أوصت الأمم المتحدة في تقرير لها بالإقبال على أكل بعض الحشرات لما تحتويه على مواد غذائية غنية للإنسان، مؤكدة أنه الحل الأمثل لمكافحة آفة الجوع المتفشية في العالم، كما إنها لفتت إلى فائدة أخرى مرجوة من تناولها وهي مكافحة التلوث البيئي.


صلاح أحمد: يبدو أن الأمم المتحدة عثرت على سلاح جديد يضاف إلى عتادها المخصص لمحاربة الجوع ورفع مستوى التغذية ومكافحة تلوث البيئة. لكن إذا كان المرء يسعد لدى سماعه أي شيء يتعلق بالمساهمة في حل مشكلة الجوع في عالم يتزايد عدد سكانه بشكل مستمر ومضطرد، فإن الحل المقترح من الهيئة الدولية هذه المرة لن يروق كل الأذواق... لأن الأمر يتعلق بأكل الحشرات!.

ليس جديدًا على البشر

في تقرير من 200 صفحة أصدرته laquo;منظمة الأغذية والزراعةraquo; (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، يرد تشديد غير مسبوق على هذه المخلوقات ndash; كالجنادب والنمل والصراصير ndash; باعتبارها مصادر وافرة وغنية بالمواد الغذائية، ليس للماشية والحيوانات الأليفة وحسب، بل للإنسان أيضًا.

يقول التقرير، الذي صدر خلال مؤتمر صحافي عقدته المنظمة في روما، وتناقلت فحواه صحف بريطانية الأربعاء، إن أكل الحشرات ليس جديدًا على البشرية. وتأتي بمثال لذلك في أن ما يربو على ملياري شخص في مختلف أنحاء الدنيا يكملون غذاءهم اليوم بتناول الحشرات. وأشار إلى أن العلم أثبت ثراء هذه المخلوقات بمستويات عالية من المواد المعدنية والبروتينات.

فوائد شتى

جاء في التقرير أيضًا أن الحشرات laquo;بالغة الكفاءة في ما يتعلق بتحويل ما تتغذى عليه إلى أجسام صالحة لأكل البشر. وفي المتوسط فهي قادرة على تحويل كل كيلوغرامين من غذاء إلى 1.1 كيلوغرام من أجسامها. وبالمقارنة فإن الأبقار تحتاج 8 كيلوغرامات من الغذاء لكل كيلوغرام واحد من لحومهاraquo;.

يضاف إلى هذا أن الحشرات أداة فعّالة ورخيصة لمكافحة تلوّث البيئة أيضًا. فالأرجح لمعظمها أن تبعث بمستويات منخفضة (مقارنة بغيرها) من الغازات الضارة المسؤولة عن الاحتباس الحراري. كما إنها تتغذى على مخلفات الإنسان والحيوانات، وتؤدي دورًا مهمًا في تسميد التربة اللازمة للإنتاج الزراعي.

تربية

وفقًا للأمم المتحدة، فإن وفرة الحشرات كمصدر رخيص نسبيًا للغذاء ومحاربة الجوع العالمي أمر يمكن التحكم فيه بالتربية المُمَكْنَنة، تمامًا كما يحدث ndash; على سبيل المثال - في مجال صيد الأسماك، حيث يربّيها الصيادون طُعْمًا لصيدهم.

ولحسن الحظ، كما تقول الهيئة، فإن الحشرات laquo;موجودة في كل مكان، وتتوالد بسرعة كبيرةraquo;، بما يعني أنها مورد شبه دائم لحل إحدى أكبر وأخطر المشاكل التي تواجه البشرية.

لماذا الحشرات؟

التقرير الصادر من laquo;الفاوraquo; يشدد على أن الحشرات تتميّز بمستويات عالية من المواد الغذائية مقارنة بمصادر أخرى، مثل اللحم والدجاج والأسماك. على هذا النحو فهي ضرورية ndash; على الأقل كغذاء تكميلي ndash; للأطفال الذين يعانون سوء التغذية.

الحشرات أيضًا مصدر هائل للمواد المعدنية، التي لا يستطيع الجسد البشري العمل بغيرها، مثل الحديد والنحاس والمغنيزيوم والمنغنيز والفسفور والزنك، إضافة إلى كونها رافدًا مهمًا للألياف.

ويقول التقرير إن مشروع الأمم المتحدة المسمّى laquo;الحشرات القابلة للأكلraquo; يضم مصادر أخرى لمكافحة الجوع لا تصنّف، من الناحية العلمية البحتة، في خانة الحشرات، مثل العناكب والعقارب.

ما مذاقها؟

الأبحاث التي أجريت في مختلف الجامعات والمختبرات، واستند إليها تقرير الوكالة الدولية، تتفق جميعًا على أن للحشرات القابلة للأكل (الخنافس والصراصير مثلًا) تقاربًا في بعض الأشياء، مثل لحوم الأبقار والسمك المغلي، عندما يتعلق الأمر بالقيمة الغذائية لكل غرام واحد. لكن السؤال المهم أيضًا هو: ما طعمها، وهل يستسيغه الإنسان؟.

في معرض إجابتها عن هذا السؤال، تشير laquo;الفاوraquo; إلى أن بعض فصائل اليراق في جنوب أفريقيا وبيض النمل في مناطق عدة في جنوب شرق آسيا ndash; على سبيل المثال وليس الحصر ndash; تعتبر محلياً أكلات laquo;راقيةraquo;، ويحصل باعتها، في حالة إعدادها بشكل جيد، على أثمان باهظة، يدفعها فقط ميسورو الحال.

أكلات غير مألوفة حول العالم

إذا كان منا من يتقزز لفكرة أكل الحشرات فقد يجد أيضًا أن العالم يعجّ بمئات الأكلات، التي يعتبرها خارجة تمامًا عمّا يألفه، وقد يصنّفها في الخانة نفسها. وهنا أمثلة قليلة:
* أصابع القرود المقليّة (أندونيسيا)
* لحم الوطواط (أندونيسيا)
* لحوم الفئران والجرذان (تايلاند)
* قضيب الثور (دول آسيوية عدة)
* عُرف الديك (إيطاليا)
* لحم الكلاب (الكوريتان والفيلبين خصوصًا، وإن كان شائعًا في مناطق أخرى في الشرق الأقصى)
* لحم القطط المدخّن (هونغ كونغ)
* البيض المقلي المغمس بدم الخنزير الطازج (المجر)
* مخ السنجاب (جنوب الولايات المتحدة)
* عجّة الدم ومقانق الدم (مختلف الدول الأوروبية)
* الدم المجمّد (الصين)
*خصية الخروف (بعض دول الشرق الأوسط)
* الحليب بدم البقر (قبائل الماساي الكينية والتنزانية)
* أفخاذ الضفادع (فرنسا)
* الحلزون (فرنسا ودول أوروبية أخرى)
* laquo;الهيغيزraquo; وهي أمعاء الخروف (إسكتلندا ودول أخرى)
* البتشا (أظلاف الماشية، وهي أكلة يهودية، تنتشر في العديد من مناطق شرق أوروبا والشرق الأوسط، وتعرف باسم laquo;الكوارعraquo;)
* لحوم الثعابين (دول عدة في الشرق الأقصى)
* لحوم التماسيح (أستراليا ونيوزيلندا)