حذر الخبير الامني والسياسي حسين حمودة نظام محمد مرسي من ثورة جياع، إذا لم يستجب للمطالب الثورية، وقال إن ممثلي القوى الاسلامية ابتعدوا عن الثوار منذ رئاسة مرسي، وإن التركيبة النوعية للثورة الحالية تختلف عن الاولى.
القاهرة: وضع الخبير الامني والسياسي المصري حسين حمودة تصورًا لتعاطي مؤسسة الرئاسة للواقع الثوري، الذي تعيشه مصر في الوقت الراهن، مؤكدًا في حديث خصّ به quot;ايلافquot; أن الظروف التي تمرّ بها مصر تبعث على القلق وربما الخوف، إذا لم يفطن الرئيس مرسي ووزارة الداخلية على وجه التحديد، إلى طبيعة المشهد بمختلف أبعاده.
وقال حموده لـ quot;ايلافquot; إنه حذّر جهاز الشرطة من وضع رأسه في الرمال، ووضع خارطة طريق يمكن من خلالها إعادة تأهيل المنظومة الامنية، بما يتّسق ومتغيرات الوضع الأمني في مصر، إلا أن أحدًا لم يعره اهتمامًا، وباتت المؤسسة الامنية تتعامل بمنطق القبضة الحديدية، على الرغم من ثبوت فشلها في ثورة 25 يناير البيضاء.
في ما يأتي نص الحوار:
ما السيناريوهات المتوقعة للاوضاع خلال الموجة الثانية من ثورة 25 يناير؟
هناك عدة سيناريوهات محتملة للواقع الذي قد تشهده مصر في الفترة القادمة، منها استجابة الرئيس مرسي للمطالب الثورية، وعلى رأسها تقديم رموز وقيادات جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة من المحرّضين على قتل وإصابة الثوار إلى المحاكمة، وتقديم المسؤولين في وزارة الداخلية عن قتل وإصابة الثوار في أحداث شارع محمد محمود الثانية ومحيط ميدان سيمون بوليفار للمحاكمة العاجلة، بالإضافة إلى المسؤولين عن قتل الثوار في المرحلة الانتقالية، وكذلك إسقاط الدستور غير الشرعي، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تمثل كافة الاطياف السياسية من الكفاءات المشهود لها، حينئذ من الممكن أن يتم الاحتفاء بذكرى الثورة سلميًا، من دون اعتصامات أو أي تصعيد للمواقف من قبل القوى الثورية الرشيدة أو غير الرشيدة.
طعم المأتم
ماذا لو لم يستجب النظام لتلك المطالب أو يتعاطَ معها على الاقل؟
هذا هو السيناريو الثاني، وهو في الحقيقة السيناريو الاسوأ الذي نتوقعه، فإذا لم يستجب مرسي للمطالب سالفة الذكر، ومضى قُدمًا في سياساته السلبية حيال ما يجري في ميادين مصر، فسيتم الاحتفاء بذكرى مرور عامين على الثورة ndash; بطعم المأتم ndash; وتعقبه اعتصامات مفتوحة ومسيرات حاشدة لحين استكمال المطالب الثورية، وفي ذلك محاكاة للأحداث الاولى للثورة على مبارك، والتي بلغت مدتها 18 يومًا، مع ضرورة تلافي المثالب المعروفة في تلك الفترة.
وأرى أن اخطر السيناريوهات يحصل إذا لم يستجب مرسي لمطالب الثوار، ما يفجر ثورة الجياع، فتلك الثورة محتملة ستأتي من أفرازات السيناريو الاسوأ وتداعياته، إذا ظل النظام على عناده لفترة طويلة، واحذر من أن ثورة من هذا النوع لن تُحمد عقباها او أضرارها.
