نقل القيادي الاسلامي أبو العلا ماضي عن الرئيس المصري قوله إن جهاز المخابرات جنّد 300 ألف بلطجي، كانوا يخرجون في تظاهرات الاتحادية، فأثار عاصفة من الاستنكار، ودفع بأحد المحامين لتقديم بلاغ ضد مرسي متهمًا إياه بالتخطيط لأخونة المخابرات بعد الاساءة إلى سمعة قياداته.
القاهرة: أثارت تصريحات رئيس حزب الوسط، المهندس أبو العلا ماضي، حول إنشاء جهاز المخابرات العامة المصري ميليشيات من البلطجية، يقدر عديدها بنحو 300 ألف شخص، عاصفة من الغضب الممزوج بالجدل، لا سيما أنه نقل تلك التصريحات عن الرئيس محمد مرسي شخصيًا.
وقد اعتبر محللون هذه التصريحات مؤشرًا على توتر العلاقة بين المخابرات والرئاسة، فيما دافع آخرون عن المخابرات، نافين عنها أن تكون قد لجأت إلى تلك الأساليب يومًا، معتبرين أن الهدف من تلك التصريحات التشكيك في مصداقية جهاز المخابرات، تمهيدًا لإقالة قياداته وأخونته.
سمعت الكلام من الرئيس
وفقًا لمقطع فيديو يتحدث فيه المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، هناك تنظيم أنشأته المخابرات العامة قوامه 300 ألف بلطجي، منهم 80 ألفًا في القاهرة. وقد قال ماضي: quot;سمعت هذا الكلام من الرئيس شخصيًا في آخر لقاء تم بينناquot;، مشيرًا إلى أن المخابرات سلمت هذا التنظيم إلى المباحث الجنائية، التي سلمته بدورها إلى مباحث أمن الدولة، وكان يتبع مباحث أمن الدولة لمدة سبع سنوات قبل الثورة،
أضاف: quot;تنظيم كامل من 300 ألف بلطجي، وأنا أنقل الأرقام عن لسان رئيس الجمهورية، وهولاء هم أساس الأخطار الحقيقية، فهؤلاء من كانوا يخرجون في التظاهرات أمام قصر الإتحادية، حاملين السنج والخرطوش، ومن يحركونهم معروفون، وآخرون غير معروفين، ولست أدري لماذا لا يتم إتخاذ الإجراءات القانونية بحقهمquot;.
ونفى ماضي تلك التصريحات، قائلًا إن حديثه أتى استشهادًا بما كان يفعله النظام السابق من استغلال لأجهزة الدولة لتشكيل عصابات من البلطجية، quot;وما نعاني منه الآن ما هو إلا آثار هذا الماضي البغيض الذي لن يعودquot;، مشيرًا إلى تمسكه بإبقاء كافة الأجهزة السيادية من جيش وشرطة ومخابرات وقضاء وغير ذلك بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
إلا أن الجدل ما زال قائمًا، لا سيما في ظل صمت مرسي وعدم تعليقه عن المعلومات المنقولة عن لسانه شخصيًا.
كلام خطير
علق فؤاد حسين، اللواء في جهاز المخابرات سابقًا، على هذه التصريحات قائلًا إنها عارية عن الصحة، مشيرًا إلى أن تاريخ جهاز المخابرات العامة لا يسمح بمثل هذا الأمر.
واضاف حسين لـquot;إيلافquot; أن النظام السابق لم يكن يحتاج جهاز المخابرات لتدريب البلطجية، لأنه وقياداته كانوا قادرين على ذلك، quot;كما أن الشرطة، ولا سيما جهاز مباحث أمن الدولة والمباحث العامة في ذلك الوقت كانوا قادرين على تدريب البلطجية وتسليحهمquot;.
ولفت حسين إلى أن تصريحات ماضي قد تكون قابلة للتصديق لو قال فيها إن وزارة الداخلية أو جهاز أمن الدولة هما من درب 300 ألف بلطجي، quot;لأن تدريب البلطجية لا يدخل ضمن مهام المخابرات، التي تضم عددًا من الأقسام ليس بينها قسم تدريب البلطجيةquot;.
