رغم قرار الحكومة الأردنية رفع أسعار المشتقات النفطية ودخول أول مواجهة مع مجلس النواب السابع عشر ومطالبته التراجع عن قراره، لايزال عبدالله النسور، وفق مصادر سياسية وبرلمانية، الأوفر حظًا في تشكيل الحكومة الانتقالية المقبلة، التي من المتوقع أن يعلن عنها في نهاية الأسبوع الحالي.


رانيا تادرس من عمّان: جاء قرار الحكومة الأردنية المكلفة بتسيير الأعمال، برئاسة عبدالله النسور، رفع أسعار المشتقات النفطية قبيل ترشيحه من قبل غالبية برلمانية لتشكيل حكومة جديدة.

أتى الرفع الحكومي هذه المرة بنسبة 4.4 في المئة للبنزين أوكتان 90، ليرتفع سعر الصفيحة إلى 14.7 ديناراً (20.7 دولاراً)، و4 في المئة للبنزين أوكتان 95، الذي ارتفع سعر الصفيحة الواحدة منه إلى 20.6 ديناراً (29 دولاراً)، بينما قررت الحكومة رفع أسعار السولار والكيروسين بنسبة 3.6 في المئة، ليرتفع سعر الصفيحة إلى 20 دولاراً.

هذا ويأمل الأردن، الذي يعاني عجزاً يقارب الـ21 بليون دولار، في كسب تأييد صندوق النقد، واللجوء إلى أسواق رأس المال لإصدار سندات دولية.

صون الشعبية
ودفعت حالة التصادم والمواجهة بين النواب، الذين يسعون إلى المحافظة على شعبيتهم وهيبتهم في الشارع، دفعت بهم إلى وضع الرئيس في زاوية ضيقة ضمن خطاباتهم، ومطالبته التراجع عن القرار، ما دفع رئيس الحكومة الأردنية عبدالله النسور لطلب مدة يومين.

أكدت مصادر برلمانية مطلعة لـquot;إيلافquot; أن النسور على الأرجح لن يعود عن القرار، بل طلب مهلة يومين فقط من أجل إمكانية تخفيض نسبة الرفع 2% بدلًا من 4%، وعدم رفع أسعار المشتقات خلال الشهر المقبل، كما إن الحكومة في صدد الانتهاء من قانون ضريبة جديد، يخفف من معاناة المواطنين، وذلك ضمن البدائل المقترحة.

وأشارت تلك المصادر لـquot;إيلافquot; إلى أن القصر الرئاسي حسم قراره تجاه الرئيس الحالي للحكومة المقبلة في ظل توافق غالبية برلمانية لا تزال تدعم ترشيح النسور للمنصب.

فرصة أخرى
في السياق، يؤكد رئيس كتلة quot;وطنquot; عاطف الطراونة أن الكتلة، التي تعدّ الأكبر، لا تزال تصرّ على موقفها القاضي بترشيح الدكتور عبدالله النسور لرئاسة الحكومة، لأنه اتخذ قرارًا اتسم بجرأة غير مسبوقة، وهي تستعد لإعادة تكليفه كرئيس وزراء مقبل.
وأوضح أن خطة الإصلاح الاقتصادية أُنجز جزء منها، ويستحق النسور فرصة أخرى للمضي قدمًا نحو إنجاز ما تبقى منها، ولعل أبرز منظومة القوانين الإصلاحية المهمة هذه، قانون ضريبة الدخللمعالجة التشوّهات الحالية، وقانون الضمان الاجتماعي وقانون المالكين والمستأجرين.

الطراونة لفت إلى أن الكتلة وضعت أسسًا ومعايير وجدت وفقها أن الرئيس النسور هو الأنسب للفترة الانتقالية المقبلة وإلى حين اكتمال النضوج الحزبي البرلماني للكتل، عبر برامج واضحة، والتي لا تزال هلامية وضعيفة وعاجزة في الوقت الحالي عن تشكيل حكومة برلمانية.

وقال الطروانة إن الرئيس وعد بإيجاد حلول وبدائل عبر مشاريع اقتصادية واستثمارات في الطاقة وإيجاد فرص عمل للتخفيف من حراك الشارع المطلبي، لأن جوهر الحراك اقتصادي.

