توثق زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلى المملكة المتحدة العلاقات الدبلوماسية والسياسيّة والتجاريّة بين البلدين، وهي علاقات متجذرة في قديمها المتين ومزهرة في الاتفاقيات الجديدة المرتقبة.


لندن:بدأ رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان اليوم زيارة رسمية للمملكة المتحدة تستمر يومين تلبية لدعوة من الملكة إليزابيث الثانية، وهي الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الامارات منذ زيارة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في 1989.

واستقبلت الملكة اليزابيث الثانية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في قصر ويندسور غرب لندن الذي وصله في عربة تجرها خيول. والاربعاء يلتقي رئيس دولة الامارات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لقاء تبحث خلال عدة مسائل هامة.

والاربعاء سيتوجه الرئيس الاماراتي الى ويستمنستر في زيارة قصيرة للامير اندرو النجل الثاني للملكة اليزابيث وسيضع اكليلا من الورد على نصب الجندي المجهول.

ثم سيتوجه الى كلارنس هاوس المقر الرسمي للامير تشارلز ولي عهد عرش بريطانيا.

وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش أن زيارة الشيخ خليفة بن زايد quot;لن تشمل مناقشة إعفاء المواطنين من تأشيرة الزيارة لأن ذلك يعد شأناً بريطانياً يسير وفق إجراءات محدّدة تتبعها الجهات المختصّـة في لندنquot;.

وأشار قرقاش في تصريحات للوفد الإعلامي المرافق لرئيس الدولة إلى أن quot;الإمارات ستوقع اتفاقات عدة مع الجانب البريطاني خلال الزيارة، أحدها حول تبادل الرأي والتشاور حول القيم والمبادئ العالمية، كالاتفاق على تعريف الإرهاب، وغيره من المصطلحات السياسية المتعارف عليها والمستجدةquot;.

وأضاف وزير الدولة للشؤون الخارجية أن quot;علاقة الإمارات ببريطانيا واحدة من أفضل العلاقات، خصوصاً أنها تاريخية وممتدة منذ أكثر من 60 عاماً، ولم تخرج يوماً طوال هذه الفترة عن كونها علاقة متميزةquot;.

مبالغات إعلامية

وتأخذ الزيارة التي يقوم بها الشيخ خليفة بن زايد حيزًا مهمًا من الاهتمام الرسمي والشعبي والاعلامي في الدولتين على السواء، إلا أن الصحف البريطانية عكرت صفوها بإثارة مسألة السجون والتركيز على قضية ثلاثة بريطانيين معتقلين في دبي بتهمة حيازة المخدرات.

في هذا السياق، عزا قرقاش أسباب الانتقادات والحملات الإعلامية السلبية ضد الإمارات، التي تشنها بشكل شبه متواصل وسائل الإعلام البريطانية إلى quot;وجود مَن يغذي هذه الوسائل بمواد وتقارير سلبية عن الدولة بشكل شبه يومي ومتواصل ومركزquot;، موضحاً أن quot;وسائل الإعلام عادة ما تبحث عن مادة تنشرها، ووجود أشخاص ومنظمات موجّهة يساعدها على الحصول على هذه المواد التي لا تجعلها تتردد في النشر بغض النظر عن صدقية المحتوىquot;.

ولفت قرقاش إلى أن quot;طبيعة الإعلام البريطاني تتركز على نشر السلبيات وليس العكس، فهناك 120 ألف بريطاني يعيشون في دولة الإمارات وهم يشكلون ثالث أكبر جالية بعد كل من أميركا وإسبانيا، فهل كانوا سيعيشون جميعهم في الإمارات لو كانت مُدنها غير مناسبة؟quot;، كما تساءل قرقاش: quot;هل من المنطقي أن تنشر وسائل الإعلام الأخبار الطبيعية الجيدة عن حياة هؤلاء الـ120 ألفاً جميعهم؟quot;، مشيراً إلى أن quot;الإعلام بطبيعته يركز على كل ما هو سلبي يتعرض له أبناء الجالية البريطانية، وهذه الحالات لا تتجاوز أربع أو خمس حالات سنوياً، وغالباً ما يتعرضون لما يعتبرونه سلبياً نتيجة ممارسات شخصية منهم، أو لوجود خلل أيضاً في بعض مؤسسات الدولة، وإن وجد فلا بد من الانتباه له وتغييرهquot;.

وأكد قرقاش أن quot;على الجهات المختصة تطبيق القوانين والأنظمة المعمول بها في الدولة على الجميع دون محاباة، ودون الالتفات إلى مثل تلك الحملاتquot;.

وقال: quot;الإعلام البريطاني عادة ما يبالغ في تضخيم الأمور، وإننا في الإمارات أيضاً نعاني حساسية تجاه نقل مثل هذه الأخبارquot;.

وكانت الملكة اليزابيت زارت الإمارات عام 2010 أما كاميرون فزارها نهاية العام الماضي. وانتهت زيارته بإصدار بيان مشترك أكد استمرار الشراكة الإماراتية - البريطانية في ما يتصل بتعميق العلاقة الدفاعية ومواصلة تطوير الخطط المشتركة من أجل أمن الإمارات ومنطقة الخليج ككل.

وقالت الإمارات إن الزيارة quot;ستفتح ملف العلاقات الاماراتية - البريطانية التي تمتد لعقود طويلة وتؤسس لعلاقات مستقبلية أكثر تطوراً بفضل الإمكانات التي يتمتع بها البلدانquot;.

وتُسهم زيارة الشيخ خليفة بن زايد في تعزيز العلاقات بين البلدين، وتسهيل إجراءات منح التأشيرات للإماراتيين، بالاضافة إلى تأكيد التعاون بين البلدين في مسائل الدفاع والأمن والقطاع العسكري، والاستمرار في البرامج المشتركة، وعمل اللجنة المشتركة بين البلدين التي تأسست في العام 2010، وتدريب الإماراتيين في أكاديمية ساند هيرست العسكرية.

في هذا السياق، أكد دومينيك جيرمي، السفير البريطاني لدى الإمارات أن quot;اللجنة المشتركة عززت العلاقات بين البلدين في مختلف النواحي الاستثمارية والثقافية وفي قطاع الأعمال، ولعبت دورًا مهمًا في زيادة الاستثمارات وتقوية الروابط الثقافية، وفي مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة مثل مكافحة أخطار الإرهاب وانتشار الأسلحة النوويةquot;.

بالأرقام

يدخل إلى الإمارات نحو مليون سائح بريطاني سنوياً. في المقابل يزور بريطانيا نحو 50 ألف سائح إماراتي سنوياً.

كما أن تعزيز العلاقات جذب أربعة آلاف شركة بريطانية إلى العمل في الإمارات في مختلف المجالات، كما تشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من مئة ألف بريطاني يعيشون في الإمارات، ويعملون في مجالات الطب والتعليم والهندسة والمقاولات والبترول.

كما تعد الإمارات من أهم شركاء بريطانيا التجاريين في الشرق الأوسط، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما بنهاية العام 2012 نحو 61 مليار درهم، اي ما يعادل 11 مليار جنيه إسترليني.

وللشركات الإماراتية حضور قوي في بريطانيا، ومنها شركة أبوظبي للمعارض quot;أدنيكquot;، التي حازت على حصة 30 في المئة من تنظيم أولمبياد لندن الأخيرة، وquot;طاقةquot; التي تزيد استثماراتها على أربعة مليارات جنيه إسترليني وquot;مصدرquot; وquot;دبي للموانئquot;.