لقيت مبادرة الشيخ محمد بن زايد لخفض تكاليف الزواج أصداء إيجابيةلدى الشاب الاماراتي، الذي كان يعاني الأمرين من غلاء المهور وتكاليف حفل الزفاف، فينقطع عن الزواج أو يقترن بأجنبية لا تكلفه الكثير، ولا تضعه تحت أعباء الديون.


دبي: أطلق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، مبادرة تقضي بتغيير مواعيد الأعراس وتحديد وقتها بساعتين فقط، لتكون من الرابعة عصرًا حتى السادسة مساء، إضافة إلى منع تقديم الوجبات الرئيسية في الأعراس، والعمل على الحد من إقامة حفلات الزواج الضخمة في الفنادق، وضرورة الاقتصاد في التكاليف والاكتفاء بحفل بسيط، وتشجيع حفلات الزفاف الجماعية، وذلك ترشيدًا للنفقات وتخفيفًا من الأعباء الكثيرة التي يتحملها الشباب في مقتبل حياتهم من انفاق أموال طائلة على الأعراس.

هذا وقد كانت البداية والقدوة التي ضرب بها ولي عهد أبوظبي وشيوخ الإمارات مثلًا أعلى لمواطني الدولة في أفراح آل نهيان، حيث تمت إقامة عرس الشيخ عمر بن زايد آل نهيان نجل الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في حفل زفاف مشترك جماعي مع عدد من المواطنين.

ولم يتم تقديم أي وجبات رئيسية في تلك الأعراس، كما أقيمت في ساحة عادية جدًا بأرض الاحتفالات بمنطقة المشرف بأبوظبي. ولم تكن تكلفتها عالية، إنما كانت تكلفة بسيطة، إذ لم تتجاوز مدة الحفل ساعتين، بين الرابعة عصرًا والسادسة مساء. وذلك لتسهيل الحياة عبر تخفيف الاعباء عن الشباب والفتيات، والتخلص من آفة التفاخر والمغالاة في حفلات الزفاف والمهور، ما أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة بين فتيات الدولة وانتشار الزواج من أجنبيات.

تجاوب من المجتمع

لاقت المبادرة صدى إيجابيًا في المجتمع الإماراتي، بين الشباب والفتيات الإماراتيين الذين قالوا لـquot;إيلافquot; إن هذه المبادرة ستزيح عن كاهلهم عوائق كثيرة ومنها تكاليف الزواج المبالغ فيها جدًا، والتي قد تزيد عن مليون درهم ولا تقل بأي حال من الاحوال عن 500 ألف درهم، فضلًا عن أنها ستكون سببًا مباشرًا في حل أزمة تأخر سن الزواج لدى الجنسين، وكذلك حل مشكلة العنوسة.

وأشار بعض الفتيات إلى أن المبادرة أقفلت كل مهرب للشباب من الزواج بحجة نقص المال، ولن يكون لديهم أي مبرر لاستمرار فترة الخطوبة لسنوات طويلة انتظارًا لجمع تكاليف العرس وتأثيث المنزل.

وأكد الموظف عبدالله راشد أن متوسط تكلفة مشروع الزواج لأي شاب يصل إلى مليون درهم، من حيث تقديم مهر للعروس وتأثيث منزل وتكاليف ليلة الزفاف من مأكولات ومشروبات وحجز قاعة العرس. وهو الأمر الذي كان يدفع معظم الشباب إلى العزوف عن الزواج لسنوات طويلة حتى يستطيعوا تكوين مبلغ كبير من المال يمكنهم من خلاله تحمل تكاليف هذا الزواج.

وأوضح أن ذلك كان تترتب عليه مشاكل اجتماعية كبيرة وخطيرة أهمها استمرار بل زيادة الخلل في التركيبة السكانية للدولة من حيث أن عدد السكان المواطنين سيتناقص نتيجة تأخر الإنجاب ونقص أعداد المواليد، وفي المقابل تزيد اعداد الوافدين بصورة كبيرة لأنه ليست لديهم ازمة في تكاليف الزواج كتلك التي يواجهها الاماراتيون.

لا مبرر

لفت راشد إلى أن من المشاكل الأخرى اضطرار الفتيات إلى الزواج من وافدين، ومن ثم الوقوع في مشكلات من نوع آخر من تشتت الأسر والأبناء وما يتبعه من مشكلات الطلاق في بعض الأحيان، وتربية أبناء الإمارات في دول ذات قيم وعادات وتقاليد وثقافة مختلفة، وهنا قد يكون ولاء هؤلاء الأبناء للدولة التي تربوا ونشأوا فيها وليس للإماراتquot;.

وأوضحت الموظفة مريم يوسف أنه لن يكون هناك مبرر لدى الشباب الإماراتي الآن لتأخير سن الزواج أو الهروب من الزواج من الفتاة المواطنة والسعي للزواج من أجنبية أو وافدة، بحجة أن الزواج من الاماراتية مكلف جدًا .