واستبعد حسين أن يكون مرسي قد قال هذا الكلام الخطير، وشدد على ضرورة تقديم دليل على صدقية تلك المعلومات، لأنها ضربٌ في شرف جهاز مخابرات، له تاريخ مشرف ويرتبط بعلاقات جيدة مع الشعب.
ولفت إلى وجوب فتح تحقيق حول هذا الكلام، quot;ولو صح يجب محاسبة من قاموا بهذا العمل، ولو كان خاطئًا فيجب محاسبة من طعن في شرف جهاز المخابراتquot;.
بلاغ ضد مرسي
تهدف تلك التصريحات إلى تلطيخ سمعة جهاز المخابرات العامة، بحسب ما قاله اللواء حسين كمال، مدير مكتب اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات الأسبق، quot;ضمن مؤامرة تلطيخ سمعة الأجهزة المصرية كلها، بدءًا بالمؤسسة العسكريةquot;.
وأضاف: quot;جهاز المخابرات جهاز وطني، يعمل لصالح مصر أولًا وأخيرًا، ولا يعمل لصالح أي فصيل معينquot;، ودعا مرسي إلى أن يصدر بيانًا ويكذب هذه التصريحات، وأن يحاسب مسرب تلك الشائعات.
ويرى آخرون أن تلك التصريحات المنسوبة لمرسي تكشف عداء الإخوان لمؤسسات الدولة، معتبرين أنها تمثل بداية لتفكيك جهاز المخابرات والجيش، بهدف إنشاء أجهزة موازية. وقال الدكتور سمير صبري، المحامي بالنقض والدستورية العليا، إن هذا التصريح أمر خطير، لا يستهدف إلا الإساءة لهذا الجهاز الوطني العظيم وسمعته فحسب، بل يستهدف التحريض ضده والتمهيد لتفكيكه ومحاكمة أعضائه بهذه الاتهامات الظالمة، وفتح الطريق لتشكيل جهاز مخابرات إخواني.
وأضاف في بلاغ تقدم به للمدعي العام العسكري ضد مرسي وماضي، وأرسل إلى quot;إيلافquot; نسخة منه، أنه يخشى أن يكون هذا الحديث تمهيدًا لتفكيك هذه الأجهزة، وإشارة للتيارات الإسلامية لمحاصرتها والهجوم عليها كما فعلوا قبل ذلك مع أمن الدولة، quot;وهذا يصب في مصلحة دول وحركات وتيارات تمسك المخابرات العامة بوثائق ومستندات ضدهاquot;.
ولفت إلى أن هذا التصريح يكشف عن عداء مرسي لأجهزة الدولة، ويؤكد أن هناك مخططًا إخوانيا لتفكيك مؤسساتها والقضاء عليها، الواحدة تلو الأخرى.
تمهيد لأخونة المخابرات
قال الخبير الأمني اللواء محمود السعيد لـquot;إيلافquot; إن الخطوة التالية لضرب المصداقية هي الحديث عن ضرورة تطهير جهاز المخابرات ومحاكمة رموزه الذين تورطوا في قضايا فسادـ أو في إنشاء ميليشيات البلطجية.
وأشار السعيد إلى أن الخطوة الثالثة تتمثل في إقالة قياداته وتعيين قيادات من الإخوان أو ممن يدينون بالولاء لمرسي، منبهًا إلى استحالة فصل تلك التصريحات عن تصريحات سابقة لقيادات إخوانية حول تعيين الرئيس الأميركي باراك أوباما 600 شخصية مدينة في مواقع عسكرية أو أمنية.
ولم يسبح النائب السابق مصطفى بكري، المقرب من الجيش والمخابرات، بعيدًا. فقد رأى في تلك التصريحات مقدمة لما وصفه بأخونة المخابرات.
وقال في تصريح صحافي: quot;هذا الأمر خطير، يكشف النقاب عن تحريض سافر ضد جهازنا الوطني، الذي عجزت إسرائيل أمامه، فجاء رئيس الدولة ليهين الجهاز ويحرض عليهquot;.
أضاف: quot;الهدف معروف وهو تفكيك هذا الجهاز تمهيدًا لأخونتهquot;.
التعليقات