ليبرالية جديدة
بدوره، أكد رئيس كتلة quot;الوعد الحرquot; النائب أمجد المجالي لـquot;إيلافquot; أن الكتلة ترفض قرار الرئيس رفع الأسعار، وتعتبره استقواء على جيب المواطن، واصفًا الرئيس الحالي بأنه ينتمي إلى طبقة السياسيين الليبراليين الجدد، الذين تغيب عنهم الأبعاد الاجتماعية عند اتخاذ القرارات.

خليفات مرشح الوعد الحر
وقال المجالي إن كتلته لا ترى في الرئيس الحالي رجل المرحلة، وبالتالي فهي لن ترشحه، بل اختارت نائبه وزير الداخلية الحالي الدكتور عوض خليفات، حيث وجدت فيه الكتلة، بحسب المجالي، الأسس المحددة، لكونه يمتلك شخصية إدارية قيادية، ويتسم بالنزاهة.

أما في ما يتعلق بإعادة تكليف النسور وحسم الملك عبدالله الثاني (صاحب الولاية) في اختيار رئيس الحكومة الحالي، فأوضح المجالي قائلًا quot;نحترم قرار الملك، وسنحاسب الرئيس على أساس برنامج واضح، وما يتفق مع طرح عمل الكتلة البرلماني بأن الرئيس المقبل لن يستهدف جيوب الفقراء من أبناء الأردن، وأن على الحكومة الإسراع في إعادة الأموال المنهوبة من قبل الفاسدين، وفرض ضريبة على البنوك، ورفع الرسوم والضرائب على شركات التعدين.

استعراض إعلامي
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي سلامة درعاوي في مداخلة لـquot;إيلافquot; أن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية نهج حكومي مطبّق شهريًا منذ انتهاج سياسة تحرير المحروقات في المملكة، أيًا كان رئيس الحكومة، وسواء بوجود برلمان أو لا. ويعتقد أن الغالبية البرلمانية لن تتراجع عن ترشيح النسور، وأن ما أدلى به النواب من خطابات هو مجرد استعراض إعلامي وحفظ لماء وجههم أمام قواعدهم الشعبية.

ورجّح درعاوي أن لا يتراجع الرئيس النسور عن قرار الرفع، ورأى أنه الأوفر حظًا في تشكيل الحكومة المقبلة، كما إن الرئيس سيقوم في شهر نيسان/إبريل برفع أسعار الكهرباء، التي تعدّ شرطًا أساسيًا لصندوق النقد الدولي، من أجل منح المملكة الدفعة الثانية من القرض، والبالغ 2 مليار دولار.

خبير الشؤون البرلمانية وليد حسني يشير إلى أن الضجّة التي رافقت رفع أسعار المشتقات النفطية جاءت في ظل قيام النواب بإعادة ترشيح رئيس الحكومة الحالي لرئاسة الحكومة، هذا الأمر أحرج النواب، وباتوا في مواجهة مع الشارع والناخب، ما دفع بهم إلى العمل ضمن اتجاهين، وتحديد نهجهم في التعامل مع الحكومة في أول مواجهة بينهم وفق الخبير حسني. وأضاف quot;كذلك هي رسالة إلى الشارع، لكي لا يسقط المجلس السابع عشر، وتبدأ الهتافات ضده في الشارع الأردني الذي يشهد حراكًاquot;.

توقعات بعلاقة متوترة مع البرلمان
في ظل مشهد نيابي منقسم بين مؤيد لترشيح النسور ورافض ومتحفظ على ترشيحه، يقول حسني إن حالة الانقسام واضحة في كتل الغالبية، التي رشحت الرئيس الحالي (عبدالله النسور)، مدللًا على ذلك بقيام كتلة وطن والوسط الإسلامي برفع كتاب رسمي إلى رئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة، يتضمن عدم تسمية النسور كرئيس للحكومة.

أخيرًا، يعتقد درعاوي أنه، مع توقعات بإعادة تكليف النسور رئيسًا للحكومة خلال الفترة المقبلة، سيكون رئيسًا لفترة لن تتجاوز 6 أشهر إلى حين بدء الدورة العادية للبرلمان المحددة دستوريًا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول. غير أن حسني توقع ألا ينعم الرئيس النسور بعلاقة مريحة مع البرلمان، وأنه سيواجه معارضة، خصوصًا من قبل الكتل التي ترفض ترشيحه.