ولفتت إلى أن مبادرة ولي عهد ابوظبي ستحد من نسبة العنوسة التي انتشرت كالوباء بين الفتيات الاماراتيات، وستعالج تلك المشكلة بشكل كبير، كما أنها ستخفف الاعباء المادية المطلوبة لدى الشباب الراغبين في الزواج، وستوفر مئات الآلاف من الدراهم لهم.

وطالبت يوسف بضرورة التمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة لمجتمع الإمارات والعودة للبساطة وعدم المبالغة والبعد عن التقليد الأعمى الذي يقوم به معظم المواطنين في حياتهم بشكل عام وليس في حفلات الزفاف فقط.

تغيير العادات السيئة

قالت الطالبة الجامعية نوره خالد إن مشاركة الشيخ عمر بن زايد في حفلة زفاف جماعية أكبر دليل على الرغبة الحقيقية في تغيير ثقافة البذخ والتفاخر التي لم تجلب إلا المشاكل الأسرية والاجتماعية، quot;لذلك علينا أن نلتزم بمبادرة شيوخنا لنبذ وتغيير أي عادة سيئة في مجتمعنا، من أجل حماية شباب وفتيات الدولة، وحرصًا على مستقبلهم وحل مشاكل العنوسة وتأخر سن الزواجquot;.

وأضافت: quot;توجيهات القيادة الإماراتية تأتي سيرًا على نهج الراحل الشيخ زايد، وتدعو بالعودة إلى الأصول والاقتداء بسلوك الأجداد والآباء والبعد عن الإنفاق التفاخري وعدم الاقتراض من المصارف، وعيش حياة واقعية تتناسب مع دخل الأفراد، حتى يتم بناء مجتمع مكون من أسر متماسكة ومستقرة وآمنة خالية من الديون البنكية.

غلاء المهور

أشار الموظف علي مطر إلى أن هذه المبادرة ستساعد الشباب على بناء حياتهم الأسرية في وقت مبكر، من دون الانتظار حتى تحصيل تكاليف العرس التي تصل إلى مليون درهم تقريبًا، لافتًا إلى أن quot;المبادرة التي اطلقها شيوخ الامارات تحمل دعوة ضمنية لحث الناس على تخفيض المهور ايضًا، حيث أن المهور مرتفعة جدًا وتكون في المتوسط 250 الف درهم، علاوة على أن الشاب المطالب بالزواج يتحمل كل شيء، فعليه مهمة تكوين منزل وتأثيثه كاملًا وتجهيز حفلة عرس ضخمة تليق بالحفلات التي نظمها اصدقاؤه واقرباء واهل العروسين من قبل، بتكلفة لا تقل بأي حال من الاحوال عن 500 الف درهم، وهذا كله يكون سبباً رئيسياً في عزوف الشباب عن الزواج من الاماراتيةquot;.

وأضاف: quot;الطفرة المالية والاقتصادية والعمرانية التي شهدتها الامارات، وما ترتب عليها من رفاهية مفرطة، جعلت الناس يبالغون في المهور والتباهي في حفلات الزفاف، واصبحت ثقافة البذخ والاسراف والتبذير هي السائدة، ما أثر سلبًا على بناء الاسر الاماراتية الخالصة من أب إماراتي وأم إماراتية واستقرارها وتماسكها، فاختلطت الأسر بجنسيات وافدة أثرت في نسيج المجتمع الاصلي ومستقبل أبنائهquot;.

ونوّه مطر بأن مبادرة شيوخ الدولة تسترجع حياة المجتمع الاماراتي البسيطة الجميلة التي كانت في فترات السبعينيات والثمانينيات.

قدوة ومثال أعلى

من جانبه، قال الطالب الجامعي فيصل حسين: quot;شيوخنا هم قدوتنا ومثالنا الأعلى، وسنلتزم بمبادرتهم التي تصب في مصلحة الوطن وأبنائه وفتياته في المقام الأول.

وأضاف: quot;ليس من المعقول أن يسعى إماراتي في مقتبل عمره لجمع مليون درهم من راتبه الشهري أو من قرض مصرفي، من أجل إنفاقه في ليلة واحدة ليتزوج، ومن ثم يكون مطالبًا بتوفير مبالغ أخرى للإنفاق على أسرته وتوفير حياة رفاهية لزوجته لا تقل عن تلك التي كانت تعيشها في منزل والدها أو تلك التي تعيشها أخواتها أو أقرباؤها أو صديقاتها، فضلاً عن السفر إلى خارج الدولة للاستجمام مرتين سنويًا صيفًا وشتاء، وهنا يقع الشاب في دوامة الديون التي لا تنتهي، فتنتهي حياته الزوجية سريعًاquot;.