تستعد جماعة الإخوان المسلمين لافتتاح مكاتب لها في سوريا، بعد عقود من القمع، الذي مارسته الحكومة السورية في الثمانينيات، في ما يبدو محاولة لاستعادة التأثير والنفوذ، والاستفادة من الانتفاضة، التي تتحوّل شيئًا فشيئًا نحو الإسلام المتشدد.


في ظل الجدال المحتدم حول الدور الذي تمارسه جماعة الإخوان المسلمين خلف كواليس الثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن الجماعة تستعدّ لفتح مكاتبها في سوريا بعد غياب ثلاثة عقود، وترجّح أن يشكك الكثير من الليبراليين والعلمانيين في نيات الإخوان المسلمين من وراء هذه الخطوة.

وتخشى بعض جماعات المعارضة من أن تتمكن جماعة الإخوان المسلمين من اختطاف الثورة، كما حدث في مصر، وأن تسيطر على المعارضة السورية، التي تعجز عن الاتحاد.

إعادة تنظيم
خطوة الإخوان لفتح مكاتب لهم في سوريا سابقة تعدّ الأولى من نوعها منذ الإطاحة بهذه المنظمة منذ عقود. وقال رياض الشفقة، زعيم الحركة المنفي، للصحيفة، إن الإخوان اتخذوا القرار أخيرًا، لإحياء الهياكل التنظيمية في سوريا، مطالبين مُناصريهم بفتح مكاتب الحزب في المناطق، التي يسيطر عليها الثوار.

ويخشى الكثير من معارضي الأسد من تعاظم نفوذ الإخوان وقوتهم التنظيمية، لا سيما شبكات جمع التبرعات القوية، التي قاموا بنسجها أخيرًا، التي قد تضمن سيطرتهم على المعارضة السورية الهشّة. ويأمل هؤلاء في نمط أكثر اعتدالًا في البلاد، في وقت يتنامى فيه الفكر المتشدد.

وقال الشفقة: quot;في البداية رأينا أنه يجب أن نمنح الثورة وقتًا، ولم يكن هناك مجال آنذاك لفرض الأيديولوجيات، أما الآن فيوجد العديد من المجموعات في الداخل، ونستشعر ضرورة إعادة تنظيم أنفسناquot;، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر كانت تأمل هي الأخرى في ترسيخ نمط تفكير إسلامي أكثر اعتدالًا، في وقت كانت تبرز فيه التيارات المتشددة والراديكالية.

نفوذ إعلامي
استهجن الشفقة ما أسماه الحملة التي تشنّ ضد جماعة الإخوان المسلمين، بدعم من قوات خارجية، نافيًا الاتهامات التي تطال التنظيم، بأنه يسعى إلى فرض سيطرته على المعارضة المنقسمة.

أضاف: quot;هؤلاء الذين يشنّون هجومًا علينا، ليس لديهم أي نفوذ على أرض الواقع، فهم مجرد شخصيات إعلامية تسعى من خلال مهاجمتها إلى خلق نفوذ لأنفسهاquot;.

يشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ظلت في المنفى منذ ثمانينيات القرن الماضي، بعد المجزرة التي تعرّضت لها في مدينة حماه على يد قوات نظام الرئيس السابق حافظ الأسد.

وقال الشفقة: quot;السياق الإقليمي والتساؤلات حول مدى التزام فروع الجماعة، التي تمكنت من الوصول إلى سدة الحكم في بعض الدول العربية نحو تطبيق الديمقراطية، لا تساعد على دعم قضيتنا داخل سوريا، بل على العكس، فربما أثار فوز الإخوان في كل من مصر وتونس مخاوف من نظرائهم في سورياquot;.

عودة رسمية
من الصعب التكهن إلى أي مدى ستتمكن الجماعة في سوريا من إعادة تأكيد وجودها، لاسيما أن المجموعات المسلحة هي التي تمسك بزمام الأمور على الأرض. كما إن العديد من المجموعات الثورية تنتمي إلى التيار السلفي، الذي يتبنى نهجًا أكثر تشددًا في تطبيق تعاليم الإسلام مقارنة بجماعة الإخوان.

من المرجّح أن كتائب درع الثورة السورية، التي برزت في العام الماضي، وتلقى دعمًا من إخوان سوريا، ستمهّد للجماعة طريق عودتها رسميًا على الصعيد السياسي.

وهذا يبدو واضحًا في حديث الشفقة، الذي قال إن هذه الكتائب تشكلت على أيدي أفراد يتبنون أجندة سياسية أقرب إلى أجندة الإخوان المسلمين، وليسوا أعضاء في الجماعة نفسها، quot;إنما هي مجموعات لديها قيادتها الخاصة، وقد أبدت موافقتها على تسليم السلاح بعد انتهاء الثورة في سورياquot;.

أما عن مصادر تمويل الجماعة، فقال الشفقة إن كل مصادر الدعم، التي تتلقاها الجماعة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، تأتي من أعضائها في المنفى، الذين يعمل معظمهم في دول الخليج، وليس من قطر أو تركيا، كما يعتقد البعض.