ما زالت الأصداء حول وفاة رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر مستمرة. ففي بريطانيا أظهر استطلاع للرأي أن غالبية البريطانيين ينظرون اليها بإعجاب رغم احتشاد مئات الأشخاص في جنوب لندن للاحتفال بموتها.


لندن: احتشد مئات الأشخاص في جنوب لندن ليل الاثنين للاحتفال بموت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر بعلب البيرة وقناني الحليب والرقص على موسيقى فيلم يستعرض سنواتها في الحكم.

وتوافد شبان وشيوخ على ضاحية بركستن جنوب لندن التي شهدت موجتين من التظاهرات العنيفة وأعمال الشغب في عهد تاتشر. واعرب كثيرون عن فرحهم برحيل القائدة التي كانت هوايتهم المفضلة ابداء الكراهية ضدها. وتحدث آخرون عن مشاعر الاحباط التي اعتاش عليها إرثها السياسي والاقتصادي.

ورُفعت لافتات تحمل صورة تاتشر فيما ردد المحتفلون على ايقاع الموسيقى هتاف: quot;ماغي ماغي ماغي ماتت ماتت ماتتquot;. وقال المشرف التربوي كلايف بارجر البالغ من العمر 62 عامًا إنه حضر للاحتفال بموت تاتشر التي كانت تجسّد quot;واحدًا من أبغض الفصول في التاريخ الاجتماعي والاقتصاديquot;.

وأضاف بارجر أن موت تاتشر لحظة ستبقى ماثلة في الذاكرة quot;فهي كانت تمثل كل ما هو نخبوي بمفردات قمع المعدمين وقادت حربًا طبقيةquot;. وقال عامل البناء فيليب لويس (47 عامًا)، الذي شارك في الاحتجاجات على ضريبة البلدية عندما حاولت تاتشر فرضها عام 1990 إنه جاء لاستذكار النضالات السياسية التي دفعته سنوات تاتشر إلى الانخراط فيها. وأضاف أنها الحقت ضررًا كبيرًا ببريطانيا quot;وما زلنا نعاني من الآثارquot;.

ولم يكن جميع المشاركين في الاحتفال في سن يتذكرون معها سنوات تاتشر في الحكم. وقالت جيد ميلر (21 عامًا) وهي تحمل بيدها قنينة من نبيذ التفاح الخفيف إن تاتشر عاشت قبل زمنها ولكن لم تسمع عائلتها تذكر تاتشر بكلمة طيبة واحدة.

لكنّ الحاضرين لم يأتوا جميعًا للاحتفال بل قال الطالب راي ثورنتون (28 عامًا) إنه جاء لإحياء ذكرى ضحايا تاتشر. واضاف quot;أنه يوم مهيب ومن المهم أن نتذكر أن تركة تاتشر لم تمت ومن الضروري أن ينزل المواطنون إلى الشارع وألا يسمحوا للحكومة بتبييض صفحتهاquot;.

وخطَّت كيكي مادن العاطلة عن العمل على أحد الجدران عبارة تقول quot;انتِ خطفتِ حليبي وخطفتِ أمليquot; وقالت إنها تشعر ببعض الذنب لشماتتها بموت تاتشر quot;ولكن في نهاية المطاف لا استطيع أن أنكر أن تاتشر جعلتني تعيسة جدًا حين كنتُ طفلةquot;. وأوضحت مادن أنها نشأت في مدينة ليفربول حيث سُرح جميع اصدقاء والدها من العمل على ارصفة الميناء في عهد تاتشر. وقالت: quot;كانت فترة كالحةquot;.

وشجب عضو مجلس بلدية بركستن عن حزب العمال اليكس بيغهام الاحتفال بموت تاتشر قائلاً على توتير إنه quot;عمل شائنquot;. وفي مدينة غلاسكو الاسكتلندية احتشد اكثر من 300 شخص وسط المدينة لاقامة حفلة عفوية نُظمت عن طريق توتير.

وانضم مواطنون اعتياديون إلى الحفلة التي اقامتها منظمات بينها اتحاد مناهضة الضريبة على غرفة النوم الاضافية والحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي وحزب العمال الاشتراكي والتجمع الاشتراكي الأممي.
وأنشدت جوقة اغنية تحتفل بموت quot;الساحرةquot; فيما تعالى هتاف quot;ماغي ماغي ماغي ماتت ماتت ماتتquot; وفُتحت قناني الشمبانيا احتفالاً بالمناسبة.

الغالبية ينظرون إليها باعجاب

وإذا كانت تاتشر عامل تقسيم في حياتها فإن محصلة موقف البريطانيين منها في موتها تشير إلى أن غالبيتهم ينظرون اليها باعجاب، كما اظهر استطلاع جديد اجرته صحيفة الغارديان بالاشتراك مع مؤسسة آي سي أم. وتبين النتائج أن 50 في المئة من المشاركين في الاستطلاع قالوا في يوم وفاتها إنهم ينظرون إلى مساهمتها على أنها مساهمة ايجابية لبريطانيا مقابل 34 في المئة قالوا إنها أضرّت بالبلد.

وما زالت آراء البريطانيين تتسم بالحدة حين يتعلق الأمر بسجل تاتشر. فإن نصف المعجبين بها أي 25 في المئة وصفوا سجلها بأنه quot;جيد جداًquot;، فيما قال غالبية منتقديها إن سجلها quot;سيىء جدًاquot;. واتخذ 11 في المئة فقط موقفًا محايدًا قائلين إنها quot;لم تكن جيدة ولا سيئةquot;. وقال نسبة حتى اصغر من البريطانيين بلغت 5 في المئة إنهم لا يعرفون.

وترسم الاجابات عن اسئلة تناولت سياسات محدَّدة طبقتها تاتشر صورة متناقضة. لكنّ المشاركين في الاستطلاع قدموا رأيًا قاطعًا يرى فيها مثالاً يُقتدى بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في بريطانيا.

وقال ثلثا البريطانيين أو 62 في المئة إن مثالها قام بدور مهم في quot;تغيير المواقف من الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة في المجتمعquot;، في حين قال نصف هذه النسبة فقط 31 في المئة إنها لم تُحدث تغييرًا يُذكر في العلاقات بين الجنسين في المجتمع الأوسع quot;لأنها كانت تلعب بموجب قواعد وضعها الرجلquot;.

واظهر الاستطلاع أن النساء اكثر اقتناعاً من الرجال بأهمية المثال الذي قدمته تاتشر. إذ قالت 64 في المئة من البريطانيات إنها احدثت تغييرًا في المواقف الاجتماعية من المرأة. ولكن النساء أشد تحفظاً بشأن تقييم سجل تاتشر عمومًا في الحكم.

وقالت 48 في المئة من البريطانيات إنها كانت قوة من اجل الصالح العام مقابل 52 في المئة من الرجال. وكشف الاستطلاع عن وجود انقسامات مهمة أخرى بين البريطانيين. فإن 55 في المئة من الناخبين الانكليز قالوا إن تاتشر خدمت بريطانيا بالمقارنة مع 23 في المئة من الاسكتلنديين و34 في المئة من الويلزيين.