بين الإمارات المتحدة والمملكة المتحدة صلات سياسية واقتصادية وتجارية ونفطية ورياضية وطيدة، وتوثق العروة بينهما أكثر زيارات متبادلة، تضيف إلى هذه العلاقات تنسيقًا مستمرًا.

دبي: يبدأ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم زيارة رسمية للمملكة المتحدة تستمر يومين، تلبية لدعوة الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا. وهذه هي الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها الشيخ خليفة للمملكة المتحدة منذ زيارة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العام 1989.
تميزت العلاقات الإماراتية البريطانية على مدى عقود طويلة بعلاقة تبادلية، تتجدد كل فترة لتعزيز أواصر الصداقة التاريخية بين البلدين، الممتدة منذ أكثر من 200 عام.
سجل زيارات حافل
أسس لهذه العلاقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في خمسينات القرن الماضي، حين قام في العام 1953 بزيارة للندن، تعرف خلالها إلى مظاهر النهضة العمرانية، في وقت كانت فيه دبي تشهد تطورًا تجاريًا ملحوظًا أتاح للعديد من الشركات البريطانية، كشركة quot;كري مكنزيquot; وquot;البنك البريطاني للشرق الأوسطquot; وغيرهما، فرصة العمل في دبي ومواكبة تطور الإمارة ودولة الإمارات بشكل عام.
وبين العامي 1960 و1966، قام الشيخ زايد بن سلطان بزيارات لبريطانيا، هدفت في مجملها إلى التعرف إلى مشروعات قد تفيد الإمارات في نهضتها، فأجرى في ايار (مايو) 1966 مباحثات مع دبلوماسيين في وزارة الخارجية البريطانية.
وفي العام 1989، قام الشيخ زايد بزيارة رسمية للمملكة المتحدة، حظي خلالها باستقبال الملكة. وكان للزيارة وقع سياسي مهم بين البلدين.
من الجانب البريطاني، قامت الملكة إليزابيث الثانية بزيارتها الرسمية الأولى للإمارات في 25 شباط (فبراير) 1979، وشاركت حينها في افتتاح مقر بلدية دبي الحالي، بحضور الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية رئيس البلدية، وافتتاح مقر مركز دبي التجاري العالمي ومقر ميناء جبل علي، وتسلمت مفتاح مدينة دبي.
وفي العام 2010، قامت إليزابيث بزيارة رسمية أخرى للإمارات، أعطت انطباعًا قويا عن مدى وثوق العلاقات بين البلدين، التي تعززت على المستويين الرسمي والشعبي.
وفي الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، جاءت زيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للإمارات ترسيخًا لعلاقات الصداقة التاريخية بين البلدين، التي تمتد لأكثر من 200 عام، إذ أكد كاميرون خلال الزيارة عمق علاقات الصداقة بين الإمارات وبريطانيا.
وجهات سياحية مفضلة
والحديث عن العلاقات الوثيقة ليس سرابًا، إذ تشير الإحصائيات إلى أن العلاقات الإماراتية البريطانية التاريخية أثمرت عن شراكات تجارية واقتصادية متنوعة، إذ يتوجه آلاف الإماراتيين سنويًا لزيارة المملكة المتحدة، للسياحة أو للعمل والدراسة. وفي المقابل، تعتبر الإمارات إحدى أفضل الوجهات السياحية للبريطانيين.
وتكشف بيانات مجلس الأعمال البريطاني أن الفنادق الإماراتية استقبلت أكثر من 930 ألف نزيل خلال العام 2012، فيما تشير بيانات دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي إلى أن نزلاء الفنادق البريطانيين حلوا في المرتبة الثانية ضمن أكثر جنسيات السياح القادمين للإمارة في العام 2012، بإجمالي 686.8 ألف سائح، وحققوا نموًا بنسبة 6.8 بالمئة عن العام 2011. وقد كان العام 2008 عام الطفرة في عدد النزلاء من البريطانيين، إذ بلغ حينها 854.6 ألف شخص.