هل اختلفت التركيبة النوعية للثورة الثانية عن التركيبة في 2011؟
التركيبة النوعية للثورة هذا العام تضم في محتواها العناصر الثورية والعناصر الداعمة للثورة، وعناصر الثورة المضادة، والعناصر الداعمة لها، وعناصر أخرى محايدة. اما العناصر الثورية فتتمثل في الثوار وهم النواة الرئيسة للثورة، وهذه النواة في الغالب من الطبقة المتوسطة العليا، وتتمتع بمهارات فائقة في استخدام وسائط الاتصال الحديثة، مثل شبكات التواصل الاجتماعي، كما أن عناصرها ممن يعلنون قيمة الكرامة الانسانية والحرية. ينقسم هؤلاء إلى ثوار منظمين ينتمون إلى احزاب وحركات سياسية وروابط اجتماعية احتجاجية، وثوار مستقلين هم الاغلبية العددية واغلبية المعتصمين في الخيام منذ العام الماضي، للحفاظ على ميادين التحرير. نحى معظم ممثلي التيارات والقوى الاسلامية منحى معاديًا للقوى الثورية منذ وصول الرئيس مرسي إلى سدة الحكم.
اما العنصر الثاني من مكونات التركيبة الثورية الجديدة، فيتمثل في مصابي الثورة وأسر الشهداء واصدقائهم، وهؤلاء هم الوسيط الحقيقي لإشعال الثورة واستمراريتها، ومن ابرزهم واكثرهم إخلاصًا منذ العام المنصرم رابطة أولتراس اهلاوي ومناصريهم. بينما يتمثل عنصر التركيبة الثورية الثالث في quot;المُحبطونquot;، وهم شباب متعلم يعاني الفقر والبطالة والتهميش المجتمعي، وينتمي هؤلاء في الغالب إلى الطبقة المتوسطة التي دُمرت.
الثورة المضادة
ماذا عن الشريحة الداعمة للثورة الثانية؟
يتمثل هؤلاء في الصحافيين والاعلاميين والمدوّنين سواء كانوا مصريين أو أجانب، وهم من أعظم العناصر تأثيرًا لدورهم الدعائي والتوثيقي، ما لم يعملوا لصالح أجهزة أو عناصر الثورة المضادة. يضاف إلى تلك العناصر الباعة المتجولون واصحاب المظالم، وهم في معظمهم ممن أهدرت آدميتهم وضاعت حقوقهم في العهد البائد. ويجدون في ما يمكن تسميتها بـجمهورية ميدان التحرير ملاذًا لهم، إذ برز خلال العام المنصرم فئات جديدة من حملة الماجستير والدكتوراه، يضاف إلى ذلك الثوار العرب من رعايا دول الربيع العربي في مصر، كسوريا وليبيا واليمن.
وما تعريفك إذا لعناصر الثورة المضادة ودورها هذا العام؟
أول عناصر الثورة المضادة هم فلول نظام مبارك، واكثرهم تأثيرًا رجال الاعمال والساسة والحزبيون، يلي هؤلاء عناصر اجهزة الامن المصرية ومصادرها. ولعل ذلك يعد أمرًا مألوفًا في هذه الاحداث في ظل الغياب الرسمي للأجهزة في الميادين الثورية. ثم يأتي دور سارقي الثورة ممن لم يشاركوا في الايام الاولى للثورة، واستغلوا إحجام الثوار عن الاتصال والحوار مع اهل الحكم للظهور على الساحة كثوار، ومنهم من اختفى عن الساحة بعد تحقيق المكاسب، ومنهم من يستمر في لعب دوره.
وما هي الآليات التي تدعم الثورة المضادة؟
هناك العديد من الآليات والجهات التي تدعم الثورة المضادة، في مقدمها البلطجية والمجرمون المسجلون جنائيًا، وعناصر ومصادر أجهزة استخبارات أجنبية معادية، خاصة أن عدد الجواسيس الذي تم الكشف عنه خلال الأشهر الاولى للثورة بلغ خمسة، وهو رقم قياسي، وما خفي كان أعظم. كما يدعم الثورة المضادة أسر الشوارع والمتسولون والمختلون عقليًا واليائسون. أما العناصر المحايدة، فيتمثلون في محبي الظهور الاعلامي، وهم من فئة المهمشين وغير المتعلمين والمثقفين في معظم الاحيان، بالاضافة إلى المتفرجّين، وهم المتنزهون في الميدان بدافع الفضول، وحب الاستطلاع والمغامرة.
التعليقات