صورة المُصلح الليبرالي التي بدا عليها رجب طيّب أردوغان سابقا تتبدّد، لتحلّ محلها صورة مستبدّ لا يطيق الصحافيين ويتورّط في ملاحقتهم والإساءة الى عملهم.


لميس فرحات من بيروت: على الرغم من أنه قدم نفسه كنموذج إصلاحي في بلاده، إلا أن رئيس الوزراء التركي شن حملة على وسائل الاعلام، مطالباً بطرد الصحافيين الذين ينتقدون أنقرة، مصراً على تعيين صحافيين متعاطفين مع الحكومة في المنصب والأدوار الرئيسية.

يتهم كبار الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان أردوغان باستخدام ما يسمى quot;الإصلاحات الليبراليةquot; من أجل ترسيخ قاعدة سلطته الخاصة وتكميم أفواه وأقلام الصحافة الناقدة.

هذا الشهر، أعرب أردوغان عن غضبه الشديد بسبب مقال لصحافي يحظى باحترام كبير تضمن نشر القصة التي سربت تفاصيل عن عملية السلام الكردية.

وقال: quot;إذا كانت هذه الصحافة، فعليها اللعنةquot;، مهاجماً الصحافي حسن كمال لأنه ارتكب quot;جريمةquot; بالدفاع عن نشر السبق الصحفي.

في الأسبوع الماضي، طرد جمال من صحيفة ميليت لينضم إلى قائمة من كبار الصحافيين الذين تعرضوا لضغوط سياسية متزايدة، ووجدوا نفسهم عاطلين عن العمل ليدفعوا ثمن جرأتهم في مناقشة المسائل الحساسة ومواجهة استبدادية أردوغان.

وقد تم توثيق التطورات المثيرة للقلق في تركيا التي تعمل فيها وسائل إعلام كبيرة ومتنوعة، وذلك في تقرير جديد تنشره منظمة العفو الدولية. وتنتقد جماعات حقوق الانسان quot;مئات المحاكمات التعسفيةquot; في تركيا ضد نشطاء من الكتاب والصحفيين والمحامين، مشيرة إل أن هذا يحصل تحت غطاء من الإصلاحات التي فشلت في معالجة مشاكل حقوق الإنسان.

هذه النتائج شبيهة بما توصلت إليه لجنة حماية الصحفيين التي وصفت تركيا بـ quot;أكبر سجن للصحفيين في العالمquot; وفي مرتبة قبل ايران والصين.

وتعتبر منظمة مراسلون بلا حدود إن 72 صحافيا على الأقل وضعوا خلف القضبان في دراسة استقصائية أجريت عام 2012.

مسألة حسن كمال سلطت الضوء من جديد على تحول أردوغان من بطل إصلاحي انتخب قبل عشر سنوات إلى شخصية حديدية ديكتاتورية مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويقول أصدقاء كمال في صحيفة ميليت ان زميلهم تلقى سلسلة من الاتصالات الهاتفية المسيئة من المكاتب الحكومية قبل أن تتطور الأمور لتصل إلى إقالته.

ونفى أحد السياسيين الذي طلب عدم ذكر اسمه أن يكون لأردوغان يد في إقالة كمال، فقال: quot;لنكن واضحين، لم يتصل أحد بالصحافي حسن كمال ولم يتورط أحد في الحكومة في إقالته، كما يزعم البعضquot;.

quot;حرية الصحافة قد اختفت بشكل لم يسبق له مثيل ولم نشهده من قبلquot;، قال محمد ألتان، وهو أستاذ في جامعة اسطنبول الذي خسر وظيفته في المجال الصحفي بعد أن انتقد الحكومة.