وحلت المملكة المتحدة أولى بين الأسواق الخارجية المصدرة للسياح إلى أبوظبي، إذ استقطبت الإمارة 140.4 ألف نزيل بريطاني خلال العام الماضي، اي نحو ستة بالمئة من إجمالي النزلاء البالغ عددهم 2.39 مليون نزيل.
وتشغل طيران الإمارات حاليًا 16 رحلة يومية إلى المملكة المتحدة، من أصل 55 رحلة إلى أوروبا. أما الاتحاد للطيران، فتسير ثلاث رحلات يومية إلى لندن ورحلتين إلى مانشستر، ويبلغ معدل إشغال الرحلات بين أبوظبي وهيثرو نحو 70بالمئة.
خطط تصاعدية
ارتفعت الصادرات الاماراتية إلى بريطانيا 57 بالمئة خلال شهر كانون الثاني (يناير) 2013، لتصل إلى 1.4 مليار درهم، في حين انخفضت واردات الإمارات من المملكة المتحدة خلال الشهر ذاته بنسبة 11 بالمئة لتصل إلى 2.28 مليار درهم.
وبلغ التبادل التجاري السلعي بين البلدين خلال العام 2012، بحسب بيانات التجارة البريطانية، نسبة 16 بالمئة، ليصل إلى 45.3 مليار درهم، مقارنة مع 39 مليار درهم خلال العام 2011. وأظهرت البيانات ارتفاع الصادرات الإماراتية إلى المملكة المتحدة خلال العام الماضي بنحو 20.5 بالمئة لتصل إلى 13.14 مليار درهم مقارنة مع 10.9 مليارات درهم في العام 2011، و9.29 مليارات درهم في العام 2010. وبلغ حجم التبادل التجاري السلعي بين الإمارات وبريطانيا خلال كانون الثاني (يناير) الماضي نحو 3.6 مليارات درهم.
وتسعى الدولتان إلى رفع حجم هذا التبادل بينهما ليبلغ عتبة 70 مليار درهم بحلول العام 2015، خصوصًا أن الإمارات هي أكبر سوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للصادرات البريطانية، وهي الشريك التجاري السادس عشر لبريطانيا في العالم، في حين تأتي بريطانيا في المركز التاسع ضمن قائمة أكبر الشركاء التجاريين للإمارات.
كما استثمرت شركة بريتش بتروليوم نحو 5.14 مليارات درهم في قطاع النفط في أبو ظبي خلال السنوات الخمس الماضية، وتخطط لاستثمارات إضافية خلال العامي 2013 و2014.
حصة رياضية
على الصعيد الرياضي، تمكن الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات، ومالك نادي مانشستر سيتي، من الوصول بالفريق إلى عالم الكبار، إذ نجح في تغيير موازين القوى في الكرة الإنكليزية منذ أن حصل على ملكية مان سيتي في العام 2008.
فبعدما قرر خوض التحدي، نجح في نزع صفة الجار الصغير المزعج عن مان سيتي، وهي الصفة التي كان يطلقها عليهم الجار الكبير مانشستر يونايتد، ليبدأ سيتي في تحقيق الانتصارات والحصول على البطولات، وأهمها لقب الدوري الإنكليزي في الربيع الماضي، وهو اللقب الأول للفريق منذ موسم 1967 ndash; 1968. ومنذ هذا الوقت أصبح سيتي من أكثر الأندية إثارة للشغف العالمي.
هذا وقررت الشركة المالكة لسيتي تطوير المنطقة المحيطة بملعب مدينة مانشستر باستثمارات تصل إلى مليار جنيه استرليني، ما يعني أن الوجود الإماراتي في بريطانيا قوي رياضيًا كما هو اقتصاديًا واستثماريًا وتجاريًا، ما يعزز العلاقات الإماراتية البريطانية.