لا شك أن مصر تواجه حاليا تحديات أمنية كبيرة، في ظل حالة الانفلات الأمني التي تضرب أكثر من منطقة، وتلاحق الآزمات الاقتصادية وتأرج مستوى المعيشة، لدى شريحة كبيرة من المصريين.
ولعل ما تشهده بلد الأهرامات من عمليات تهريب للسلاح، رغم محاولات القوات المسلحة القضاء على البؤر الإجرامية ونقاط التهريب في شرق البلاد وغربها، فإن المشهد، خاصة في شبه جزيرة سيناء، يُنذر بعودة خطر التنظيمات الإرهابية ونشاط الجماعات المتطرفة.
فقد حذر القيادي في تنظيم الجهاد أسامة قاسم، من غضبة الجهاديين إذا ما استمرت الأوضاع في مصر على ما هي عليه دون تحسن، فيما هددت السلفية الجهادية الرئيس محمد مرسي إذا لم يقم بتطبيق الشريعة الإسلامية.
ومن قبل أعلن محمد الظواهري رئيس جمعية الدعوة السلفية الجهادية وشقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، رفضه كل ما يخالف الشرع فالانتخابات والديمقراطية والقضاء الوضعي تخالف الشرع ولا أعترف بالرئيس الحالي ولا بالسابق إنما أعترف بالشرع الاسلامي، واعتبر أن هذه الأنظمة تخالف الشريعة، وإذا قام الرئيس مرسي بتطبيق الشريعة quot;على عيني وعلى راسيquot; وإذا لم يطبقها سأطالبه بذلك من خلال الطرق الودية والاعتصامات السلمية quot;.
وأكد :quot;لست تابعا لأي تنظيم، ولكنني أتفق فكرياً مع كل التنظيمات من بينها تنظيم القاعدة وأتفق مع عقيدة القاعدة وليس مع عملها التنظيمي وأتفق مع أهل السنة والجماعة فى العقيدة حيث تجمعنا شريعة الاسلامquot;.
والظواهري الذي يعيش في القاهرة بعد سنوات قضاها في السجن خلال عهد النظم السابق، وعقب رحلة خارج البلاد انتقل خلالها بين افغانستان وألبانيا، ذكر أنه يتم الاعداد لفتنة بسيناء ويحدث انشقاق يهدد الأمن القومي المصري، مبديا استعداده للمساهمة فى حقن الدماء لوأد الفتنة.
وكان محمد الظواهري قدم مبادرة منذ شهور للوساطة بين الجماعات الاسلامية وأميركا والدول الغربية، لتحقيق ما قال عنه quot;هدنة لعشر سنواتquot;، واستعداده لمنع حدوث 11سبتمبر أخرى، وquot;أن يكف الغرب خلال تلك العشر سنوات عن التدخل فى بلاد المسلمين ونهب ثرواتهم وأن يقوموا بسحب جيوشهم من تلك الدول الاسلامية وألا يتدخلوا فى عقيدة المسلمينquot;.
وتصريحات عاصم عبد الماجد، المعروف بآرائه المتشددة، بإعلان اسقالته من مجلس شورى الجماعة الإسلامية التي يتزعمها عبود وطارق الزمر، وبدء العمل quot;الثوريquot; بين الجماهير للتصدي لما وصفه بـquot;الـثورة المضادةquot;، وذلك من خلال تفعيل نشاط حركة quot;أنصارquot;، معلنا قناعته بأن العمل الثوري يحتاج سقفا أعلى من الضوابط والقيود المفروضة علي الأحزاب والجماعات، وأن حركة quot;أنصارquot; التي يقودها تعمل بين الجماهير بهدف الأخذ على يد الظالم، وأن الحركة بدأت في العمل منذ شهور لمساندة الثورة السورية من خلال إرسال المعونات وإعانة عدد كبير من الأسر السورية التي جاءت إلى مصر.
تصريحات ممزوجة بالثقة والقدرة على التنفيذ، فيما تظل قبطة الدولة الأمنية في غياب مستمر، كما تثير هذه التصريحات الكثير من التساؤلات حول حجم هذه الجماعات في المجتمع وهل تمثل بالفعل تهديدا حقيقيا على الدولة ونسيج المجتمع المصري.
وقد كشفت تحقيقات مع عناصر ما عُرف بـ quot;خلية مدينة نصرquot; عن مخطط العمل العسكري لهذه الجماعات في المدن المصرية الكبرى واستهداف الأقباط، وتفجير منشآتهم الحيوية، والمصالح الأميركية في مصر، وأن شبه جزيرة سيناء نقطة انطلاق عمليات التي يصفونها بـ quot;الجهاديةquot; وتدريب أفراد التنظيم وتصنيع العبوات الناسفة وتركيب الصواريخ والقذائف.
كذلك لا يمكن تجاهل أن هناك جماعات متطرفة تتحرك بحرية ما بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وأن تحركها يسبب الكثير من المشاكل لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وأن هذه الجماعات التي تنتمي الى السلفية الجهادية بما يعرف بـ quot;مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدسquot; .
الوضع الراهن في سيناء وانتشار البؤر الإجرامية والجماعات المتطرفة الي شرعت في الخروج من القبو لتعلن عن وجودها وفرض رؤيتها، ربما يدفع الولايات المتحدة الى التفكير في إعادة توجيه المساعدات الأمنية التي تقدمها لمصر للمساعدة في مكافحة العنف والتطرف ووقف نشاط الجماعات المسلحة في سيناء والتي باتت تمثل عامل قلق لواشنطن وحليفتها إسرائيل وللاستقرار في مصر، بما يهدد مصلحها الاستراتيجية في المنطقة.
الجماعات التي تحمل افكارا متشددة، أعلنت عن نفسها ولن تتراجع، وأن مصر ما بعد 25 يناير أمام تحدي خطير يمكن يمكن أن ينال من هيبة الدولة ويقوض أي جهد في اتجاه الاستقرار، ويشكل تهديدا للسلم والأمن إقليميا ودوليا.