ليس حادث سقوط منطاد الأقصر منذ يومين الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة من الأحداث التي تعرضت لها المناطيد السياحية المصرية خلال العقد الماضي، ما يستدعي مراجعة شاملة لكل معايير السلامة المتبعة، وتدقيقًا في مهارات الطيارين.


كانت شركات بريطانية تصنع المناطيد، وتستخدم طيارين بريطانيين لقيادتها في مصر قبل نحو 20 عامًا، ثم أُجبروا على الرحيل عندما قرر المصريون أن يتولوا تشغيل المناطيد بأنفسهم، كما نقلت صحيفة غارديان عن مصدر بريطاني مختص بصناعة المناطيد، طلب عدم ذكر اسمه.
وقال المصدر إن الرغبة في توفير فرص عمل للمصريين وفرص ربح للشركات المحلية أمر مفهوم، لكنه أشار إلى أن النتائج المترتبة على ذلك كانت الاستعاضة عن بريطانيين متمرسين في قيادة هذه المناطيد بمصريين ليس لديهم المستوى نفسه من التدريب وعدد ساعات الطيران. وتابع المصدر أن أدلة توفرت من أقوال شهود على أن المعايير المعتمدة في مصر لا تضاهي مثيلاتها في بريطانيا.

المناطيد آمنة
لم يكن حادث انفجار المنطاد في الأقصر الثلاثاء، وتسببه بقتل 19 سائحًا اجنبيًا، الأول في مصر. ففي العام 2009، أُصيب 30 شخصًا بجروح في خمسة حوادث تعرضت لها مناطيد مصرية، بينها ثلاثة حوادث وقعت في يوم واحد خلال شهر شباط (فبراير) من ذلك العام.
كما وقعت حوادث غير مميتة في الأقصر في العامين 2007 و2008. لكن جون رودوني، مدير شركة ويكرز وورلد التي يزيد عدد المسافرين بمناطيدها على ستة آلاف مسافر في بريطانيا، قال إن التحليق بالمناطيد نشاط أمين من حيث الأساس، quot;وإن تسيير رحلات جوية بالمناطيد في بريطانيا كان يخضع لرقابة شديدة جدًا ، وسلطة الطيران المدني هي التي تمنح التراخيص لطياري المناطيد وشركات تشغيلها، الذين يخضعون لفحوص وعمليات تفتيش سنويةquot;.
ولاحظ رودوني أن شخصًا واحدا قُتل في بريطانيا منذ بدء العمل بنظام التراخيص في العام 1988. ونقلت صحيفة غارديان عن رودوني أنه لدى المقارنة مع الرحلات بالسيارة أو القطار أو الطائرة أو أي شكل آخر من أشكال النقل، فإن النتيجة ستكون لصالح المناطيد إلى حد بعيد.
ولا يريد رودوني التكهن بأسباب احتراق المنطاد في الأقصر، quot;لكن الخطأ البشري هو السبب المعهود، وأخطاء قائد المنطاد أو أحد العاملين في مجال الصيانة هي السبب في غالبية الحوادثquot;.

ضوابط لا يلتزمون بها
قال علاء محمود، مدير المبيعات في شركة ماجيك هورايزون للمناطيد في الأقصر، التي لم يكن لمناطيدها أي علاقة بالحادث، إن السلطات المصرية فرضت ضوابط على شركات المناطيد وطياريها، وكانت تدقق في كل التفاصيل، quot;لكن الشركات السياحية الأجنبية تدقق في عمل الشركات التي تعمل معها فقط، فتستخدم بعض الشركات طيارين غير متمرسين نسبيًا، وللحصول على ترخيص تجاري يتعين أن تكون لدى قائد المنطاد خبرة 35 ساعة في الجو، كما في بريطانياquot;.

وإلى جانب الاختلاف في نظام منح التراخيص، هناك اختلافات أخرى. ففي بريطانيا حيث تُصنع غالبية المناطيد، تعمل هذه بغاز البروبان، لكن تكاليف الغاز وعدم توافره في مصر فرضا الاستعاضة عنه بغاز البوتان المضغوط، ويتطلب ضغطه استخدام غازات أخرى، ومن شأن هذا أن يزيد احتمالات الخطأ، بحسب المصدر البريطاني المختص بصناعة المناطيد الذي تحدث لصحيفة غارديان.
ولفت رودوني إلى أن نقل أكثر من 19 مسافرًا بمنطاد يتطلب، بموجب الضوابط البريطانية، وجود طيارين على متنه. لكن الشركات البريطانية نادرًا ما تلتزم بذلك نظرًا للتكاليف. وتشير التقارير الأولية إلى أن 20 مسافرًا ربما كانوا على متن المنطاد المنكوب في الأقصر، إضافة إلى طيار واحد.

معايير فضفاضة
كانت معايير السلامة المعتمدة في تحليقات المناطيد المصرية خضعت لمراجعة شاملة قبل نحو أربع سنوات، بعد سلسلة من الحوادث. وتحظى رحلات المناطيد، التي تنطلق عادة مع طلوع الشمس فوق معابد الكرنك والأقصر، فضلًا عن وادي الملوك، بشعبية واسعة بين زوار مصر، لأنها تتيح لهم إلقاء نظرة بانورامية على مواقع أثرية رائعة.
وكان 16 شخصًا أُصيبوا بجروح في العام 2009، عندما تحطم منطاد خلال رحلة سياحية في الأقصر. ويُعتقد انه اصطدم ببرج لإشارات الهاتف الخلوي. وقبل اسبوعين على ذلك، أُصيب سبعة سياح في حادث مماثل. وفي أواخر شباط (فبراير) من العام نفسه، تحطمت ثلاثة مناطيد تحمل 60 سائحًا في يوم واحد في مواقع مختلفة. وأُصيب سبعة مسافرين بجروح بينها كسور في العظام. وفي نيسان (ابريل) 2008، أُصيب أربعة سياح اسكتلنديين كانوا ضمن مجموعة، بجروح خطيرة عندما تحطم منطادهم عند الهبوط. وأُصيب ثمانية سياح فرنسيين وأميركيان ومصريان في العام 2007 عندما تحطم منطادهم قرب الأقصر.
وبعد حادث العام 2009، عُلقت التحليقات الصباحية المبكرة فوق وادي الملوك لمدة ستة أشهر، بهدف تشديد اجراءات السلامة. وخلال هذه الفترة أُخضع جميع الطيارين العاملين في شركات المناطيد الثماني في المنطقة لتدريب اضافي. واتُخذت اجراءات اخرى لتحسين السلامة بينها حصر اقلاع جميع المناطيد من مطار جديد واحد، وتحديد الحد الأقصى للمناطيد المحلقة في وقت واحد بثمانية مناطيد، فيما كان 50 منطادًا تستطيع التحليق في آن واحد.