة الاتحادية وفقًا لما تم الاتفاق عليه بين الطرفين في السابق بخصوص الشروط الكردية التي تتضمن الحصول على نسبة 17 في المئة منها، إضافة إلى مرتبات قوات البيشمركة الكردية ومستحقات أخرى تتعلق بالأجواء والقابلوات الضوئية والاتصالات، مع التركيز على إلغاء قيادة عمليات دجلة، التي شكلها المالكي أخيرًا في المناطق المتنازع عليهاquot;.

وكانت بعض الكتل السياسية، وخاصة التحالف الكردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري، قد سعت في العام الماضي إلى سحب الثقة عن المالكي، وترشيح بديل منه من التحالف الوطني الشيعي في اجتماعات عقدت في أربيل والنجف، لكنها أخفقت في الحصول على الأصوات الكافية لتمرير المشروع في مجلس النواب.

يذكر أن محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك تشهد منذ 50 يومًا تظاهرات، يشارك فيها عشرات الآلاف، جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية، وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش، وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.