غيّرت الدعاية الكورية الشمالية صورة الزعيم الشاب كيم جونغ اون، من أب يرعى شعبه الى قائد حربي يتحدى كل الصعاب، وذلك في اطار مزايدات عدائية بين النظام وبين سيول وواشنطن.


سيول:في الاسابيع الاخيرة عمدت وسائل الاعلام الى اعتماد استراتيجية مشتركة لتبديل صورة quot;القائد الاعلىquot; بهدف ابراز هذا الرجل صاحب الوجه الطفولي والخطوات البطيئة في صورة quot;قويةquot;.وفي الواقع بدأ اظهار الشاب كيم في اطار عسكري برفقة ضباط كبار يبدو الوقار والرصانة على ملامحهم في لباسهم العسكري، وذلك بعد تسلمه الحكم مباشرة عقب وفاة والده كيم كونغ ايل اواخر العام 2011.
وكان القصد من ذلك حينها التأكيد للعالم على عملية انتقال ناجحة وولاء القوات المسلحة للرجل القوي الجديد الذي يفتقر الى الخبرة، والذي يقل عمره عن الثلاثين عامًا. وبعبارة أخرى التأكيد على استمرارية سياسة الوالد العسكرية عبر نجله.
ورأت كيتي اوه من مركز الابحاث الدفاعية في الكساندريا بولاية فرجينيا (شرق الولايات المتحدة) أن quot;من خلال احاطته بأعلى العسكريين رتبة يكسب الشاب كيم على الارجح درجة معينة من المصداقية من دون حتى أن يخدم في الجيشquot;.
لكن في منتصف العام 2012 تغيّرت اللهجة. لم تختفِ صور كيم-الجندي لكنها باتت اكثر ندرة ليظهر وجه رجل طيب مبتسم ابوي تحت ملامح المحارب.وعلى غرار جده كيم ايل سونغ مؤسس النظام في 1948، ثم والده كيم، يوزع كيم نصائحه بحسن التخطيط في المزارع والمعامل ويحمل رسالة المستقبل المشرق لـquot;جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبيةquot; في المدارس.
لكن الزعيم الجديد يبدو علنًا اكثر انفتاحًا من والده، فهو يلهو جهارًا ولا يخفي انشراحه في مكتبه وحتى أنه يظهر في حديقة ملاهي --فيما يعاني ملايين من الكوريين الشماليين من الجوع بحسب الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الموجودة في البلاد.
كذلك تعمد وسائل الاعلام الرسمية الى انتقاء صور زوجته الشابة الانيقة التي تضفي مسحة حديثة الى بلد منعزل مفلس يفتقر الى كل شيء.الا أنه يبدو أن الكوريين الشماليين تعودوا على ذلك.
وفي كتابه quot;العرق الانقىquot; يشير ب.ر. مايرز الخبير في الدعاية الكورية الشمالية الى أن كوريا الشمالية تدافع عن ايديولوجية مرتكزة على العرق تصبغ على الكوريين الشماليين فضائل اخلاقية اكثر من غيرهم، ولكن ليست جسدية، ما يرغمهم الى وضع انفسهم تحت حماية زعيم.
لكن الصورة تبدلت في اواخر العام 2012 مع نجاح اطلاق صاروخ فضائي (اعتبر صاروخًا بالستيًا في سيول وواشنطن) في كانون الاول/ديسمبر ثم تجربة نووية ثالثة في شباط/فبراير.وبات كيم-الجندي حاضراً في كل مكان، يتنقل بين التحصينات والخنادق ويتفقد بطاريات المدفعية في الجزر الحدودية في البحر الاصفر، ويقف في مقدمة سفينة عسكرية غير أبهٍ بالرياح والمطر.
وعندما تهدد كوريا الشمالية الولايات المتحدة بضربة نووية --يعتقد الخبراء أن هذا البلد لا يملك الوسائل التكنولوجية لذلك-- يقدم كيم في مكتبه في غرفة قيادة محاطًا بكبار الضباط، وخلفه خارطة لهيئة الاركان تفصل ضربات الصواريخ والاهداف الاميركية.
واعتبر بايون يونغ ووك المصور في صحيفة دونغ ايلبو الكورية الجنوبية المكلف منذ سنوات نشر الصور التي تبثها الدعاية الكورية الشمالية، quot;أن التغيير حصل بالفعل بعد التجربة النووية. فجأة اصبحت الصور توحي بالتهديدquot;.
واضاف quot;يمكن اعتبار بعض الصور مبالغاً فيها أو مثيرة للسخرية، لكن الشعب الكوري الشمالي يسلم بلا تردد بصورة الزعيم القوي والشجاعquot;.